[frame="1 80"]
[/frame]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى ,, وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا بأس باستقبال المعزين
س: ما رأي سماحتكم فيمن يجلس بالمنزل لاستقبال المعزين ، مع العلم أن كثيرا من المعزين لا يتمكنون من القيام بالعزاء إلا في المنزل؟
ج: لا أعلم بأسا في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه ، أو زوجته ، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب ؛ لأن التعزية سنة ، واستقباله المعزين مما يعينهم على أداء السنة؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ، أو الشاي ، أو الطيب ، فكل ذلك حسن.
حكم جمع أهل الميت
في صف واحد حتى تتم تعزيتهم
س: يقوم بعض المعزين بإخراج أهل الميت بعيدا عن القبور ، ووضعهم في صف حتى تتم معرفتهم وتعزيتهم بنظام ، ولا تهان القبور ، ما حكم ذلك؟
ج: لا أعلم في هذا بأسا ؛ لما فيه من التيسير على الحاضرين لتعزيتهم.
حكم تقبيل ومعانقة المعزى
س: نلاحظ في وقت العزاء أن أغلب الناس عندما يريدون التعزية يقبلون المعزى أو يعانقونه ، والبعض ينكر ذلك ويقول: إن التعزية مصافحة فقط، فما رأي سماحتكم في ذلك ؟
ج: الأفضل في التعزية وعند اللقاء المصافحة إلا إذا كان المعزي أو الملاقي قد قدم من سفر فيشرع مع المصافحة المعانقة ؛ لقول أنس رضي الله عنه: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا والله ولي التوفيق.
التعزية في أهل المعاصي
س: أحيانا تحدث وفاة شخص إما متعمد للانتحار ، أو شخص سكير شرب مسكرا يحتوي على كمية كبيرة من السكر المؤدية للوفاة ، أو شخص اعتدي عليه للخلاص من شره فهل يجوز مواساة والدة المتوفى بسبب من هذه الأسباب ، أو غيرها ممن يمتّ له بصلة ، حيث إنني أتردد كثيرا ، هل أذهب أم لا؟
ج: لا بأس بالتعزية ، بل تستحب ، وإن كان الفقيد عاصيا بانتحار أو غيره ، كما تستحب لأسرة من قُتِلَ قصاصا ، أو حدا ، كالزاني المحصن ، وهكذا من شرب المسكر حتى مات بسبب ذلك ، لا مانع في تعزية أهله فيه ، ولا مانع من الدعاء له ولأمثاله من العصاة بالمغفرة والرحمة ، ويغسل ويصلي عليه ، لكن لا يصلي عليه أعيان المسلمين مثل السلطان والقاضي ونحو ذلك ، بل يصلي عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ. أما من مات بعدوان غيره عليه فهذا مظلوم ، يصلى عليه ويدعى له إذا كان مسلما ، وكذا من مات قصاصا- كما تقدم- فهذا يصلى عليه ويدعى له ويعزى أهله في ذلك إذا كان مسلما ولم يحصل منه ما يوجب ردته، والله ولي التوفيق.
حكم السفر للتعزية
س: ما حكم السفر للعزاء والمكث عند أهل الميت ؟
ج: بحسب أحوال أهل الميت ، فإذا كان فيه تثقيل عليهم فلا يجوز ، أما إذا كانوا يحبون ذلك فلا حرج ، والأمر في ذلك واسع.
س: ما حكم من يسافر من أجل العزاء لقريب أو صديق ، وهل يجوز العزاء قبل الدفن ؟
ج: لا نعلم بأسا في السفر من أجل العزاء لقريب أو صديق ؛ لما في ذلك من الجبر والمواساة وتخفيف آلام المصيبة ، ولا بأس في العزاء قبل الدفن وبعده ، وكلما كان أقرب من وقت المصيبة كان أكمل في تخفيف آلامها. وبالله التوفيق.
ليس للعزاء أيام محدودة
س: هل للتعزية حد معين؟
ج: لا أعلم لها حدا معلوما.
س: هل للعزاء أيام محدودة ، حيث يقال: إنها ثلاثة أيام فقط؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا
ج: العزاء ليس له أيام محدودة ، بل يشرع من حين خروج الروح قبل الصلاة على الميت وبعدها ، وليس لغايته حد في الشرع المطهر سواء كان ذلك ليلا أو نهارا ، وسواء كان ذلك في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة أو في غير ذلك من الأماكن. والله ولي التوفيق.
