جريدة الشرق الأوسط
الاثنيـن 17 محـرم 1428 هـ 5 فبراير 2007 العدد 10296
هؤلاء الشبان الساخطون الغاضبون الأبرياء!
اذكر أن الدنيا انقلبت لأن الشبان الأمريكان ـ الهيبز قتلوا الممثلة شارون تيت في بيتها، ولم تكن هذه جريمتهم الوحيدة، فقد ارتكبوا عدة جرائم أخرى.. والناس لم يتهموا الشبان بأنهم مجرمون.. دائما اتهموا هذا الأسلوب الشاذ في حياتهم بأنه هو المسؤول عن هذه الجريمة وغيرها!
وهذا ظلم للشبان. فليسوا هم أول من ارتكبوا جريمة في أمريكا أو في العالم.. فالأمريكان يرتكبون جرائم أبشع من ذلك، من دون ان يكونوا من طائفة الهيبز.. ومن دون ان يكون ذلك تحت تأثير الحشيش أو الأفيون أو عقار الهلوسة، انهم ارتكبوا جرائم في النهار وبعقل وتخطيط!
وقد عرفنا في الشرق الأوسط مثل هذه الجرائم، التي ارتكبها الهيبز، وكان ذلك في القرن الحادي عشر والثاني عشر: الحشاشون في ايران ولبنان وسوريا ومصر بزعامة الحسن بن الصباح.. وعرفنا اخلاص الألوف لهذا الرجل وكيف ان هناك شيخا آخر اسمه: شيخ الجبل، وهو الذي يتحكم فيهم، ويأمرهم بارتكاب الجرائم ضد الساسة وضد التجار والمواطنين الطيبين.. وكيف أن «شيخ الجبل» أو شيخ القبيلة يكافئ هؤلاء الحشاشين بأن يدخلهم في احدى القلاع ويقدم لهم الحشيش ويحدثهم عن الجنة، ويرون أشباح الجنة، ويخرجون للناس يؤكدون أنهم ذهبوا الى الجنة، وان الجنة مفتوحة لكل من ينفذ تعاليم شيخ الجبل،
وكل تعليماته:
اغتيالات وتفجير الدماء في بطون ورؤوس الناس؟!
ان الهيبز أحسن وأشرف، لأن هؤلاء الشبان يعانون أزمات عنيفة وقلقا محترما: انهم ساخطون على المجتمع الأمريكي، ساخطون على الوحشية، وعلى المجتمع الصناعي الميكانيكي الذي لا يخدم الإنسانية، ولا يخدم الشباب.. ولذلك قرروا الانسحاب منه، والانعزال والانطواء.. وتعطيل قواهم الشابة.. وهذا التعطيل نوع من التخريب لهذه الآلة الوحشية التي تصنع الدمار الحديث
وتطبقه على ملايين الابرياء في كل مكان من العالم.. فتدوس الزنوج، وتنشره على ملايين الجياع من البيض والسود.. ثم تدفن هذا كله في أفلام الدعاية الأنيقة الملونة والإعلانات الفخمة..
ولا توجد في الدنيا جريمة أبشع وأحط من هذا العملاق الصناعي المفترس لكل ما هو انساني وكل ما هو أخلاقي.. فإذا احتج هؤلاء الشبان وصرخوا ومزقوا غيرهم.. ومزقوا أنفسهم أكثر وأعنف.. فهم معذورون.. وسخطهم كريم، وغضبهم نبيل!
بقلم / أنيس منصور
المفضلات