من هم بنو مهدي
يعتبر النسابين أن قحطان هو جُذم اليمن ويجوز أن ننسب للأعلى دائما وكلما انقرض جيل أو طبقه أصبح لمن دونه أن يأخذ مكانه بترتيب النسب فيجوز لنا الآن أن نعتبر جذاما أي (عمرو بن عدي) جذما وجمهوره الذي يليه هم بنيه (حرام وحشم) ويجوز أن نعتبر حرام (جمهور) ويليه في الطبقة الثالثة (الشعب) فيكون طريف من ذريه (حرام) هو (الشعب) ولان طبقة الرابعة هي (القبيلة) وهي دون الشعب وتجمع العشائر فإن إمهدي يجمع كافة عمائر بنو مهدي وقد دخل فيهم بعض من القبائل الأخرى من جذام مثل بنو عقبه الذين كانوا في منطقه الشوبك والكرك أيام المماليك وأصبحوا بحكم القربى حيث كان أميرهم شطي بن عبية المتوفى سنه (748هـ/1347م) وأصبح بنو مهدي الأكثر قوة وعددا وتوسعت لهم بلاد شرق الأردن حتى أصبح لهم فيها أكثر من عشرين إمارة امتدت من حسمى وتبوك وأيله ومعان والشوبك وآبل الزيت وآبل التفاح إلى إمارة البلقاء وإمارة الزرقاء وإمارة الفحيص وإمارة وادي السير حيث سمي (عراق الأمير) وهو اسم بلده (العراق) ولأن الأمير المهداوي سكنها سميت بعراق الأمير ثم كانت آخر إماراتهم في تبنه من لواء الكوره ومنها كان غروب نجم بنو مهدي،حيث امتد تاريخهم عبر حقبه طويلة من الزمن وقد كان لهم أيام المماليك درك الحج الشامي حيث كتب ذلك بخط كاتب السلطان الظاهر بيبرس والي الشام آنذاك وأقطعهم منطقة البلقاء مع دفع مبلغ من المال كرسمٍ سنوي لهم لحماية الطرق وتقديم ألفي فارس حسب نظام الإقطاع المملوكي وهكذا استمرت إماراتهم إلى أن كانت آخر أيامهم بأفول نجمهم في انتهاء إمارة تبنه حوالي عام 1769م.
الحقب التاريخية في حياة بنو مهدي
1.عهد ما قبل الإسلام:جاء منهم إلى بلاد الشام بنو عمرو بن عدي بن الحارث بن مره بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن عامر (سبأ الأكبر) بن يشجب بن يعرب (المرعف)بن قحطان،ولأن الرومان كانوا يدينون بالنصرانية فقد انتشرت هذه الديانة بينهم لاحتكاكهم بالرومان،وقد حاول الرومان السيطرة على هؤلاء البدو لكنهم وجدوا فيهم غلظة وقسوة وشدة في حروبهم فهابوهم وداهنوهم واقطعوهم قيمة من المال لكل أمير منهم،وظهرت الدعوة الإسلامية في الحجاز ببدايتها عندما كان يحكم الجزء الجنوبي من بلاد الشام(إمارة معان وأيله والشوبك) الأمير الشهيد فروة بن عمرو بن النافثة بن حرام بن عمرو الذي كان قريبا من مقر الدعوة المحمدية وكان أيضا الاكيدر في دومة الجندل والحرة الرجلاء أميراً عليهما وقد كان من النبي أن بدأ بدعوة ممن يليه من الأقطار لدين الإسلام فأرسل الرسل إلى كافة الملوك تدريجيا فأرسل إلى فروة بن عمرو بن نافرة بن نافثة يدعوه للإسلام فما كان منه إلا ملبياً لاسيما انه على دين النصرانية ويعلم من خلال ما ورثه عن أجداده أن هناك نبياً سيأتي ونصرانيته التي بشرت بقدوم سيدنا محمد فأرسل فروه كتاب إلى النبي مع