س: هل يعتبر تخصيص أيام ثلاثة للعزاء لأهل الميت من الأمور المبتدعة ، وهل هناك عزاء للطفل والعجوز والمريض الذي لا يرجى شفاؤه بعد موتهم؟
ج: التعزية سنة ؛ لما فيها من جبر المصاب والدعاء له بالخير ، ولا فرق في ذلك بين كون الميت صغيرا أو كبيرا ، وليس فيها لفظ مخصوص بل يعزي المسلم أخاه بما تيسر من الألفاظ المناسبة مثل أن يقول: (أحسن الله عزاءك وجبر مصيبتك وغفر لميتك) إذا كان الميت مسلما. أما إذا كان الميت كافرا فلا يدعى له وإنما يعزى أقاربه المسلمون بنحو الكلمات المذكورة، وليس لها وقت مخصوص ولا أيام مخصوصة ، بل هي مشروعة من حين موت الميت ، قبل الصلاة وبعدها ، وقبل الدفن وبعده ، والمبادرة بها أفضل ، وتجوز بعد ثلاث من موت الميت ؛ لعدم الدليل على التحديد.
الكلمات المناسبة للتعزية
س: الأخ ع. م. ح. من القاهرة يقول في سؤاله: بعض الناس إذا أراد أن يعزي إنسانا في قريب له متوفى يقول له: البقية في حياتك ، وشد حيلك ونحو هذه الكلمات
والسؤال: هل هناك شيء مخصوص يقال في مثل هذه المناسبة ، وهل يجب التقيد به؟ أفيدونا مأجورين .
ج: لا أعلم دعاء معينا في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن يشرع للمعزي أن يعزي أخاه في الله في فقيده بالكلمات المناسبة ، مثل: أحسن الله عزاءك ، وجبر مصيبتك ، وأعظم أجرك ، وغفر لميتك.. ونحو ذلك. أما التعزية بقوله البقية في حياتك ، أو شد حيلك ، فلا أعلم لهما أصلا ، وفق الله الجميع.
حكم إقامة مراسم العزاء
س: تقام مراسم العزاء فيتجمع الناس عند بيت المتوفى خارج المنزل ، وتوضع بعض المصابيح الكهربائية- تشبه تلك التي في الأفراح- ، ويصطف أهل المتوفى ويمر الذين يريدون تعزيتهم ، يمرون عليهم واحدا بعد الآخر ، ويضع كل منهم يده على صدر كل فرد من أهل المتوفى ويقول له: عظم الله أجرك فهل هذا الاجتماع وهذا الفعل مطابق للسنة ؛ وإذا لم يوافق السنة ، فما هي السنة في ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .
ج: هذا العمل ليس مطابقا للسنة ، ولا نعلم له أصلا في الشرع المطهر. وإنما السنة التعزية لأهل المصاب من غير كيفية معينة ولا اجتماع معين كهذا الاجتماع ، وإنما يشرع لكل مسلم أن يعزي أخاه بعد خروج الروح في البيت ، أو في الطريق ، أو في المسجد ، أو في المقبرة ، سواء كانت التعزية قبل الصلاة أو بعدها. وإذا قابله شرع له مصافحته والدعاء له بالدعاء المناسب مثل: عظم الله أجرك وأحسن عزاءك وجبر مصيبتك ، وإذا كان الميت مسلما دعا له بالمغفرة والرحمة ، وهكذا النساء فيما بينهن يعزي بعضهن بعضا ، ويعزي الرجل المرأة والمرأة الرجل لكن من دون خلوة ولا مصافحة إذا كانت المرأة ليست محرما له، وفق الله المسلمين جميعا للفقه في دينه ، والثبات عليه ، إنه خير مسئول.
حكم جلوس أهل الميت ثلاثة أيام للتعزية
س: بعض أهل الميت يجلسون ثلاثة أيام ، فما حكم ذلك؟
ج: إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فلا حرج إن شاء الله حتى لا يتعبوا الناس ، لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة.
الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة
س: في بعض البلدان إذا مات الميت يجتمعون في بيت الميت ثلاثة أيام يصلون ويدعون له ، فما حكم هذا؟
ج: الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة ، وهكذا الصلاة في البيت لا تجوز ، بل على الرجال الصلاة في المسجد مع الجماعة ، وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء لهم والترحم على ميتهم. أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم بقراءة خاصة أو أدعية خاصة أو غير ذلك فذلك بدعة ، ولو كان هذا خيرا لسبقنا إليه سلفنا الصالح، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله ، فقد قُتِلَ جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، وزيد بن حارثة رضي الله عنهم في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصلاة والسلام من الوحي بذلك، فنعاهم للصحابة وأخبرهم بموتهم وترضى عنهم ودعا لهم ولم يتخذ لهم مأتما، وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا شيئا من ذلك ، فقد مات الصديق رضي الله عنه ولم يتخذوا له مأتما ، وقتل عمر رضي الله عنه وما جعلوا له مأتما ، ولا جمعوا الناس ليقرءوا القرآن ، وقتل عثمان بعد ذلك ، وعلي رضي الله عنهما ، فما فعل الصحابة رضي الله عنهم لهما شيئا من ذلك، وإنما السنة أن يصنع الطعام لأهل الميت من أقاربهم أو جيرانهم فيبعث إليهم ، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه نعي جعفر فقال لأهله اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم أخرجه الخمسة إلا النسائي، هذا هو المشروع ، أما أن يحملوا بلاء مع بلائهم ، ويكلفوا ليضعوا طعاما للناس فهو خلاف السنة ، وهو بدعة ؛ لما ذكرنا آنفا ، ولقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة أخرجه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح. والنياحة هي: رفع الصوت بالبكاء وهي محرمة ، والميت يعذب في قبره بما يناح عليه ، كما صحت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام ، فيجب الحذر من ذلك. أما البكاء فلا بأس به إذا كان بدمع العين فقط بدون نياحة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون
حكم إقامة وليمة يجتمع فيها المعزون
س: ما حكم ما جرت به عادة بعض الناس من ذبح الإبل ، والغنم ، وإقامة وليمة عند موت الميت يجتمع فيها المعزون وغيرهم ويقرأ فيها القرآن؟
ج: هذا كله بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم ، وقد ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي الصحابي الشهير رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة أخرجه الإمام أحمد ، وابن ماجة بسند صحيح.
وإنما المشروع أن يصنع الطعام لأهل الميت ، ويبعث به إليهم ، من أقاربهم أو جيرانهم أو غيرهم ؛ لكونهم قد شغلوا بالمصيبة عن إعداد الطعام لأنفسهم ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم أخرجه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة بإسناد صحيح.
وهذا العمل مع كونه بدعة فيه أيضا تكليف أهل الميت وإتعابهم مع مصيبتهم ، وإضاعة أموالهم في غير حق ، والله المستعان.
صنع الطعام لأهل الميت
س: إذا كان الإطعام لأهل الميت ذبيحة ، فما الحكم فيها؟
ج: لا بأس ، ويعمله لهم الجيران أو الأقارب ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أهله أن يصنعوا لآل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه طعاما لما جاء خبر موته بالشام فقال: إنه قد أتاهم ما يشغلهم
أهل الميت لا يصنعون للناس طعاما
س: إذا صنع أهل الميت لأنفسهم طعاما فهل يجوز؟
ج: لا بأس إذا صنعوا لأنفسهم ، ولكن لا يصنعوا ذلك للناس.
حكم دعوة أهل الميت من يأكل معهم ما بُعِثَ لهم
س: إذا بعث لأهل الميت غداء أو عشاء فاجتمع عليه الناس في بيت الميت ، هل هو من النياحة المحرمة؟
ج: ليس ذلك من النياحة ؛ لأنهم لم يصنعوه وإنما صنع ذلك لهم ، ولا بأس أن يدعوا من يأكل معهم من الطعام الذي بعث لهم ؛ لأنه قد يكون كثيرا يزيد على حاجتهم.
