تكاد الأحلام التي نسطرها هنا و هناك تتشابه مع حركة مصيرية يسودها الإنعزال و السوداوية
التي تقبع في النفوس و كأنها أزمات تسحق المشاعر و تساعد على موات الأفئدة .
لم ينحصر الشتات الذي يغالبنا في اربعة إتجاهات معروفة بل أضحى يضاهيها الى أربعة و أربعين
اتجاه فكيف نبدأ و بمن نستقبل ؟
كان يقال لنا قومية و أمة عربية واحدة و كان يقال حرية و رسخت في نفوسنا الاشتراكية في مرحلة
مضت و لازالت عالقة بمصائر الملايين ، لا زال يقال شفافية و بعثية و يمينية و يسارية و كل شيء
محتوى في جبهة تقدمية ، و ظهرت التعددية في الاقتصاد و الأديان ، و ماثلها كذلك في الحكام
و الحكومات و ممثلي الشعب المنكوب في برلمان ذو زجاج (fumer) يشبه زجاج سيارات كافة
و كافة المسوؤلين في وطننا الكبير ، و كنا نظن أنهم برغم الضبابية المحيطة بالأوضاع المزدرية
سوف يرون ما يجتاحنا من أزمات و قهر و تداعي ، وفقر و عوز و فاقة أعمت البصائر و حطمت
الأحلام التي تزحف من الأنامل إلى المخ و المخيخ كحشرة أم أربعين المعروفة في حدائق
لم تشيد سوى لبعض الأطفال و ليس كلهم .
و لايزالون ينفخون فينا الكلمات الكبيرة التي فقدت مع الوقت البريق و لازالت قوة مسيطرة
بالسيف و السكين على أرقاب العباد ( نحن لا نسكت عن الأخطء ولا نريد لأحد أن يتستر على
العيوب ) و بارتفاع الجواب و القرار في حناجر المسؤولين إلا أن العيوب في استشراء و الأخطاء
في تفاقم مريب ورهيب .
لم يعد يهم المواطن الساعي وراء رغيف عيشه ما يُرتسم من عبارات ولا من اتجاهات قد تفوق
الخمس و الخمسين ، لأنه في مضمار ماراثون فقط من أجل البقاء و العيش ولو ضمن أدنى
معدلات الاحتياج اليومي بغض النظر عن الحاجات و الرغبات و غيرها مما يسمى ترفيه ..
و بنفس الوقت لا يزال النهب قائم و الاستغلال سائد و جيوب المترفين لم تعد تتسع للمزيد
من المليارات و التريليونات مما دعاهم الحال للجوء الى بنوك دول العم سام .
وليس آخراً ... هي أزمنة أم اربعة و أربعين اتجاه ، قد لا يكون محموداً ذكرها كلها و لكن كان
من الأهمية التعريج عليها .
فحكومات الأزمنة المتعاقبة و المتوالية لا تزال حريصة على طرح المزيد من الاتجاهات ربما يدركها
جيل يأتي بعدنا هذا إن سلمنا و سلموا من الموت القهري و العجز المالي و الانتفاع محدود فقط
لحكومات يرغب بعض المختصين بقراءة علم المستقبل بـ تصدير أمثالها للدول المتحضرة
لتتعلم حكوماتهم كيف الانتفاع يكون على أكتاف شعوب لا تملك من كافة الاتجاهات سوى
اتجاه واحد فقط آلا وهو ( laissez nous vivre ) .
المفضلات