هدية،وردَّ له النبي هدية تكريماً له ثم اسلم حوله عدد من أقاربه و ذووه ضمن أيله ومعان والشوبك،فلما بلغ الرومان ذلك خشوا على ملكهم أن يضيع منهم وطلب القيصر زيادة إقطاعه من الأرض ومرة يزيد له في مخصصاته المالية السنوية ولكنه وجد فيه عزيمة قويه فأمر بصلبه وبقي ثلاثة أيام وهو يحاول معه ليعود عن دينه ولما أبى أمر بقتله وان يبقى مصلوبا على عين عفرى في منطقة الطفيلة ليكون عبرةً لغيره وقبل استشهاده قال:
بلغ سراة المسلمين بأنني سلِم لربي أعظمي ومقامي
وقيل انه دفن في ذلك الكهف الواقع بأعلى الوادي الذي تنحدر من أسفله ينابيع الماء الحارة في عفرى،رحمه الله واسكنه فسيح جنانه وكفاه مكانة انه أول شهيد في الإسلام بأرض الشام، وقد كان في حساب الرومان أن هذا الموقف سيكون درساً وعبرةً رادعين لمن أراد أن يلتحق بصفوف الإسلام لكنهم أخطأوا التقدير فقد كان سبباً بزيادة تمسك المسلمين بإسلامهم وسرعة نشر الدعوة الإسلامية في بلاد الشام وتقريب ساعة نهايتهم واندثار هويتهم؛فقد جاء بعد فترة بسيطة رفاعة بن زيد بن روح بن حرام بن عمرو في هدنة الحديبية قبل خيبر فأهدى رسول الله غلاماً واسلم فحسن إسلامه وكتب له رسول الله كتاباً لقومه واسلم قومه وساروا للحرة الرجلاء بعيداً عن الرومان ريثما ينتشر الإسلام بين الناس أكثر ويزداد عدد المسلمين وذلك عجل في غزوات المسلمين باتجاه الرومان شمالاً.
غزوة تبوك:بقادة النبي وسميت غزوة (العسرة) لأرض غسان ولم يحدث تماس مع الرومان ويومها أرسل النبي خالد بن الوليد لدومة الجندل في ارض كنده ففتحها وأسر الاكيدر ملكها فأسلم واسلم معه كثير من قومه وكان ذلك في رمضان (9هـ)/أكتوبر630وفيها كان إسلام فروة بن عمرو النافرة بن نفاثه بن عمرو بن عدي (الجذامي)وقد شارك في جيش عمرو بن العاص في فتوحات بلاد الشام ما يزيد على ثلاثة ألآلاف فارس منهم
الأيوبيون/المماليك:
عندما نذكر الأيوبيين يقفز بنا الفكر إلى عظمة صلاح الدين الأيوبي الذي حرر ديار الإسلام من الصليبيين وهو من مواليد تكريت بالعراق عام 1137م وكان والده احد قادة الجيوش مع عمه شيركوه،في خدمة عماد الدين زنكي وشاركه معاركه وكذلك إبان فترة حكم ابنه نور الدين زنكي وبقي يتلقى العلوم والفروسية،وبعد وفاة عمه أسد الدين شيركوه في مصر 1169م أمر الخليفة الفاطمي(العاضد)بتولية صلاح الدين الأيوبي الوزارة وهذا مما ساعده على إعداد الانقلاب العاجل والشامل على مصر مستعيناً بتقريب أنصاره وأقاربه من الشام إلى مصر مبتدأً بتطهير الجيش من الموالين للفاطميين ،حتى كانت نهايتهم على يد صلاح الدين الأيوبي وخلال هذه الفترة كانت إمارات بني عايد(الجذاميين)تتقلص نحو مركزها في معان حيث تأثرت بكل ما يدور حولها في بلاد الشام وفلسطين والحجاز وللحفاظ على ملكياتهم ضموا إمارتي تيما وأيله إلى المركز معان مع البقاء على جزء من قواتهم في ايلة.