حكم بعث الذبائح
لأهل الميت والدعوة إليها
س: بالنسبة للذبائح التي تذبح عند العزاء إذا أحضرها الشخص لأهل الميت ودعا عليها ، ما الحكم فيها؟ وما حكم الجلوس في العزاء معهم؟
ج: السنة لأقارب الميت وأصدقائه وجيرانه أن يبعثوا لأهل الميت طعاما حتى يريحوهم من تعب الطبخ ؛ لأنه قد أتاهم ما يشغلهم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أهله أن يبعثوا لآل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه طعاما لما جاء خبر موته وقال صلى الله عليه وسلم: إنه قد جاءهم ما يشغلهم أما بعث الذبائح فهذا خلاف السنة ؛ لأنه إتعاب لهم بذبحها وطبخها ، فينبغي عدم فعل ذلك ؛ لأنه خلاف السنة.
حكم دفع النقود لأهل الميت
س: بعض المعزين يدفع شيئا من المال لأهل الميت حسب قدرته ، فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرا .
ج: السنة أن يصنع لهم طعاما إذا تيسر ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة قال لأهله: اصنعوا لأهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم فإذا صنعوا لهم طعاما ليأكلوه فهو حسن.
أما إعطاؤهم النقود فهذا غير مشروع ، إلا إذا كانوا فقراء ومحتاجين ، فهؤلاء لا يعطون وقت العزاء ، ولكن في وقت آخر من أجل فقرهم وحاجتهم.
حكم إقامة الولائم من تركة الميت
س: يقيم بعض الناس ولائم وذبائح عند موت بعض أقاربهم ، وتصرف قيمة هذه الولائم من مال المتوفى ، ما حكم ذلك؟ وإذا وصى الميت بإقامة مثل هذه الولائم بعد موته هل يلزم الشرع الورثة بإنفاذ هذه الوصية؟
ج: الوصية بإقامة الولائم بعد الموت بدعة ومن عمل الجاهلية ، وهكذا عمل أهل الميت للولائم المذكورة ولو بدون وصية منكر لا يجوز ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة خرجه الإمام أحمد بإسناد حسن ، ولأن ذلك خلاف ما شرعه الله من إسعاف أهل الميت بصنعة الطعام لهم لكونهم مشغولين بالمصيبة ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة قال لأهله: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم
من بدع العزاء
س: نسأل عن ظاهرة منتشرة في كثير من بلاد المسلمين ، وهي: ما يقوم به أهل الميت من أعمال بعد الانتهاء من الدفن لميتهم ، حيث يجهزون سرادقا من الخيام أو أي شيء آخر ، ويجتمع أهل الميت فيه بعد إضاءته في إحدى الساحات أو الشوارع ، لاستقبال المعزين وتناول القهوة والشاي وغيرهما ، بالإضافة إلى إحضار قارئ لقراءة القرآن بأجر ، وإن لم يتيسر استخدموا جهاز تسجيل لسماع القرآن ، وفي الليلة الثالثة يتم إقامة وليمة طعام للجميع ، فما توجيه سماحتكم؟ وهل تجوز المشاركة فيها؟ ع. م.- مكة.
ج: إقامة العزاء بهذه الصورة بدعة لا يجوز فعلها ، ولا المشاركة فيها ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح. وإنما السنة أن يصنع لأهل الميت طعام من أقاربهم ، وجيرانهم ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهله لما جاء نبأ نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه نجاتهم وسلامة دينهم ودنياهم ، إنه سميع قريب.
تنبيه على مسائل في التعزية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين ، وفقني الله وإياهم إلى فعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد:
فإن الداعي لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير والتنبيه على مسائل في التعزية مخالفة للشرع قد وقع فيها بعض الناس ولا ينبغي السكوت عنها بل يجب التنبيه والتحذير منها.
أقول وبالله التوفيق: على كل مسلم أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه فهو بقضاء الله وقدره وعليه أن يصبر ويحتسب ، وينبغي للمصاب أن يستعين بالله تعالى ويتعزى بعزائه ويمتثل أمره في الاستعانة بالصبر والصلاة ؛ لينال ما وعد الله به الصابرين في قوله تعالى ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
وروى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها وليحذر المصاب أن يتكلم بشيء يحبط أجره ويسخط ربه مما يشبه التظلم والتسخط ، فهو سبحانه وتعالى عدل لا يجور ، وله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، وله في ذلك الحكمة البالغة ، وهو الفعال لما يريد ، ومن عارض في هذا فإنما يعترض على قضاء الله وقدره الذي هو عين المصلحة والحكمة وأساس العدل والصلاح.
