[frame="13 10"]
محمد سيد البشر صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}(القلم).
إنّ الله تبارك وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق فكان عليه الصلاة والسلام لا يسبق جهله حلمه، أي أنّ الله تعالى جعل خلقه الحلم فكان يخالق الناس بخلق حسن، وجمّل صورته بأن جعله أجمل خلقه.
فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن الشمس تجري في وجهه وإذا ضحك يتلألأ في الجُدُر”.
وقال أنس رضي الله عنه: “كان أحسن الناس خلْقا وأحسنهم خُلقا".
نسب النبي محمد وكنيته :
هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأمه آمنة بنت وهب.
وأما كنيته المشهور بها: "أبو القاسم".ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة منها: قوله عليه الصلاة والسلام: "لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس عند قدمي، وأنا العاقب". رواه مالك وأحمد والبخاري والترمذي والدارمي ومسلم.
صفة النبي محمد خير خلق الله وأجملهم:
كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أبيض مشرقا مشربا بالحمرة، واسع العينين، شديد سواد الحدقة وشديد بياضها إلا أنه كان يخالط بياض حدقته خطوط حمر، دقيق الحاجبين يكاد يكون أقرن من غير قرن، والقرن هو اتصال الحاجب بالحاجب فهو لم يكن أقرن لكن كانت حاجباه متقاربتين من غير اتصال، أكحل العينين، أجلى الجبهة لم يكن شعر رأسه نازلا إلى الجبهة بل كانت مكشوفة واسعة، واسع الجبين، والجبين هو الجانبان من الوجه، كثّ اللحية سهل الخدين، ضليع الفم، شديد سواد الشعر لم يكن له من الشيب إلا نحو عشرين شعرة أهدب الأجفان أي أجفانه كانت طويلة وافرة أشمّ الأنف لم يكن أنفه غليظا بل كان مستويا مرتفعا من أعلاه وأسفله، في وجهه تدوير، بعيد ما بين المنكبين، سواء البطن والصدر، ذا مسربة وهي الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة كالقضيب، حسن الجسم، شئن الكفين والقدمين لم تكن كفه خفيفة نحيفة وكذلك قدماه بل كانتا غليظتين، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، حسن الصوت، منهوس العقبين أي قليل لحم العقب بين كتفيه خاتم النبوة، إذا مشى تقلّع كأنما ينحط من صبب أي يمشي بقوة، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، وكان النبي محمد يسدل شعر رأسه، ثم يفرقه، وكان يسرّح لحيته، ويكتحل بالإثمد كل ليلة ثلاثا عند النوم.
أخلاق النبي محمد عليه الصلاة والسلام:
كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأحسن الناس خَلْقا وخُلقا، وألينهم كفا، وأطيبهم ريحا، وأكملهم عقلا، وأحسنهم عشرة وأشجعهم، وأعلمهم بالله، وأشدهم لله خشية، لا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل، وكان النبي محمد خلقه القرءان، وكان النبي محمد أكثر الناس تواضعا، يخفض جناحه للضعفة، وما سئل النبي محمد شيئا قط فقال لا، وكان أحلم الناس، وأشد حياء من العذراء في خدرها، والقريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق سواء، وما عاب النبي محمد طعاما قط إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، وكان النبي محمد يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ويرقع الثوب، ويعود المريض ويجيب من دعاه من غني وفقير، ودني وشريف ولا يحقر مؤمنا، ويتكلم بجوامع الكلم، ولا يقعد ولا يقوم إلا على ذكر الله، ولا يدع أحدا يمشي خلفه، وكان النبي محمد يأمر بالرفق ويحث عليه، ينهى عن العنف، ويحث على العفو والصفح ومكارم الأخلاق.
أخي المسلم: لقد جمع الله سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم كمال الأخلاق ومحاسن الشيم، وآتاه علما واسعا وما فيه النجاة والفوز، وهو أميّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا معلم له من البشر وآتاه الله ما لم يؤت أحدا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين، ونحن هنا لم نذكر إلا القليل في كمال سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الأمين صلوات الله عليه وسلامه الدائمين إلى يوم الدين.
اللهم خلقنا بأخلاق الحبيب المصطفى النبي محمد واجعلنا من أتباعه الصالحين الصادقين العاملين على خطاه.
من أخلاق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : الحلم والصبر والعفو والشجاعة
إنّ الحلم والاحتمال والصبر والعفو معانيها كلها متقاربة فهي كلها مما أدّب الله به نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال تعالى : { خُذ العفو وامُر بالعُرفِ وأعرِض عن الجاهلين } سورة الاعراف.