لقد لعب آل العايد وأحفادهم بنو مهدي(الجذاميين) دوراً بارزاً وحضوراً فاعلاً في معارك التحرير ضد الصليبيين إلى جانب قوات صلاح الدين الأيوبي ككواكب من الفرسان وقد قدموا أكثر من ثلاثة آلاف فارس في معركة حطين وذلك لوجودهم جانب قوات صلاح الدين في الأردن وتماسكهم معهم بحكم الموقع وزاد ذلك اختراق آرلوند في عملية هجومه على أيله مدينتهم التي كانت لهم منذ فجر الإسلام مما زادهم غيرةً على دينهم وعِرضهم حيث أعادوا مع قوات صلاح الدين مدينة أيله وتم القضاء علي القوات الصليبية في المنطقة الجنوبية لبلاد الشام .
ولعب الاتابك دوراً مهماً مع آل زنكي في مقارعة الصليبيين مما هيأ المسرح السياسي والعسكري لصلاح الدين لتوحيد جناحي الدولة العباسية وإنهاء الخلافة الفاطمية والتفرّغ لصراع الصليبيين حتى كانت بداية نهايتهم على يد صلاح الدين الأيوبي متوجة بمعركة حطين وبعد سنتين تم تحرير بيت المقدس منهم،ولا يغيب عن بالنا دور الاتابك في محاربة الصليبيين من الجهة الشمالية في منطقة حلب والموصل والرها ودمشق حيث دام وجودهم من1122م-1146م وفي هذه الحقبة الزاخرة بالمعارك بقيت إمارات العايدي منيعة وقوية وزادها قوة مكانة فرسانها لدى صلاح الدين الأيوبي.
لقد كان وجود الصليبيين مستمراً من خلال حملاتهم المستمرة على المنطقة والتي كان آخرها الحملة السابعة والتي تزامنت مع الغزو المغولي بقيادة هولاكو عام 1255م بدايةً في همذان وذلك عام 1256م أيام الخلافة العباسية في بغداد بينما كان الخليفة المعتصم بالله وهو السابع والثلاثين من الخلفاء العباسيين وكان مع هولاكو مائتا ألف مقاتل بينما كان جنود الخليفة لا يزيدون عن ثلاثين ألفاً بقيادة مجاهد الدين أيبك والتقى الجيشان في شمال العراق لكنهم لن يكونا متكافئين فغلب التتار المسلمون واتجهوا إلى بغداد،وهناك خرج الخليفة إلى هولاكو يحمل له الجواهر والنقود فطلب منه هولاكو أن يأمر الناس بوضع السلاح والخروج من المدينة وهنا انقض جنود هولاكو عليهم وأبادوا منهم كثيراً وكانت همجية المغول بشعة حتى أنهم أحرقوا وأتلفوا كتب العلم والعلماء ووصل عدد القتلى أكثر من سبعمائة ألف من أهل بغداد وقتل الخليفة وأبناؤه وبذلك زالت الدولة العباسية ثم زحف هولاكو إلى الشام من الموصل وحرّان والرهّا ثم حلب ثم دمشق وكان يترك خلفه كوارثاً ودماراً فظيعاً،وكان الحاكم على مصر آنذاك علي بن معز أيبك التركماني وكان صغير السن ويقوم بمساعدته سيف الدين قطز،فجمع أمراءه واستشارهم بعزل الملك المنصور(علي بن المعز أيبك)فوافقوا وبايعوه بسلطنة البلاد.