ولا يدعو على نفسه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما مات أبو سلمة: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ويحتسب ثواب الله ويحمده.
صدر من مكتب سماحته برقم ( 30/2 ) في 15/1/1404 هـ .
وتعزية المصاب بالميت مستحبة ؛ لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عزى مصابا فله مثل أجره والمقصود منها تسلية أهل المصيبة في مصيبتهم ومواساتهم وجبرهم.
ولا بأس بالبكاء على الميت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله لما مات ابنه إبراهيم وبعض بناته صلى الله عليه وسلم.
أما الندب والنياحة ولطم الخد وشق الجيب وخمش الوجه ونتف الشعر والدعاء بالويل والثبور وما أشبهها فكل ذلك محرم ؛ لما روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة وذلك لأن هذه الأشياء وما أشبهها فيها إظهار للجزع والتسخط وعدم الرضا والتسليم.
والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة ، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.
ويستحب إصلاح طعام لأهل الميت يبعث به إليهم إعانة لهم وجبرا لقلوبهم فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم ؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما يشغلهم وروي عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما أنه قال: "فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها".
أما صنع أهل الميت الطعام للناس سواء أكان ذلك من مال الورثة أو من ثلث الميت أو من شخص يفد عليهم فهذا لا يجوز ؛ لأنه خلاف السنة ومن عمل الجاهلية ، ولأن في ذلك زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغلا إلى شغلهم وقد روى الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد جيد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة
وأما الإحداد فيحرم على المرأة إحداد فوق ثلاثة أيام على ميت غير زوج ، فيلزم زوجته الإحداد مدة العدة فقط ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا
أما إحداد النساء سنة كاملة فهذا مخالف للشريعة الإسلامية السمحة ، وهو من عادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام وحذر منها ، فالواجب إنكاره والتواصي بتركه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "وهذا من تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه ، فإن الإحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة ، وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه ، لا تمس طيبا ولا تدهن ولا تغتسل ، إلى غير ذلك مما هو تسخط على الرب وأقداره ، فأبطل الله بحكمته سنة الجاهلية وأبدلنا بها الصبر والحمد.
ولما كانت مصيبة الموت لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع والألم والحزن ما تقتضيه الطباع سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك ، وهو ثلاثة أيام ، تجد بها نوع راحة ، وتقضي بها وطرا من الحزن ، وما زاد عن ذلك فمفسدة راجحة فمنع منه.
والمقصود أنه أباح لهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام ، وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة بالشهور ، وأما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب الإحداد ؛ لأنه يستمر إلى حين الوضع" ا. هـ كلامه رحمه الله.
وأما عمل الحفل بعد خروج المرأة من العدة فهو بدعة إذا اشتمل على ما حرم الله من نياحة وعويل وندب ونحوها ، فإن لم يشتمل على شيء من ذلك فلا بأس به ، أما الاحتفال من أجل الميت فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم ولا عن السلف الصالح إقامة حفل للميت مطلقا لا عند وفاته ولا بعد أسبوع أو أربعين يوما أو سنة من وفاته ، بل ذلك بدعة وعادة قبيحة.
فيجب البعد عن مثل هذه الأشياء وإنكارها والتوبة إلى الله منها وتجنبها ؛ لما فيها من الابتداع في الدين ومشابهة المشركين ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظلي رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على النهي عن التشبه بالمشركين وعن الابتداع في الدين، والله أعلم.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
حكم النعي في الجرائد
س: ما حكم النعي في الجرائد؟
ج: هو محل نظر لما فيه من التكلف غالبا ، وقد يباح إذا كان صدقا وليس فيه تكلف ، وتركه أولى وأحوط ، وإذا أراد التعزية فيكتب لهم كتابا أو يتصل بالهاتف أو يزورهم وهذا أكمل.
س: ما حكم التعزية في الجرائد ، هل تعتبر من النعي المحرم؟
ج: ليس ذلك من النعي المحرم ، وتركه أولى ؛ لأنه يكلف المال الكثير.
حكم قولهم "انتقل إلى مثواه الأخير"
س: ما حكم قولهم في التعزية: "انتقل إلى مثواه الأخير" ؟
ج: لا أعلم في هذا بأسا ؛ لأنه مثواه الأخير بالنسبة للدنيا ، وهي كلمة عامية ؛ أما المثوى الأخير الحقيقي فهو الجنة للمتقين والنار للكافرين.
