أخي الحبيب:
* يا من تعصي الله إلى متى هذه الغفلة إلى متى هذا الإعراض عن الله؟ ألم يأن لك أخي أن تصحو من غفلتك؟ ألم يأن لهذا القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) [الحديد: 16]، أعلنها أخي توبةً صادقةً وكن شجاعاً، وكن حقاً عبداً لله تعالى، وهل يكون الإنسان عبداً حقيقياً لله وهو متمرداً على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير.. ألم يأن لك أخي أن تسير في قافلة التائبين؟ هل أنت أقل منهم؟ حاشاك ذلك؟ ألا تريد ما يريدون؟ هل هم في حاجة إلى ما عند الله من الثواب وأنت في غنى عنه؟ هل هم يخافون الله وأنت قوي لا تخافه؟
* ألا تريد الجنة يا أخي؟ تخيّل يا أخي النظر إلى وجه ربك الكريم في الجنة وتخيّل أنك تصافح نبيك محمداً صلى الله عليه وسلّم وتقبله وتجالس الأنبياء والصحابة في الجنة، قال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) [النساء: 69]، وتخيّل أخي نفسك وأنت في النعيم المقيم في جنات عدن بين أنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من خمر وأنهار من عسل مصفى وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، ولك فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك، تخيّل كل هذا النعيم في جنة عرضها السماوات والأرض.
* وتخيّل في مقابل ذلك النار وزقومها وصديدها وحرها الشديد وقعرها البعيد، وعذاب أهلها الدائم الذي لا ينقطع قال تعالى: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) [الحج: 22]، تخيّل كل ذلك لعله أن يكون عوناً لك على التوبة والإنابة والرجوع إلى الله، ووالله إنك لن تندم على التوبة أبداً، بل إنك سوف تسعد بإذن الله في الدنيا والآخرة سعادة حقيقية، لا وهمية زائفة، فجرّب يا أخي هذا الطريق من اليوم ولا تتردد، ألست تقرأ في صلاتك كل يوم (اهدنا الصراط المستقيم) [الفاتحة: 6]، فما دمت تريد الصراط المستقيم فلماذا لا تسلكه وتسير فيه!!
أخي الحبيب:
* إياك إياك أن تغتر بهذه الدنيا وتركن إليها وتكون هي همك وغايتك، فإنك مهما عشت فيها ومهما تنعمت بها فإنك راحل عنها لا محالة، فيا أسفاً لك أخي إذا جاءك الموت ولم تتب ويا حسرةً لك إذا دعيت إلى التوبة ولم تجب، فكن أخي عاقلأ فطناً واعمل لما أنت مقدم عليه فإن أمامك الموت بسكراته، والقبر بظلماته، والحشر بشدائده وأهواله، وهذه الأهوال ستواجهها حتماً وحقاً وستقف بين يدي الله وستسأل عن أعمالك كلها صغيرها وكبيرها فأعد للسؤال جوابأ (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) [الحجر: 92، 93،].
* ووالله إنه لا يليق بعاقل أبداً أن يلهو ويلعب في هذه الدنيا ويعصي الله وأمامه مثل تلك الأهوال العظيمة، ووالله إنها لأكبر فرصة أن أمهلك الله وأبقاك حياً إلى الآن وأعطاك فرصة للتوبة والإنابة والرجوع إليه فاحمد الله على ذلك ولا تضيع هذه الفرصة وتب إلى الله ما دمت في زمن المهلة قبل النقلة، وتذكر أولئك الذين خرجوا من الدنيا ووالله لتخرجن أنت منها كما خرجوا، لكنك أنت الآن في دار العمل وتستطيع التوبة والعمل، وأما هم فحال الكثيرين منهم يتمنى الرجوع والتوبة ولسان حالهم يقول كما في قوله تعالى: (يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون) [الأنعام: 31]. فاحذر أخي أن تغلط غلطتهم فتندم حين لا ينفع الندم. وانقذ نفسك من النار ما دام الأمر بيدك قبل أن تقول: (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) [المؤمنون: 100]، فلا تجاب حينها لذلك. فإني والله لك من الناصحين وعليك من المشفقين.
إذا ما نهاك امرؤ ناصـح عن الفاحشات انزجر وانتهي
إن دنيا يا أخي من بعدها ظلمة القبر و صوت النائحي
لا تساوي حبة من خردل أو تساوي ريشة من جانحي
منقول للفائده
المفضلات