وفي عام 1260م أرسل هولاكو إلى مصر كتاباً يطلب فيه تسليم مصر لكن قطز ردّ بطلب الجهاد وفعلاً خرج قطز(الملك المظفر)لقتال عدوه في غزة أولاً وكان قائد المغول بيدار وهزم المغول ثم جاءت معركة عين جالوت عام1260م حيث هزم فيها المغول شر هزيمة وكانت في شهر رمضان من ذلك العام.وبذلك تكون بلاد الشام قد دخلت تحت حكم المماليك وأولهم المظفّر قطز والذي اغتيل عام 1261م وتولى بعده السلطة الظاهر بيبرس .إن حكم المماليك يعتبر العصر الذهبي الثاني لبني عايد،فقد شاركوا حرب الفرنج كغيرهم من القوات العربية،لاسيما أن البدو كانوا يعتبرون أنفسهم طبقة عربية محاربه وهم الذين حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم،ونظام الانتماء العائلي ساعد على احتفاظهم بوحدتهم وتماسكهم،وقد قدموا قوات لحفظ الأمن على الطرقات بين الشام ومصر وبين الشام والحجاز ففي عام 1263م/661هـ(عهد الظاهر بيبرس)حيث كتب الظاهر بيبرس لبني العايد بدرك الحاج الشامي وغفر البلاد وغفر الطرق وأقطعهم أقطاعات جليلة.
وفي عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون سانده بنو عايد في ثورته بالكرك سنة709هـ/1309م حيث استرجع سلطته على أيديهم مما زاده تقرباً منهم ومن أبناء عمومتهم(بنو عقبة)في الكرك وجعل في بني مهدي الإمرة ورفع منزلتهم وقرّب الأمير شطي ووازاه بأُمراء آل فضل في الشام وأقطعهُ أقطاعات جليلة وعمّر له ولأهله الخباء(البيوت)،لكنهم انفوا دخول فناء التنظيم لحبهم للحرية وكثيراً ما ثاروا على السلطة فقد شاركوا في ثورة الكرك معبّرين عن روحهم العربية الأصيلة لأنهم أبوا الخضوع لسلطانٍ ليس من الجنس العربي.وكان يتواجد من الجذاميين في جنوب بلاد الشام كل من: (بنو عقبة)وهم بطن من جذام وكانوا في الكرك والشوبك وكان عليهم درك طريق الحاج بين مصر والمدينة المنورة إلى حدود غزة ومن البلقاء إلى الديار الحجازية .وكان عدد مقاتليهم سبعة آلاف والتزموا بتقديم ألف فارس للدولة مقابل أقطاعاتهم وذلك حسب النظام الإقطاعي المملوكي وكان أميرهم شطي بن عبيه الذي توفي سنة 1347م.
وبنو مهدي كانوا في البلقاء وحول(عمان والسلط والزرقاء)وهم عدة بطون وفيهم العدد والشرف وكانوا يلتزمون للمماليك بدرك طريق(الشام-الحجاز)،والتزموا بتقديم ألف فارس للدولة حسب النظام الإقطاعي المملوكي وكانوا أكثر عدداً وعدة،وكانوا مع بني عقبة على اتفاق تامّ.ومن طيء كان آل ربيعة في منطقة الأزرق والظليل إلى حوران والجولان وبصرى وكان عليهم درك طرق البلاد من حوران إلى البلقاء وأيضاً عليهم ألف فارس حسب نظام الإقطاع المملوكي،ومع تحركات هذه القبيلة وحروبها مع قوات الظاهر بيبرس ثم قلاوون من بعده ضد التتر والمغول،واشتراكها في معركة عين جالوت،ثم تحركها شمالاً باتجاه سوريا وفلسطين،حيث تبقى من تبقى منهم(فرع مناع)والذي اقطع مناطقنوى،دير الزور،الرقة)وبقيوا فيها حتى جاء الحكم العثماني