هذا مقال اعجبني للكاتب عبدالله المغلوث
حبيت اعرضه لكم
أتوق لأن أتسلق لوحات شركة الاتصالات الإعلانية المزروعة في الشوارع وعلى الأبراج؛
لأضع الهمزة المفقودة في عبارة (الحياة أسهل) المرافقة للهوية الجديدة للشركة.
غياب همزة القطع في الشعار الجديد ليس الملاحظة الوحيدة على هوية شركة الاتصالات، فهناك الكثير من الأسئلة التي تقطنني حولها
فلا نعلم من أين هطلت الألوان الرئيسة للشعار الجديد وهي: البنفسجي، والأصفر، والوردي؟ كما لا نعلم معناه، ولم نفهم مغزاه
إن من أبرز عناصر أي شعار(لوقو) ناجح: الفكرة، والوضوح، والبساطة
وشخصيا أرى أن شركة الاتصالات أخفقت تماما في ذلك. فمن يرى شعارها للوهلة الأولى فسيعتقد أنه أمام لغز وليس (لوقو) يعكس طبيعة عمل الشركة واهتماماتها
الشعار من المفترض أن ينطق. ولا يحتاج إلى دليل يشرحه ويفسره. ولا مجهر لترى تفاصيله الدقيقة والعميقة. ولا مصحح لغوي يراجعه ويصوبه بعد خروجه إلى النور
ليست شركة الاتصالات وحدها التي اقترفت شعارا محزنا مؤخرا، فالجامعات السعودية الجديدة وفرق دوري المحترفين اقترفت شعارات عبأتنا كآبة وضيقا
فوجود الكِتاب في معظم شعارات الجامعات السعودية الجديدة يعكس تقليديتها وعدم عصريتها كأنها صممت قبل 5 عقود خلت
فكل منا يعلم أن الكتاب التقليدي يحتضر. ولن يبقى بهذه الصيغة والزخم في العقود القليلة القادمة إثر ازدهار النسخ الإلكترونية وتفشيها
ليس الكتاب وحده مصدر انزعاجي في تلك الشعارات بل الألوان النزقة أيضا
فهي تؤذي البصر والبشر. فشعار جامعة تبوك، تأسست عام 2006م، يبدو ككتاب مفتوح مضيء
مما يوحي أنه شعار قديم لمعرض كتاب وليس جامعة حديثة تتألف من كليات نظرية وتطبيقية
أما شعار جامعة الطائف، تأسست عام 2003م، فتبرز فيه صورة طريق معبد يتصل بكتاب شاهق كأنه شعار لمؤتمر لوزارة النقل
أما في شعار جامعة حائل ، تأسست عام 2005م، فتبدو الكتب كأنها تدخن، كأنها تسعل
وشعارات الكثير من الفرق السعودية في دوري المحترفين تتجاوزها تواضعا. ففي شعار فريق الوطني يظهر شاب كأنه يرقص باليه
أما كرة القدم فتظهر كمعتقلة في شعار فريق نجران. فهي محاصرة في قفص من ألوان. أما شعار فريق الوحدة فهو مزيج من شعاري القشطة الشهيرة، وفريق مانشستر يونايتد
من يطلع على شعاراتنا فسيجزم أنها سُلقت (باللام وليس الراء). يقول نجل رئيس نادي الوحدة، رامي تونسي لصحيفة الاقتصادية، الثلاثاء 23 سبتمبر 2008، العدد 5461
في إجابة عن شعار فريق الوحدة لدوري المحترفين الذي صممه
"اطلعت على شعار النادي الرئيس ووضعته أمامي حتى أتخيل كيفية الوصول إلى شعار خاص بفريق كرة القدم لتقديمه إلى هيئة دوري المحترفين السعوديين
رسمت الشعار على الورق بعد تفكير طويل، وذهبت إلى متخصص في الفوتو شوب في جدة لرسم الشعار عبر الكمبيوتر، وعدلت عليه أكثر من مرة حتى وصلت إلى الشكل المناسب"
تخيلوا ابن رئيس النادي هو من يقوم بتصميم الشعار وليس مصمم أو شركة متخصصة، مما يعكس طريقة صناعة الشعارات في وطننا؟
يعتقد المصمم الأمريكي الشهير ريموند لوي، الذي توفي عام 1986م، أن " التصميم العظيم هو الذي ينام في ذاكرتك فور مشاهدته. بسيط لكنه مختلف ومشوق"
ويعتبر ريموند الذي صمم شعارات أهم الشركات العالمية كأيكسون وشل
والعديد من عبوات كوكا كولا وقطارات بخارية عديدة أن الشعارات كالوجوة يجب أن ترسم بذكاء وتأن
حتى لا تمل ولا تقذف بالكلمات واللكمات. يتذكر لوي أنه رقد في المستشفى مرتين خلال تصميمه شعار شركة(شل) عام 1971م
قال لـ(الدايلي تلجراف) بعد أن شُيد له تمثال في موطنه الأصلي فرنسا: "لا أستطيع النوم قبل أن تولد الفكرة في رأسي لذلك أمرض ومن حولي دائما
لكن أنا سعيد الآن لأن العالم كله يعرف (قوقعتي)" ويقصد شعار شل
لن أسترسل كثيرا في تجربة ريموند وغيره من المصممين العالميين. دعونا نلتفت يمينا. طالعوا الصحف الإماراتية
ستمتلئون بشعارات احترافية تدخل البهجة إلى النفوس. لماذا؟ لأن رجال الأعمال والمسؤولين هناك يدركون
أهمية الشعار ويكلفون متخصصين لتصميم شعارات شركاتهم ومؤسساتهم وليس أبناءهم أو جيرانهم
لدينا شعارات جذابة، لكنها محدودة، محدودة جداً
الزائر لوطننا قد لا يدخل منازلنا ليتعرف على ذائقتنا، لكن سيتنزه في صحفنا وشوارعنا وسيحكم علينا من خلالها. فلندعه يبتهج ولا (يهج)
من وارد ايميلي
المفضلات