لا.. لوقف إطلاق النار!
طالما ان حزب الله «يمرغ أنف اسرائيل في التراب» ويهزم الجيش الاسرائيلي، وينهي اسطورته، وهذا امر لم نشهده في كل الحروب العربية الاسرائيلية السابقة، فانني مندهش، لمطالبتنا كعرب بوقف اطلاق النار!! من فضلكم دعوا حزب الله يلقن هؤلاء الاوغاد درسا، دعوا الحزب يستمر في نضاله ليقضي على هذه «الدولة اللقيطة». تاريخ وقف اطلاق النار بالنسبة لنا كعرب هو خديعة كبرى، الم يطالبنا المجتمع الدولي بالهدنة في عام 1948؟! ترى ماذا كانت نتيجة هذه الهدنة؟ نتيجة هذه الهدنة كانت ان «العصابات الصهيونية» خدعتنا وقامت ببناء دولة اسرائيل التي نعاني من اجرامها طوال نصف قرن، احتلت فيها اسرائيل ارضنا، وذبحت اطفالنا وهدمت بيوتنا، لو لم نقبل بوقف اطلاق النار يومها ما كان حصل الذي حصل!!
ثم لماذا نقبل بوقف اطلاق النار وقد قال لنا الامين العام لحزب الله بأنه سيضرب تل ابيب؟! السنا نعرف بان الاسرائيليين جبناء وانهم سيهربون عندما ينهزم جيشهم؟ اسرائيل كما قال الامين العام هي ليست «دولة ذات جيش وانما هي جيش له دولة».. متى ما هزم هذا الجيش فان الدولة ستنهار وسيهرب اليهود من فلسطين، فلماذا نمنح اسرائيل هذه الفرصة؟! اذا كان الجيش الاسرائيلي يهزم كل يوم في مارون الراس وفي طيبة وعيترون، فلماذا نترك هذا الجيش يتنفس؟! اتركوا الحزب كي يقضي عليه وقولوا معي لا لوقف اطلاق النار.. لاننا متقدمون ولا يجب ان نكتوي بنار الهدنة والخديعة مرة اخرى! ثم ماذا يعني وقف اطلاق النار حسب الشروط الاسرائيلية؟! وقف اطلاق النار ـ يا سادة ـ كما تراه اسرائيل هو وجود قوات دولية مكونة من 15 الى 25 الف جندي اجنبي في جنوب لبنان، يعني ان اسرائيل ستنسحب فقط بعد ان تسلم جنوب لبنان لاحتلال اجنبي آخر، ومعظم هذه القوات ستكون قوات فرنسية!! فكيف للنبهاء منا ان يقبلوا بتبديل احتلال اسرائيلي باحتلال اجنبي آخر قوام قوته 25 الف جندي مدججين بالسلاح يسيطرون على جنوب لبنان ولديهم القوة والعتاد لضرب اللبنانيين القادمين من شمال نهر الليطاني الى جنوبه.. كيف لنا ان نقبل بهذا ونحن المنتصرون؟! وشاشاتنا تقول لنا بالنصر القريب وتعبئنا وتجهزنا للنصر. الذين يتحدثون على شاشاتنا هم اهلنا، ولا اظن انهم سيكذبون علينا مرة اخرى.
بناء على كل هذا لا بد ان نكون واثقين بالنصر، وان نتنبه لخداع الاعداء. الخدعة الكبرى اليوم هي ان القوات التي ستحتل جنوب لبنان ستكون قوات فرنسية، فكيف لنا ان نقبل باحتلال فرنسي لجنوب لبنان؟! هل هذا عودة للانتداب الفرنسي مرة اخرى؟! ألم يضح لبنان بالابناء وبالمال وبكل غال ورخيص من اجل التخلص من الانتداب الفرنسي على لبنان؟ كيف لنا ان نطرد الاستعمار من الباب الامامي للبنان ليدخل الفرنسيون الى لبنان كقوة محتلة مرة اخرى من الباب الخلفي؟! أي عاقل يقبل هذا؟!