خلال الخلافة العثمانية حيث داهنتهم الدولة العثمانية وتوددت إليهم لأن كافة العربان ضمن المنطقة كانت تحت إمرتهم،حيث كان أمير العربان أو(سلطان البر)هو الأمير مجحم بن مهيد وعرف(بمصوت العشاء)ولمحبة الناس له وقربهم منه كان موقف الدولة العثمانية محايداً معه،حتى كان يملك مئات الآلاف من الهكتارات المرورية من نهر الفرات والبليخ،ولما كانت نهاية الدولة العثمانية وقدوم الفرنسيين كاستعمار ثار العرب الأحرار ضدهم وكان آل مهيد من مؤسسي الحركة الوطنية في سوريا،وسنورد ذلك فيما بعد،وتحرك قسم آخر هم بقية آل عايدي بقيادة الأمير إبراهيم العايدي شقيق الأمير إربيق العايدي إلى غزة وهناك بقي بناءاً على طلب السلطان قلاوون الذي اقر أن يكون أمير تحالف العربان هو الأمير إبراهيم حيث انتقلوا فيما بعد إلى مصر بمنطقة الشرقية،أما الفرع الآخر من آل عايدي فقد بقيوا بقيادة الأمير إربيق كأميراً لتحالف عربانطي،إبقري، زاملة،والعايدي)،حيث كان لشيوخ العايدي الإمرة فكان كلاً منهم أميراً وكان القضاء بين العربان لهم واقطعوا معظم مناطق فلسطين والبلقاء من جنوب بلاد الشام.أما بنو عقبه وبنو سويد،وأولاد راشد،فقد بقوا في شمال الأردن .
الحكم العثماني
مع غروب نجم المماليك وما صاحبه من قدوم موجات القبائل العربية القادمة من شمال شبه الجزيرة العربية وفي رقعة الأراضي الرعوية بدأ أعقاب العايدي بنو مهدي بالتوسع شمالاً نحو الكلأ والماء لما يكفي مواشيهم وإبلهم حيث يقدمونها للتحميل عليها مع القوافل التجارية ومع ظهور الأمير الأسعد أحد أحفاد الشهيد فروه بن عمرو الذي جمع حوله أهل الرأي والمشورة وأقروا تقاضي قيمة ربع بعير عن كل قافلة تمر بأراضيهم من مادبا إلى البلقاء إلى الزرقاء وكان وازعهم في أخذ هذه الضريبة عدم دفع رواتب لأبنائهم الذين يعملون كجنود للدولة وكأجرة خدماتهم لتوفير الأمن في المنطقة وكان ذلك بأواخر أيام المماليك(الذي سبب تنظيم جيوشهم ومصادر تجنيدهم) في زعزعة السلطة المملوكية وكذلك لعب العامل الاقتصادي تأثيراً آخر على تسريع انهيار المماليك وبسبب نقص الأمن قل الاهتمام بالزراعة وزاد الأمر سوءاً ظهور الأمراض فقد عاود الطاعون بالانتشار في مطلع القرن(15م) فشلت بسببه الحياة البشرية ونشاطها الاقتصادي في هذه الفترة،وخلال ظهور ألب أرسلان في شمال شرق البلاد الإسلامية وتغلبه على الصليبيين نشأت امارة العثمانيين الأولى وبعد معركة(ملا ذكر) عام 1071م توغل ألب أرسلان في احتلال الأناضول وأسر امبراطور البيزنطيين مما زاده شهرة والتفاف عدد من الارمن حوله فأسس أول إمارة هي أرمينية وعرفت بأرمينية الصغرى ثم بدأت هذه الأمارة بالتوسع فيما بعد حيث تولد عنها إمارات مثلمنشة،أيدن،صاروخان،قرة حي،تكة،كرمان،جندر،جرميان،كوتاهية،وعثمان) وهي التي تواجه البيزنطيين على الطريق الرئيسية إلى القسطنطينية والمدن الإسلامية في بلاد الشام،والعراق.
