[frame="1 80"]
[/frame]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
والصلاة والسلام على خير الأنام القائل
( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره )
جاء في تفسير ابن كثير رحمه لله لهذه الآيات
ينهى تعالى عن السخرية بالناس وهو احتقارهم والاستهزاء بهم, كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الكبر بطر الحق وغمص الناس ـ ويروى ـ وغمط الناس ) والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم, وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله تعالى, وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له, ولهذا قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم, ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ) فنص على نهي الرجال, وعطف نهي النساء. وقوله تبارك وتعالى ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي لا تلمزوا الناس. والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون كما قال تعالى ( ويل لكل همزة لمزة ) والهمز بالفعل واللمز بالقول, كما قال عز وجل ( هماز مشاء بنميم ) أي يحتقر الناس ويهمزهم طاغياً عليهم ويمشي بينهم بالنميمة وهي اللمز بالمقال, ولهذا قال ههنا ( ولا تلمزوا أنفسكم ) كما قال ( ولا تقتلوا أنفسكم ) أي لا يقتل بعضكم بعضاً. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة ومقاتل بن حيان ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي لا يطعن بعضكم على بعض, وقوله تعالى ( ولا تنابزوا بالألقاب ) أي لا تداعوا بالألقاب, وهي التي يسوء الشخص سماعها. قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل, حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال: حدثني أبو جبيرة بن الضحاك, قال فينا نزلت في بني سلمة ( ولا تنابزوا بالألقاب ) قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة, فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء, قالوا: يا رسول الله إنه يغضب من هذا, فنزلت ( ولا تنابزوا بالألقاب ) ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن داود به. وقوله جل وعلا ( بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) أي بئس الصفة والاسم الفسوق. وهو التنابز بالألقاب كما كان أهل الجاهلية يتناعتون بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه ( ومن لم يتب ) أي من هذا ( فأولئك هم الظالمون ) انتهى
أخي تأمل هذه الآية ( ولا تنابزوا بالألقاب ) أي لا تداعوا بالألقاب, وهي التي يسوء الشخص سماعها .
ومن كلمة مختصرة لشيخنا الوالد عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى يقول
أخلاق المؤمنين والمؤمنات
ومما ورد في كتاب الله العظيم فيما يتعلق بهذا الأمر العظيم قوله تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) هذه صفة المؤمنين والمؤمنات ، وهذه أخلاقهم ، بعضهم أولياء بعض لا حقد ولا حسد ، ولا غش ولا خيانة ولا تنابز بالألقاب ولا لمز ، ولا غير ذلك مما يؤذي ومما يسبب الشحناء والعداوة والفرقة ، بل هم أولياء يتحابون في الله ، ويتناصحون ويتواصون بكل خير . ولذلك يأمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر فيما بينهم ، هكذا المؤمنون والمؤمنات . انتهى كلام الشيخ رحمه الله
ينتشر بين الناس الألقاب أو ( المعيار ) وهذا ما نريد أن نبينه في هذا المقال ونبين حكمه فحقوق الناس مبنية على العفو والمصافحة وحقوق الله تعالى على التوبة والإنابة .. وقد يؤذى المؤمن بكلمة لا يرضاها فالحذر الحذر من إيذاءه والتساهل في هذا الأمر .
و تأمل هذه الآية جيداً .. قال تعالى
( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً )
وانتبه جيداً بارك الله فيك لهذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام
( لا يحل لمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه )
تدبر قوله صلى الله عليه وسلم ( بنظرة تؤذيه ) فما بالك بكلمات وغيبة وكذب وبهتان وانتقاص واستهزاء..فالحذر الحذر
اللهم اجعلنا ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنة ووفقنا للعمل الصالح الرشيد وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح .. وارزقنا الإخلاص في القول والعمل .. واجعل عملنا وعلمنا حجة لنا لا علينا .. اللهم آمين
هذا والله تعالى أعلم وأجل وله الحمد من قبل ومن بعد
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
أخوكم ومحبكم في الله
طاب الخاطر
23/12/1427هـ
المفضلات