هذا مكفهر الوجه، وذاك مقطب الجبين وكأنه الوحيد الذي يحمل هما!. وآخرون مستفزون ولا يتطلب انفجار غضبهم سوى ذرة غبار أو نظرة ما!. لم يكن يبتسم في تلك الظهيرة الملتهبة غيرهم وحدهم كانوا الأسعد حالا. يتكلمون بلا صوت، ويضحكون بكل معاني الارتياح. وحدهم في تلك اللحظة كانوا الأجمل. حينما توقفت بينهم رمقوني بعيون حب وود ما عهدته. وما كلفوا أنفسهم بغير الابتسام لي. وعندما هممت بالكلام بادروني بإشارة تلزمني الصمت. والحديث معهم بصمتهم المتكلم. أحدهم أشار: أنا أقرأ وأنت أكتب ما تريد وسأكون المترجم. وبدأت,, وكان حوارا ممتعا رغم انه تم تحت لهيب الشمس في عرض الطريق؟
شباب يتحدثون بالإشارة ويتألمون بالإشارة ويتنفسون أيضا بالإشارة انهم شباب رائعون.
(مازن سلمان المحمادي)
كان الوسيط بيني وبين أحبته فهو يقرأ ما يكتب لكنه لا يجيد الكتابة قال:
نحن أربعة أصدقاء منذ زمن طويل لم نفترق إلا في أوقات محدودة حتى أننا نعمل سويا في شركة واحدة هل أحدثك عن قصة عملنا،، :
سنوات طويلة من البحث و من التردد هنا و هناك و لم يفكر أحد ممن طرقنا أبوابهم في توظيفنا؟
كانوا يظنون أننا لا نملك من المهارات كبقية الناس وهل الإنسان حينما يكلف بعمل يعمل بفمه وأذنه و لسانه أم يعمل بعقله وقدراته؟
سؤالكان يقتلنا ألما طيلة تلك السنوات الطويلة التي كنت و أصدقائي هؤلاء نقضيها في البيت ننام ونأكل فقط حتى ضاقت علينا الأرض بما رحبت لكن أخيرا فرجت عندما التحقنا باحدى الشركات وتوظفت أنا أولا ثم أحضرت بقية أصدقائي عندما أتقنت ما تم تكليفي به من مهام جعلتهم يقتنعون أن لدينا القدرة على إنجاز ما يوكل الى الآخرين من أعمال، و لم أشعر أو يشعر أصدقائي بأي عائق في ذلك، و كما ترى نحن نأتي يوميا إلى هذا المطبخ و نتناول غداءنا سويا في الساعة التي يسمح لنا فيها بالغداء ثم نعود إلى مقر الشركة من جديد.
سلطان عبد الله المولد يتدخل قائلا :
لم يحدث قط أن شكونا للآخرين معاناتنا، نحن نتحمل في صمت وقد صبرنا كل هذه المدة حتى فرجها الله علينا بالعمل سويا.
أما عن سر سعادتنا هذه التي تقول فنحن هكذا لا نحمل في صدورنا غير الفرح، وحتى الحزن إن ألم بأحدنا نتقاسمه سويا ولفترة ثم نترك الحزن في وقته ولماذا نحزن ونحن نعلم أن هذا هو حال الدنيا وكل ما يصيب الانسان مقدر يؤجر عليه.
أنا أرى كثيرا من الناس في هذا الحال و أنظر حولك الكل مستعجل و الكل متضايق ولا أدري لماذا ؟
يشاطره (عادل مصلح المالكي) قائلا:
نحن لا ينقصنا شيء وصحيح أننا تعبنا كثيرا في الحصول على وظيفة لكنه ذهب ولا نفكر حاليا إلا في الزواج؟
- قاطعته قائلا:
- وهل تتوقع يا (عادل) أن تجدوا عروسا لكل واحد منكم؟
ردّ بابتسام:
-ولماذا لا ؟
وظيفة و حصلنا عليها والعروس أيضا بإذن لله سنحصل عليها
إنما السؤال المفروض هو متى سنتزوج؟
المشوار طويل وتأسيس مشروع المستقبل هذا يحتاج إلى سنوات وسنوات، لكن كل واحد منا يرتب في كل عام شيئا ويبني خطوة نحو ذلك المشروع؟
(فهد عبد الرحمن الجودي) صديقهم الرابع أشار لـ(مازن) بأن الوقت بدري وأن الله سوف يرتب كل شيء.
باغتهم بسؤال عن مواصفات العروس.
ضحك الجميع و هز (فهد) رأسه معبرا عن فهمه الجيد للسؤال وقال:
-ليس بالضرورة أن تكون العروس مثلنا لا تستطيع الكلام أو السمع
هذا لا يمثل لنا جميعا مشكلة؟ فقط عروس تخاف الله ذات خلق ودين هذا يكفي أما بالنسبة للغة الإشارة فكل واحد منا سوف يعلم عروسته بطريقته الخاصة؟ بل هي سوف تتعلمها تلقائيا مع الأيام إنما ومثلما قال لك أخي (فهد) حينما يحين ذلك الموعد سوف يرتبه الله وإن كان هناك من يتزوج قبلنا فهو (مازن) لأنه أخونا الكبير ونود أن نفرح به أولا لتقديرنا وحبنا له؟
وصمت (فهد) حينما أخرج (مازن المحمادي) جواله بل توقفت عن الحديث معهم منبهرا من هؤلاء الشباب.
تجاهل (مازن) المكالمة وأحس باستغرابي فأخرج الجوال و أشار إلى الكاميرا قائلا:
نحن نستخدم الكاميرا في التخاطب.. فحالما يهتز الجوال نشعر به ويكون الطرف الآخر غالبا من أصدقائي هؤلاء أو غيرهم..
- وقيادة السيارة؟ قلت هذا حينما عرفت أن (مازن) و(سلطان المولد) يملكان سيارتين قال مازن:
- لازلت أسدد أقساطها وكذلك (سلطان) نحن نقودها ولا نواجه مشكلة في قيادتها
تدخل (سلطان) قائلا:
- لكن للاسف أنني لا أحمل رخصة قيادة، وهذه إحدى المشاكل وقبل أن يتم (سلطان) كلامه أشار (عادل) إلى ساعته طالبا إيقاف الحوار بسبب رغبتهم في عدم التأخر عن موعد الفترة المسائية للعمل بالشركة قائلا:
- أعذرنا فنحن دقيقون جدا في الحضور قبل موعد العمل وملتزمون جدا بموعد الدوام الرسمي في شركتنا لأننا هكذا تعودنا وهكذا تربينا
(من أخذ الأجرة حاسبه الله بالعمل).
قلت:- لكن هناك الكثير والكثير مما أود السؤال عنه ابتسم (سلطان) وقال:
- ليكن في توقيت آخر نحن دائما نلتقي في هذا المكان...
- ولكن يا سلطان لست من سكن هذا المكان وإنما كنت عابرا وربما لا يتسنى لي اللقاء بكم مجددا.
اكتفوا بمصافحتي وغادروا باعتذار.
المقال ل ( حسين الحجاجي )
المفضلات