بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ مشعل الغفيلي
لا يملك المتذوق الحقيقي للشعر إلا أن يشهد لك بالشاعرية و التمكن
وقصيدتك السابقة تجبر القارئ ـ حقيقة ـ على أن يقف حائر أيبحر في جمالياتها الفنية
أم في مضامينها السامية ...
دعني في البداية أقف قليلا عند قولك .....
واعذرونا
لازال بوحنا تقليدي
ومحاكي للشعر النبطي القديم
فلم استسغ شعر الحداثه حتى الان
ربما بالمستقبل
أنا لا أدري لماذا الاعتذار ؟!!!!!
لقد نجح القائمون في تسويق الشعر الحداثي على إيهامكم أن زمن البوح التقليدي
ولى مع أهل الوبر والشعر !!!!!!!!!!
أولا ... كُن أخي على يقين أن هذا الإدعاء باطل ولا صحة له ، لأن واقعالشعوب
الخليجية وخصوصا هنا يكذّب هذا الإدعاء و ينسفه فما زال محبوا هذا اللون
يملؤون السمع والنظر .
بل عليك بالنظر إلى أي أمسية تقام ، تجد أن تفاعل الحضور مع الشاعر الذي
يهيم في الأخيلة الغريبة ، والتصويرات البعيدة كل البعد عن الافهام وحدود الخيال
المعقول ، وكأنه يحدث نفسه ، تجد أنه لا يحصد التفاعل نفسه الذي يحصده
الشاعر الذي يسافر بمستمعيه إلى أعلى القمم الشعرية وينزل من بروجه
العاجية ليلامس مشاعرهم مطعّما ذلك كله بخيال حلو يزيد المعنى جمالا لا غموضا .
ثانيا ... ما المقصود بـ ( التقليدي ) هل هو ذلك الشعر الذي يبدأ بقول ( يا راكب )
أو ( يقول من عدا ) أو ( ياونتي ونة...) ويحمل صورا قديمة سبق التطرق لها ....
طيب .. وإن يكن ؟!!!!
اسمع أخي ...
صحيح أنه من الرائع أن يطرق الشاعر صورا وأخيلة لم يسبق لأحد أن تطرق لها
ولكن هذا لا يعني أنه يحق لأحدٍ على وجه الأرض أن ينسف أو يرفض تجربته
لأجل ذلك ، لسبب بسيط ..... وهو بيئة الشاعر التي ترعرع فيها
فأنت مثلا لن يعيب على صورك و أخيلتك إلا ناقدٌ جاهل ، لأنه أغفل جانبا
من الجوانب المهمة التي يرتكز عليها الناقد في نقده
ففيما يبدو لي أن ما تصوره في شعرك ما ها هو إلا انعكاس طبيعي لما
تعايشه فكرا و وجدانا، وهو ما يسمى عندي بالشعر ( الصادق الأمين ) الذي
ينقل للأجيال القادمة صور و معالم وفنون زماننا هذا
تذكر دائما ... ( أن الشعر ديوان العرب وتاريخهم الأصدق )
كما أن ما تكتبه أنت وأمثالك هو تسجيل لواقع ورسم لبيئة معاشة ما تزال
تعايشنا و ما نزال نعايشها
.............
أما إن كان المقصود بالشعر التقليدي ، ما اتسم بجزالة الألفاظ وقوة العبارات وفخامتها
فدعك منهم ، لأن ... ( اللي ما يطول العنب حامظ عنه يقول )
..............
باختصار .....
ما لم تحل حراما أو تحرم حلالا فلا تعتذر بارك الله فيك عن ما تجود به قريحتك الشعرية
أما بالنسبة للشعر الحداثي
فكلمة حق .... هناك من الشعراء من استطاع توظيف الحداثة ليخرج لنا قصائد غاية في الروعة
و الجمال مع محافظ على شكل العمودي للقصيدة النبطية وهؤلاء بحق يستحقون التصفيق .
......................
وقفات مع القصيدة ....