حكم قولهم: "يا أيتها النفس المطمئنة"
س: ما حكم قولهم "يا أيتها النفس المطمئنة" ؟
ج: هذا غلط وما يدريهم بذلك ؛ بل المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة ويكفي ذلك.
حكم قول أهل الميت للناس:
"حللوا أخاكم" أو "أبيحوه" ونحوهما
س: ما حكم قول أهل الميت للناس: حللوا أخاكم أو أبيحوه ، وقولهم: استغفروا له؟
ج: لا أعلم لهذا أصلا ؛ لكن إذا كان يعلم أنه ظالمهم وطلب منهم أن يبيحوه فلا بأس ، وألا يقتصر الطلب على الدعاء والاستغفار.
حكم توزيع أوراق يبين
فيها مكان الصلاة أو العزاء
س: عندنا في العمل إذا مات زميل لنا توزع أوراق يبين فيها مكان الصلاة أو العزاء فما حكمه؟
ج: ما أعلم في ذلك شيئا ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع النجاشي ، فإذا قالوا سيصلى عليه في الجامع الفلاني فليس في ذلك شيء.
حكم القصائد التي فيها رثاء للميت
س: القصائد التي فيها رثاء للميت هل هي من النعي المحرم؟
ج: ليست القصائد التي فيها رثاء للميت من النعي المحرم ، ولكن لا يجوز لأحد أن يغلو في أحد ويصفه بالكذب ، كما هي عادة الكثير من الشعراء.
رسالة تعزية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الإخوان الكرام ع. م. ن. وإخوانه وأهل بيتهم. وفق الله الجميع لما فيه رضاه وجبر مصيبتهم.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لقد بلغني وفاة والدكم رحمه الله ، وأقول: أحسن الله عزاءكم وجبر مصيبتكم وغفر للفقيد وتغمده برحمته ورضوانه وأصلح ذريته جميعا. ولا يخفى على الجميع أن الموت طريق مسلوك ومنهل مورود ، وقد مات الرسل وهم أشرف الخلق عليهم الصلاة والسلام ، فلو سلم أحد من الموت لسلموا ، قال الله سبحانه ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) والمشروع للمسلمين عند نزول المصائب هو الصبر والاحتساب والقول كما قال الصابرون ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) وقد وعدهم الله على ذلك خيرا عظيما ، فقال ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وخلف له خيرا منها ) فنسأل الله أن يجبر مصيبتكم جميعا ، وأن يحسن لكم الخلف ، وأن يعوضكم الصلاح والعاقبة الحميدة.
ونوصيكم بالصبر والاحتساب ، والتعاون على البر والتقوى ، والاستغفار لوالدكم ، والدعاء له بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، والمسارعة لقضاء دينه إن كان عليه دين ، كما نوصي زوجاته جميعا أن يبقين في بيوتهن حتى تنتهي العدة ، والله سبحانه يقول ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) جبر الله مصيبة الجميع ، وضاعف لكم جميعا الأجر ، وغفر لوالدكم ، وأسكنه فسيح جنته ، إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رئيس الجامعة الإسلامية
صدرت من مكتب سماحته برقم 1993/1/1 في 17/2/1392 هـ عندما كان رئيسا للجامعة الإسلامية .
الأفضل لمن مرّ بجوار سور المقبرة أن يسلم
س: إذا مر المسلم بجوار سور المقبرة أو شاهد القبور فهل يسلم عليهم ؟
ج: الأفضل أن يسلم حتى ولو كان مارا ؛ ولكن قصد الزيارة أفضل وأكمل.
يكفي السلام على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة
س: هل يكفي السلام على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة؟
ج: يكفي ذلك وتحصل به الزيارة ، وإن كانت القبور متباعدة فزارها من جميع جهاتها فلا بأس.
س: ما حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر ؟
ج: لا أصل لذلك ، والمشروع أن تزار القبور في أي وقت تيسر للزائر من ليل أو نهار ، أما التخصيص بيوم معين أو ليلة معينة فبدعة لا أصل له ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها.
حكم تخصيص العيدين لزيارة القبور
س: هل تخصيص العيدين لزيارة القبور له أصل ؟
ج: لا أعلم لذلك أصلا وإنما السنة أن يزور القبور متى تيسر له ذلك.