أمعقول ان يقول الناس بأن جهاد حزب الله وهزيمته لاسرائيل لم يحرر لبنان، بل اعاده خمسين عاما الى الوراء وسلم جنوب لبنان على الاقل للقوات الفرنسية؟! ان قوة فرنسية في جنوب لبنان قوامها عشرة آلاف جندي مدججين بالسلاح تعني عودة النفوذ الفرنسي الى لبنان من جديد وتحت تهديد قوة السلاح.. تعني عودة الانتداب مرة اخرى.. كيف لنا ان نقبل بعودة الانتداب ونحن المنتصرون، ونحن الذين قضينا على اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر؟! يجب الا نقبل هذا.. ولهذا اقول لا لوقف اطلاق النار!!
لا لوقف اطلاق النار ليس لان حزب الله منتصر على الارض فقط، ولكن لأنه منتصر على شاشات التلفزة ايضا. ولان الجماهير العربية كلها خلف الحزب وخلف الامين العام للحزب.. هذه الجماهير لم تتجمع خلف اي قائد عربي من قبل، لم تتجمع خلف جمال عبد الناصر ذاته.. فلماذا ونحن في لحظة الحشد هذه.. ولحظة التبرع بالغالي وبالنفيس ولحظة تطوع الآلاف، بل مئات الآلاف من اجل الاستشهاد.. لماذا ونحن لدينا كل هذه القوة نطالب بوقف اطلاق النار؟!
الاعلام العربي يبشرنا كل يوم بأن الجيش الاسرائيلي يهزم على مدار الساعة، المسألة فقط مسألة وقت.. الاسرائيليون لا يستطيعون المواجهة على الارض، هم فقط يضربوننا من الجو.. تدريجيا ستنتهي طائراتهم وتدريجيا سيحسون بالهزيمة ولا بد لهم ان يدخلوا الى لبنان، ساعتها سيسحقهم حزب الله، لأن المعادلة على الارض في حرب غير متكافئة بين جيش نظامي وبين جماعة متمرسة في حرب العصابات ـ كما يقول وليد العمري وجيفارا البديري ـ هي في صالح حزب الله.. اذا كان الامر كذلك واننا نكسب المعركة فلا داعي على الاطلاق لوقف اطلاق النار... اطلاقا!!
في وقف اطلاق النار انقاذ لدولة الصهاينة، ويجب الا نمنحهم هذه الفرصة ونحن متفوقون، اسرائيل الآن ـ يا جماعة ـ على جرف هار وجيشها فقد كل معنوياته، اتركوا حزب الله يجري وراءهم ويدخلهم الى جحورهم او يبددهم الى حيث اتوا.. فهذه العصابات التي اتت من اوروبا هي جماعات رفاهية لا تستطيع قتال من هم يتسلحون بالايمان.. المعركة اليوم في صالحنا كما لم يكن الحال في اي معركة من قبل.. اضافة الى كل هذا لدينا دولة نووية تقف خلف جهادنا، قادرة على سحق اسرائيل بالصواريخ.. هذه الدولة هي ايران بالطبع.. اسرائيل هزمت العرب في السابق، لكنها لن تستطيع هزيمة تحالف عربي ـ فارسي.. هذه المرة.
اقول لا لوقف اطلاق النار لأن خطة اسرائيل وخطة القوات المتعددة الجنسيات ستسلم جنوب لبنان للانتداب الفرنسي مرة اخرى، فهل يعقل ان تكون نتيجة كفاح حزب الله.. ونتيجة كل هذه التضحيات هي عودة الانتداب الفرنسي الى لبنان، اي ان يعود هذا الجهاد بلبنان لخمسين عاما الى الوراء؟ هذا امر غير مقبول ابدا! لو كنا سنسلم لبنان كل عشرة او عشرين عاما من احتلال اجنبي الى احتلال اجنبي آخر، فلا معنى لكفاحنا ولا معنى لانتصاراتنا.
لكل هذا وفي جو نحن فيه منتصرون يجب ان نقول لا والف لا لوقف اطلاق النار.. وان نواصل الكفاح حتى تنتهي اسرائيل ولا يجب الالتفات الى الاعيب واشنطن وباريس لانها احلال احتلال باحتلال آخر.
المفضلات