والعرف هو كل ما فرض الله فعله أي كل الواجبات الدينية.
وإنّ المطالع لسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الاعظم يعلم إنّه كان من صفاته أن يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويحسن الى من أساء اليه وإنّه كان لا يزيده كثرة الاذى عليه إلا صبرا وحلما.قال تعالى في خطابه للرسول عليه الصلاة والسلام :{ فاصبرْ كما صبَر أُولوا العزمِ من الرسلِ } (سورة الاحقاف, آية:35).
تقول السيدة الجليلة عائشة زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وصفه صلى الله عليه وسلم :" وما انتقم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله في شيء فينتقم بها لله " رواه البخاري.
ومن آثار صبره وعفوه أنّه يوم أحد ابتُلي بلاء شديدا فقد كُسرت رباعيته وشج رأسه الشريف حتى شق ذلك على أصحابه شقا شديدا فقال عليه الصلاة والسلام :" اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون" فانظر، أخي المسلم، ما في هذا القول من جماع الفضل ودرجات الاحسان وحسن الخلق وغاية الصبر والحلم إذ لم يقتصر على السكوت عنهم بل ودعا لهم، أي للمشركين، بالهداية فقال " اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون".
ولما تصدى أحد المشركين وهو غورث بن الحارث ليفتك بالرسول صلى الله عليه وسلم والرسول نائم تحت شجرة وحده فلم ينتبه إلا والرجل والسيف في يده فقال المشرك للرسول " من يمنعك مني " فقال له عليه الصلاة والسلام بلسان التوكل واليقين " الله " فسقط السيف من يده فأخذه النبي وقال للرجل " من يمنعك مني " قال " كن خير آخذ " فتركه وعفا عنه فرجع ذلك المشرك الى قومه وقال لهم " جئتكم من عند خير الناس ".
ومن أوصاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الشجاعة والنجدة وكان النبي محمد عليه الصلاة والسلام منهما بالمكان الذي لا يُجهل وقد حضر المواقف الصعبة وفرّ الكُمَاةُ والاشداءُ عنه غير مرة وهو صلى الله عليه وسلم ثابت لا يبرح ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح. وقد روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
وروى البيهقي عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في شجاعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في المعارك " إنا كنا إذا اشتد البأس واحمرت الحُدُق اتقينا برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب الى العدو منه ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو ".
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أشد الناس يومئذ بأسا.
ويوم حنين لما التقى المسلمون والكفار ولّى بعض المسلمين مدبرين و الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يفر فطفق عليه الصلاة والسلام يُركض بغلته نحو الكفار وأبو سفيان آخذ بلجامها يكفها بغية أن لا تسرع والرسول محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم يقول " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب". رواه البخاري.
أخي المسلم، ما أجمل أن تقتدي بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن تكون صاحب حلم وصبر وعفو وشجاعة تصبر على أذى الناس وتعفو عمن أساء اليك وتدافع عن دين الله بإقدام وشجاعة.
حب الخير للغير
حب الخير للغير
قال أحد العارفين بالله: اعملوا بالحديثِ الصحيحِ: "لا يُؤمنُ أحدُكُم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسهِ منَ الخيرِ"، فَمنْ صِفةِ المؤمنِ الكاملِ أنْ يحبَّ لأخيهِ الخيرَ كما يحبُ لنفسهِ ويكرهَ الشرَّ لأخيهِ كما يكرهُ لنفسِهِ، فمن أرادَ الإيمانَ الكامِلَ فهذا سَبيلُهُ والذي يَعِينُ على ذلك مخالَفَةُ النَّفسِ في هَوَاها، وتحملُّ الأذىَ مِنَ الغيرِ ودَفْعُ الشَّخصِ أَذَاهُ عَنْ غَيرِه، وهذا هو السبيلُ الموصِلُ إلى ذَلِك.[/frame]
كما يحبُّ الوَاحِدُ منَّا أنْ يُعَامِلَه النَّاسَ بالصِدقِ والوَفَاءِ وَالأَمَانَةِ فَليُعَامِلْ هو الناسَ بذلك، وَمَن أرادَ الوصولَ للمعالي فَعَلَيْهِ بقهرِ نفسِهِ حتى يكونَ عامِلا بهذا الحديثِ فيكون من أهلِ الدرجاتِ العُليا والمقاماتِ السَنيةِ.
المفضلات