وقد أخذت هذه الإمارة بالتوسع تدريجياً على حساب البيزنطيين فاحتلت بروسه عام1326م ثم نيقية عام1331م وكان كل انتصار يزيد من عدد من يلتفون حولها مما يزيد قواته العسكرية،وزادها حظاً أن طلب منها الإمبراطور البيزنطي يوحنا السادس(كانتوكوزينوس)مساعدتها ضد منافسة يوحنا الخامس(باليولوغوس)،فنقل جنودها إلى البلقان عام 1345م لدعمه وسرعان ما عرفوا أهمية البلقان وسهولة التوغل فيه فتوسعوا لحسابهم مستغلين هذه الفرصة.
ثم ازداد نفوذهم بعد نجاحهم في معركة(قوصوه)عام 1389م على تحالف دول البلقان بقيادة السلطان مراد الأول ابن أورخان حفيد عثمان الأول ثم خلفه ابنه بايزيد الأول الذي أكمل الاستيلاء على معظم البلقاء ما عدا استنبول ففتح(بلغاريا،وصربيا،والبوسنة،وهنغاريا)وقد اطلق على بايزيد الأول بالصاعقة ولكي يصبغ عمله بالصبغة الشرعية أرسل إلى الخليفة العباسي عام1394م طالباً منه منحه لقب سلطان الروم فوافق له على ذلك ولكي يؤكد له حسن نواياه حاصر القسطنطينية لكنه انسحب عنها عندما ظهر تيمورلنك الذي اتجه إلى بلاد الشام وهزم بايزيد الاول قرب أنقره في 28/تموز/1402م فأقدم على الانتحار خلال أسره من قبل تيمورلنك.
وبوفاته حصلت تصفية بين أبنائه فاستمرت بحرب أهلية لمدة عشر سنوات (1403-1413م)حيث اعترف تيمور بولاية سليمان بن بايزيد حاكماً على البلقان لكن أخاه محمد تنكر له واغتاله وأصبح هو باسم السلطان محمد الأول ثم خلفه كل من مراد الثاني الذي طبق نظام(الدفشرمة).
خلال أعوام(1430-1438م)وهؤلاء الجند هم الذين وسعوا رقعة الحكم العثماني وهم بالوقت نفسه الذين هدموا قلعة السلطنة العثمانية حتى قضى عليهم فيما بعد السلطان محمود الثاني عام 1826م. وتبع مراد الثاني محمد الثاني الذي لقب(بالفاتح)لأنه القسطنطينية عام 1453م وجعلها عاصمة العثمانيين،ثم بدأ الصراع على النفوذ مع الصفويين وحدثت معركة(جالديران)قرب تبريز في23/آب/1514م انتصرت فيها قوات السلطان سليم الأول على الصفويين وهي الدرجة الأولى من سلم الخلافة العثماني،وقد اتبع سليم سياسة الأرض المحروقة فزاد الغلاء وعم القحط وانعدمت الزراعة وزاد تصرف الانكشاريين رهبتهم في نفوس الناس ثم جاءت معركة مرج دابق عام1516م حيث فتحت بلاد الشام امام العثمانيين وكافة الولايات الإسلامية ولن نخوض كثيراً في سياسة العثمانيين لكننا نعود إلى وضع بني إمهدي في هذه الفترة حيث كان الأمير مسعد هو أمير بنو مهدي ولما كانت الدولة العثمانية غير متفرغة للسيطرة التامة على كافة المناطق ولأهمية المنطقة في نظرها وخوفاً من توسع إمارة بنو مهدي فقد اتبعت المنطقة من ذرعات حتى الشوبك لسيطرة والي دمشق،حيث قام هذا الآخر بوضع ادارة حكومية في الكرك واتبعها في حماية عسكرية في الشوبك لكن الأمير جاسر ابن الأمير أسعد أغرى والي الكرك مع بدو الكرك من بني عقبة(الجذاميين)على التمرد على العثمانيين في زمن السلطان سليمان القانوني .