ماهمني ياحسين..طرد النساوين=ولاعذبني...لابسات الخزاري
مشيمٍ نفسي عن العيب..ياحسين=موتي...ولابعض العلوم القصاري
يوم العرب تدله..على جال برلين=ماشاقني ياكود..قطع الصحاري
ويوم العرب تطرب على صوت "نادين"=انا طرب بالي..."صفير الذواري"
في.سهلةٍ..عن باقي الخلق منحين=في..مهمهٍ..قفرٍ..من الناس عاري
ياكود شوف اذواد وضحٍ مزايين=ترتع بديان الخلا ماتداري
بارك الله فيك ...... جزالة و قوة
...........
ولاعذبني...لابسات الخزاري
لقد أحسنت في قولك ( عذبني ) وخلّصتَ نفسك بذكاء
لو أنك قلت مثلا ( و لا ارْبكني ) أو ( و لا الْفِتتني )
لقلنا لك ...
وأين ذهبت قصيدة ( الله لا يجزا هل الجمس بالخير )
تلك القصيدة التي صوّرت فيها بدقة حالة الارتباك التي أصابتك حينما وقع
نظرك على ما وقع عليه ...
سيقول البعض ... وكيف خلّص نفسه في نظرك بقول ( ولا عذبني )؟!!!!
أقول ... الارتباك و الانبهار لا يعني بالعموم تعلق القلب فكثير من الرجال والنساء
يلفت انتباهه جمال شخص ما أو قد يصيبه بحالة من الارتباك كما يحصل لكثير
من الرجال وخصوصا إذا كانت جمال المرأة التي رأوها يدور حول >>>>
ولكنها لا تلبث أن تزول حالة الارتباك تلك بمجرد اختفاء تلك المرأة عن
حدود نظره ولهذا أمرنا الشارع الحكيم بغض البصر ....
أما التعبير بـ ( العذاب ) فهو دلالة على شدة تعلق القلب بتلك المرأة و
كثرة تفكيره بها حتى أصبح هذا التعلق عذابا يصطلي في ناره لشدة ما يكابد فيه من الشوق و الرغبة .
........................
الحر..يرجع..ماكره..مامعه شين
يكفيه إنه حرّ
...............
نعمٍ بربعي..واتبع النعم..نعمين=في حزةٍ..كلٍ بربعه..يماري
والسبع تنعام بـ ( الرجال اللي تعز الذليلين )
..............
هذي..مكان..نجورهم..والرسالين=وهذي..مكب..دلاله� �..والوجاري
وهذي..مديد..ضعونهم..بالميادين=وهذي..مرابط..خي� �هم..بالمحاري
وهذي..مرابعهم..وذيك..الديواين=وهذي..مناخيهم..� �هار المثاري
ما شاء الله لا فض فوك ..
......
مهو ( هذا ) أحسن من ( هذي ) لأن (مكب) حسب علمي مذكر
وجمعه هو المؤنث ( مكاب )
.........
أظنك تقصد ( الدواوين )
أما إن كنت تقصد المكتوبة فما معناها ؟
..........
أو واحدٍ مطلوب حكمه .. انتحاري
فيه ثقل في هذا الشطر بسبب كلمة ( حكمه )
لو قلت ( أو واحدٍ مطلوب باسْم انتحاري ) أو كلمة أخرى تختارها
لكان أضبط في الميزان العروضي .
.............
يا تقل يطعن بسرة القلب سكين
كلمة ( بسرة ) أشكلت عليّ لأنك لم تشكلها
أنا قرأتها هكذا ... بِسْرَة ....
هل قراءتي صحيحة ؟
..................
ولا بوك رجلٍ ما يفز حزة البين
كلمة ( يفز ) أثقلت الوزن لانها من ( فَزّ ) بتشديد الزاي و هنا سنضطر
إلى تسكينه حتى يستقيم الوزن و لو قلت ( حضر ) أو ( فزع ) لكان أنسب .
................
وصلو على خاتم..جميع النبيين= شفيعنا.. يوم الخلايق عواري
اللهم صلي وسلم عليه ....
أمتعتني هذه القصيدة الرائعة بجزالتها وأصالتها و سأقرأها على والدي فهو من عشاق البوح ( التقليدي )
وأعلم جيدا أنها ستروق له .
....................
صح لسانك أخ مشعل ونفع الله بك
وعذرا على الإطالة .
قصيدة تستحق التثبيت
المفضلات