أهلاً ومرحباً بكِ
عزيزتي,,
الكتابة في التاريخ لايمكن أن تخلو من الأخطاء حتى وإن تحرّى صاحبها الدقة والمصداقية لأنه يظل ناقلأً لما لم يشهده فإن لم يقع الخطأ من نقله هو , فقد يقع ممن نقل عنه !
ولا أحد معصوم عن الخطأ غير إمام المرسلين عليه الصلاة والسلام
فإذا كانت أحاديثه صلى الله عليه وسلم لم تسلم من الخطأ والتحريف مع أنه عليه السلام توعّد بالنار من كذب عليه متعمداً
وها أنتِ ترين كيف يتفنن الروافض في تأليف أحاديث توافق أهواءهم وميولهم ثم ينسبونها إليه عليه الصلاة والسلام ولم يردعهم وعيده !!
فما بالك بما هو أهون من ذلك من كتابة للتاريخ ونحوها من العلوم التي تعتمد على النقل عمن سبق !!
أضيفي إلى ذلك أن الفيلسوف المؤرخ ابن خلدون قد فنّد كل ما أٌلصق بهارون الرشيد رحمه الله من حكاياتٍ مدخولةٍ عليه ابتداءً بسبب نكبة البرامكة إلى ما قيل عنه من شربه للمسكر ونحو ذلك !!
ستجدين هذا كله في مقدمته المشهورة تحت عنوان :
((
مقدمة في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها))
فقد ذكر كلاماً رائعاً عن الرشيد أنصحك إن كنتِ حريصة على قراءة التاريخ الصحيح أن ترجعي إليه
ثم إن ابن كثير نفسه ترحم عليه ودعا له بالمغفرة ودخول الجنة ولم يفعل كما فعلتِ من اتهامه بأنه رجل غير سوي إلخ ما أسعفك به قلمك وأدبك مع حرمة الميت !!
سيئات عظام !!؟
وماهي هذه السيئات التي حكمتي بعظمها ؟؟
إن كنتِ تشيرين إلى نكبته بالبرامكة فالقتل حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم قبل ذلك فهل ستخرجين علينا يوماً ما لتطعني فيهم رضوان الله عليهم بأنهم يقتل بعضهم بعضاً لأجل الملك !!؟
لستِ أنت من يحكم على السيئات بأنها عظام أو صغار فهذها ليست من شأنك
انشغلي بصغائرك قبل أن تعظم فهو خير لك من الوقوع في حرمة موتى المسلمين
عزيزتي
لماذا تقض مضجعك قضية الرموز !!؟
أيضيرك أن تزخر الأمة بمجد تليد وماضٍ زاخرٍ بالبطولات !!؟
مالكِ لاتنبشين إلا في العورات والمساوئ
إن كنتِ حريصةً على أمتك وتخافين عليها من شياطين 2007
فدعي عنك التاريخ بمحاسنه ومساوئه واعملي
نعم اعملي الآن
حتى لايذكر التاريخ غير محاسنك
فالتاريخ لايرحم سيكتب الحقيقة وغيرها وسيخرج متقـــّولون ليقولوا عنكِ ماقيل عن غيرك من أوهام وأباطيل
انهضي بنفسك فأنت جزء من هذه الأمة وبكِ وبمن معك ستنهض الأمة
لاتكوني حجر عثرة
يتقدم الآخرون وتبقين أنتِ قابعة تنبشين في تاريخك لتبحثين بين زواياه المغبرة عن السوءات والأكاذيب
جربي أن تتقدمي خطوة إلى الأمام وكلنا سنساعدك
ليكن لك شرف السبق بذلك وأجر من سيحذو حذوك
أكاد أجزم أن ماقلته لكِ كان سيقوله ابن كثير لو قرأ ماكتبتِ عن خليفة مجاهد
هذا النزق يحترق دون أن يعلم لأنه يظن أنه يُحرق دون أن تأكله ناره
هذا النزق مسكين غائب عن الوعي ربما !!
لعله يظن أنه يحترق ليضيء لمن حوله لكنه للأسف في غمرة غفلته نسي هدفه النبيل وملأ قلبه الحقد والحسد فقرر أن يحترق ليُحرق فقط لاغير !!