حكم زيارة قبور الكفار
س: هل تجوز زيارة قبور الكفار ؟
ج: إذا كان ذلك للعبرة فلا بأس به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد زار قبر أمه واستأذن ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له ، وإنما أذن له بالزيارة.
س: ما صحة حديث إذا مررتم بقبر كافر فبشروه بالنار ؟
ج: لا أعرف له طرقا صحيحة.
حكم رفع اليدين
أثناء الدعاء للميت عند قبره
س: هل يكون الدعاء عند قبر الميت برفع اليدين؟
ج: إن رفع يديه فلا بأس ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم زار القبور ورفع يديه ودعا لأهلها رواه مسلم.
س: هل يجوز رفع اليدين أثناء الدعاء للميت ؟
ج: جاء في بعض الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه لما زار القبور ودعا لأهلها وقد ثبت ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم زار القبور ودعا لهم ورفع يديه أخرجه مسلم في صحيحه.
حكم استقبال القبر حال الدعاء للميت
س: هل ينهى عن استقبال القبر حال الدعاء للميت ؟
ج: لا ينهى عنه ؛ بل يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ولم يقل استقبلوا القبلة فكله جائز سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر ، والصحابة رضي الله عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر.
لا بأس بالقيام أو الجلوس
عند القبر من أجل الدعاء للميت
س: أيحل لنا القيام أو الجلوس عند القبر من أجل الدعاء للميت ؟
ج: الزيارة الشرعية للقبور أن يقصد إليها للعظة والاعتبار وتذكر الموت ، لا للتبرك بمن قبر فيها من الصالحين. فمن جاءها سلم على من فيها فقال: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وإن شاء دعا للأموات بغير ذلك من الأدعية المأثورة.
ولا يدعو الأموات ولا يستغيث بهم في كشف ضر أو جلب نفع ، فإن الدعاء عبادة ؛ فيجب التوجه به إلى الله وحده. ولا بأس أن يقف عند القبر أو يجلس من أجل الدعاء للميت ، لا للتبرك أو الاستراحة ، فإن القبور ليست بموضع استراحة أو سكني حتى يجلس فيها.
ويشرع الوقوف على القبر بعد الدفن للدعاء للميت بالثبات والمغفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا فرغ من الدفن وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل
نشرت في ( مجلة الدعوة ) العدد ( 740 ) .
حكم الدعاء الجماعي عند القبور
س: الدعاء الجماعي عند القبور ما حكمه؟
ج: ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأمَّنَ السامعون فلا بأس إذا لم يكن ذلك مقصودا ، وإنما سمعوا بعضهم يدعو فأمن الباقون ولا يسمى مثل هذا جماعيا لكونه لم يقصد.
حكم قراءة الفاتحة للميت عند قبره
س: الأخ م. ع. ص. من الليث في المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله: هل تجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن الكريم للميت عند زيارة قبره؟ وهل ينفعه ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزور القبور ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه ونقلوها عنه ، من ذلك: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة من القرآن الكريم أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم فلو كان ذلك مشروعا لفعله وبينه لأصحابه رغبة في الثواب ورحمة بالأمة وأداء لواجب البلاغ ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع وقد عرف ذلك أصحابه رضي الله عنهم فاقتفوا أثره واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم ولم يثبت عنهم أنهم قرءوا قرآنا للأموات فكانت القراءة لهم بدعة محدثة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والله الموفق.
نشرت في ( المجلة العربية ) في شعبان 1413 هـ .
حكم الاستشهاد بقصص أهوال القبور
س: هل يستشهد بمثل هذه القصص في المواعظ؟
ج: تركه أولى ؛ لعدم العلم بصحتها ، ويكفي ما جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، المهم حث الناس على الطاعة والتحذير من المعاصي ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة. أما الحكايات التي قد تثبت أو لا تثبت فتترك.
حكم اصطحاب بعض الغافلين لزيارة القبور
س: هناك بعض الشباب الصالحين يصطحبون معهم بعض الغافلين لزيارة القبور وتخويفهم من الله فما رأيكم في ذلك؟
ج: ليس فيه مانع وذلك حسن ، وجزاهم الله خيرا ، وهو من التعاون على البر والتقوى.
