الحوار هو المصدر الفعّال والغني لمزيد من المعرفة والاطلاع ، بل للحوار صفة رائعة تتمثل في معرفة الانسان المتحاور لنفسة وامكانياته الثقافية والمعلوماتية من خلال الطرف المتحاور معه ..

ولو عدنا الى التجربة الاسلامية لوجدناها من اهم التجارب التي اسست حضارتها على الحوار والاستفادة منه ..

لقد تأثرت الحضارة الاسلامية من خلال فتوحاتها بالحضارات الآخرى كالفارسية والرومانية وحضارة بلاد الرافدين وبلاد الشام ، كما اثروا بتلك الحضارات من خلال ما اخذوا منهم واعطوهم ...

أن الحوار والتفاعل بين الجماعات يقود إلى الإبداع والمعرفة ، حيث الفرد يجف وينشف ويجمد إذا لم يتفاعل مع الآخرين وإذا لم يأخذ وإذا لم يعط ، فالإنسان بطبيعته يتعلم ويُعلم في الوقت نفسه، فيعطي ما عنده من معلومات ويأخذ من غيره ما لايعرفه ..

إن الإنسان الجامد المتحجر المتطرف، الذي يعتقد أنه يملك كل الحقيقة وليس له ما يأخذه من الآخرين فيحكم على نفسه بالمزيد من الجمود والتحجر والتطرف وضيق الأفق وبؤس التجربة، كما يحكم على نفسه بالتخلف والشلل الثقافي وهكذا أيضاً الشعوب التي تنغلق على نفسها وتخاف من التفاعل والتأثير والتأثر...

ومَن ينظر حوله يجد عجباً، أن الشعوب الراقية جداً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، هي الشعوب الأكثر إصراراً على بناء علاقات التفاعل والتواصل مع الشعوب الأخرى والحضارات الأخرى. المتطرفون والضعفاء والأغبياء والمحبطون والمصابون بعقدة النقص هم الذين يخافون من التفاعل مع الآخرين، وأحياناً يكرهون التواصل مع الآخرين بوصفه خطراً عليهم وعلى حضارتهم ...

الحوار الحقيقي يتطلب الإدراك أن المعرفة هي المعلومة والثقافة ، وأن الجهل هو نقيض المعرفة، وإننا بإرادتنا أن نزيد معرفتنا باستمرار، أو نقف مكاننا جامدين، فيتقدم الآخرون ونتخلف نحن...

الحوار يتطلب مسبقا أن تشعر كل أطراف الحوار بالاحترام أحدها للآخر او الآخرين، وبإمكانه أن يكون لديهم شيء نافع ، شيء جديد ، إذا تعرفنا عليه نغني ثقافتنا ومعلوماتنا...

الحوار يتطلب أن تنظر إلى الإنسان، كل إنسان، على أنه قادر وجدير بالاحترام، أن ننظر إلى كل شعب على أنه قادر أن يبدع غير ما نبدع نحن، ولذلك نحن بحاجة إليه، وهو بحاجة إلينا...

الحوار هو عدو الجهل، وهو عدو التقوقع، وهو عدو التطرف، وهو عدو العنصرية. الحوار هو ما يعلمنا أن الإنسانية جمعاء هي كيان واحد ، وكل ما يعرقل أو يعطِّل الحوار فهو كارهٌ لنفسه وللآخرين ولا يريد ان يتعلم كما لا يريد للآخرين التعلم لذا يجب أن تتضافر كل الجهود لنصحه او ابعاده حتى تفوت عليه الفرصة بتجميد الآخرين معه .

تحياتي