لكنه احترق وفاحت رائحة العود في كل مكان فشكراً له
استباحة !!؟
تهمة جديدة وهي تهمة قوية ستثقل كاهلك يوم تلقين ربك
ماحصل من قتل كانت له أسبابه
وكما قلت لك فالصحابة رضوان الله عليهم حصل بينهم القتل فهل ترينهم قد استباحوا دماء بعضهم !!؟
أعتقد أن الإخوة قد أوردوا لك العديد من القصص التي تثبت إجلاله للعلماء وسيره بنفسه لهم وأخذ العلم عنهم
بل وإكرامه لكل عالم وفقيه إكراماً ليس له مثيل
قبِل من الناصح نصحه المُغلظ منهم والرفيق
لكنك كما قلت لك لاترين المحاسن ولذا فلن تعترفي بها !!
لا ياعزيزتي ليس لك أن تكتفي بتعداد مساوئه فقط لتظهريها على الملأ وكأنه مجرم سفاح لم يفعل خيراً قط
فهذا ليس منهج العدل والإنصاف
وإلا لو صلُح هذا المنهج لعمّ الخراب والدمار وتقطعت الصلات بين الناس
ولندمتِ أشد الندم على سلوكك هذا المسلك غير السوي !
الخمر !!؟
قلتِ أنك لم تذكري الخمر بل ذكرتي المرطبات الروحية فلماذا وقعتِ فيما نفيتيه عن نفسك أولاً !!
وحكمت المحكمة بثبوت تعاطي هارون الرشيد للمسكر
على فرض أن الروايات كانت صحيحة _ مع اعتراض المؤرخ المشهور ابن خلدون عليها _ إلا أن ما حاولتِ جاهدة أن تثبتيه هو مارغبت في إيصاله لك !!
فهذا المسكر (( خمراً كان أو نبيذاً )) هو بعينه الذي ذكره ابن كثير بأنه المختلف فيه
ففي الصفحة التي سبقت الروايتين قال ابن كثير رحمه الله :
_ فإن الرشيد كان يستعمل في أواخر ملكه المسكر, وكأنه المختلف فيه _
والمختلف فيه عزيزتي هو النبيذ !!
وما أريد إيصاله لك هو أنه على فرض صحة شربه للنبيذ فقد كان بناء على اختلاف حكمه بين الفقهاء ولم يستحله بنفسه
عزيزتي النبيهة
ليست هذه لمزاتي
إنها الحقيقة والحقيقة هي مدار نقاش العقلاء
حقيقة اختلاف الناس وتمايزهم
لم يخلق الله كل خلقه على شاكلة واحدة
فمنهم من يغلب خيرُه شرَّه ومنهم العكس
منهم من لايرِد إلا موارد العفن والقذر ومنهم من تأنف نفسه مراتع الشبه فضلاً عن القذر
فيهم الصالح وفيهم المفسد
وهذه سنة الكون
ولو خلقنا الله دون أن نذنب لذهب بنا وأتى بخلق خير منا يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم
وإن كنتِ قد علمتِ أن هارون الرشيد رحمه الله قد أذنب فما علمته أنا أنه كان سريع الأوبة والتوبة وكم من يوم بللت دموعه لحيته وكم بكى من خشية الله وكم شهد له علماء وفقهاء عصره بذلك
عزيزتي إقرأي ماسطرته يداك لتعلمي إن كنت قد لمزتك أم لا !!؟
راجعي كتاباتك كلها وصارحي نفسك وكاشفي قلمك أين يرتع !!؟
وأنا سأنشغل بنفسي فلا يخلو أحد من العيوب ,, لكن العاقل من انشغل بعيوبه عن عيوب غيره وبادر بإصلاح نفسه ليصلح غيره
وهارون كان ملك عصره وقائد أمته
نشر الإسلام في بقاع الأرض ودافع عنه ونصره
قاد الجيوش وهزم الفرس والروم
أعزه الله فأذل أعداء الدين على يديه
رعى العلم والعلماء حتى أن الناس كانوا يتسابقون فيما بينهم ليعلموا أولادهم القراءن ويحفظوه وينشئوهم تنشئة دينية لما رأوه من إكرام الرشيد للعلم والعلماء
أبعد هذا الخير كله منه تريدين أن تخرجيه من الخيرية التي نص عليها رسولنا الكريم !!؟
ما أنا إلا ناقلة عن ابن كثير رحمه الله حتى أرفع التهمة عن خليفتنا المجاهد
ولا أظن أن هذا الإختلاف له ثمرة مستحبة حتى نسعى لها
لأنه لاحاجة لنا بالنبيذ ولا بغيره من المرطبات الروحية
وعموماً إن وقعت عيناي يوماً على الاختلاف المذكور فلابد أن أخصك بشيء منه
وألف ألف شكر على حسن الضيافة
المفضلات