لا يجوز أن يمشى بالنعال بين القبور
س: حديث: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟
ج: الحديث لا بأس به ، ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة ، مثل وجود الشوك في المقبرة ، أو الرمضاء الشديدة ، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه ، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين ، ويعلّم الحكم الشرعي.
س: ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟
ج: يخلعها إذا كان يمر بين القبور ، أما إذا لم يمر بين القبور فلا يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبرة ويسلم فلا يخلع.
حكم نقل عظام الميت إذا بليت
س: إذا بليت عظام الميت فهل يجوز أن تنقل إلى مكان آخر ؟
ج: إذا دعت الحاجة لذلك فلا حرج ولا بأس وإلا تبقى القبور على حالها.
لا يجوز تنفيذ وصية المتوفى بالتبرع بأعضائه
س: إذا أوصى المتوفى بالتبرع بأعضائه هل تنفذ الوصية؟
ج: الأرجح أنه لا يجوز تنفيذها ؛ لما تقدم في جواب السؤال الأول ولو أوصى ؛ لأن جسمه ليس ملكا له.
حكم شراء الجثث لغرض التشريح
س: بعض كليات الطب تشتري جثثا من جنوب شرقي آسيا بغرض التشريح فما الحكم؟
ج: إذا كانت الجثث من كفار لا أمان لهم فلا حرج ، أما غيرهم فلا يجوز التعرض لهم
حكم حضور مجلس العزاء والجلوس فيه
س: هل يجوز حضور مجلس العزاء والجلوس معهم؟
ج: إذا حضر المسلم وعزى أهل الميت فذلك مستحب ؛ لما فيه من الجبر لهم والتعزية ، وإذا شرب عندهم فنجان قهوة أو شاي أو تطيب فلا بأس كعادة الناس مع زوارهم.
حكم الذهاب للعزاء إذا كان هناك بدع
س: هل يجوز الذهاب للعزاء في ميت إذا كان هناك بدع ، مثل قراءة القرآن مع رفع الكفين قبل إلقاء السلام؟
ج: السنة زيارة أهل الميت لعزائهم ، وإذا كان عندهم منكر ، ينكر ويبين لهم ، فيجمع المعزي بين المصلحتين ، يعزيهم وينكر عليهم وينصحهم ، أما مجرد قراءة القرآن فلا بأس فيها ، فإذا اجتمعوا وقرأ واحد منهم القرآن عند اجتماعهم ، كقراءة الفاتحة وغيرها ، فلا بأس وليس في ذلك منكر ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمع مع أصحابه يقرأ القرآن؛ فإذا اجتمعوا في مجلسهم للمعزين وقرأ واحد منهم أو بعضهم شيئا من القرآن فهو خير من سكوتهم.
أما إذا كان هناك بدع غير هذا ، كأن يصنع أهل الميت طعاما للناس ، يُعلَّمون ويُنصحون لترك ذلك، فعلى المعزي إذا رأى منكرا أن يقوم بالنصح.
يقول جل وعلا ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) ويقول جل وعلا ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) أما قول السائل: إن المعزي يرفع اليدين ويقرأ القرآن قبل الدخول والسلام فهذا بدعة وليس له أصل ، أما إذا قرأ واحد عنهم القرآن على الجميع للفائدة فلا بأس.
لا بأس باستقبال المعزين
س: ما رأي سماحتكم فيمن يجلس بالمنزل لاستقبال المعزين ، مع العلم أن كثيرا من المعزين لا يتمكنون من القيام بالعزاء إلا في المنزل؟
ج: لا أعلم بأسا في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه ، أو زوجته ، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب ؛ لأن التعزية سنة ، واستقباله المعزين مما يعينهم على أداء السنة؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ، أو الشاي ، أو الطيب ، فكل ذلك حسن.
رحم الله شيخنا وجمعنا وإياه في مقعد صدق عند مليك مقتدر
اللهم اغفر لأموات المسلمين واجعل قبورهم روضة من رياض الجنة
اللهم أبدلهم داراً خيراً من دارهم وأزواجاً خيراً من أزواجهم
اللهم اغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا
كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم
اللهم آمين
هذا والله تعالى أعلم وأجل وله الحمد من قبل ومن بعد
أخوكم ومحبكم في الله
طاب الخاطر
المفضلات