وسنتعرض فيما بعد إلى بعض تفاصيل حكم العثمانيين وإداراتهم لكننا نورد بعض النقاط فيما يتعلق بأيام العثمانيين،فعندما عين والي دمشق حاكماً في الكرك،بدأت الفتن بالظهور نتيجة تصرفات العثمانيين وولاتهم فقد حاول بنو مهدي الابتعاد عن مكر العثمانيين فارتحلوا شمالاً باتجاه(الفحيص،وماحص،وعراق الأمير،والرميمين)وغيرها من أجزاء البلقاء الشمالية وقد دام حكمهم في هذه المنطقة ما يقارب المائة وخمسين عاماً،وكان دور العثمانيين كبيراً في وضع الدسائس بين عناصر البلاد لإضعافهم فاتخذوا كثيراً من الأساليب منها:
أوغرت الدولة العثمانية صدر الأخ على أخيه فمثلاً ساعدت ذياب العدوان بقوةٍ عسكرية لقتل أخيه صالح العدوان حيث قبض عليه وقطع رأسه وأرسله للقائد العثماني .
قدمت مساعدات مالية لقبيلة الروله والعدوان للتحالف ضد بني صخر لإقناعهم بقتال بنو مهدي.
أرسلت حملة بقيادة هولو باشا والي نابلس لتأديب عربان البلقاء ولما علم أنه لا قدرة له عليهم،أرسل لهم يصانعهم ويدعوهم للصلح وهناك قبض عليهم في نابلس وسجنهم وباع خيولهم في دمشق عام1882م.
كانوا يعدمون كثيراً من زعماء البدو من دون سبب.
تغاضى العثمانيين عن الحركة الوهابية باكتساح جنوب الأردن حتى الكرك عام1790م.
شجع العثمانيون إبراهيم باشا لاكتساح الوهابيين عام1809م وكذلك محمد علي باشا ضد الوهابيين عام1818م.
مؤازرة الثورة السورية في حوران ضد إبراهيم باشا حليفهم عام1833م.
دمرت بلدة زيزيا حينما لجأ إليها بنو صخر عندما ساعدوا حاكم نابلس قاسم الأحمد على التمرد.
آزر العثمانيين قبائل عجلون(تحالف ضد عرب السعيدية)وأجروا وادي السعيدية دماً منهم.
بطشوا بأهل قرية الطيبة (الوسطية)عام 1889م لامتناع بعضهم عن دفع الضرائب.
أبادوا قسم من أهالي الشوبك عام1909ملرفضهم تقديم الماء للحماية العسكرية التركية
أدخلت الدولة العثمانية عناصر غريبة غير مرغوب بهم من قبل أهل البلاد كاليهود الذين كانوا يعملون بالوظائف المالية مما أثار كثيراً من الفتن.
اتبعت الدولة العثمانية سياسة فرق تسد في القضاء على القبائل العربية.
اتخذت الدولة العثمانية من نفسها صاحب الشرعية في جباية الضرائب المختلفة دون أن تنفق منها على ادارة أهل البلاد أو تحسين حياتهم المعيشية.
- اتخذت الدولة العثمانية أسلوب التسلط والجبروت في جباية الضرائب وعمدت إلى التنكيل بكل من يحاول الخروج على السلطة وأوجدت نظام(الملتزمين ) والإقطاعيين وأدت إلى الفقر والمجاعة بين الناس.
*هذا جزء يسير من كثير مما يمكن تأكيده عما كانت تصطبغ به الدولة العثمانية من الداخل وما تخفيه تحت(عباءة)الإسلام (وجبة)الخلافة وما أن انجلت حقيقتهم حتى بدأ أهل البلاد بالخروج عن طاعتهم،لقد كان للدولة العثمانية وأساليبها أثراً كبيراً في تفريق أبناء القبيلة الواحدة وتشتتهم على شتى أنحاء ولاية سوريا لإضعافهم وتمكين السيطرة عليهم وأكبر دليل على ذلك أن بني مهدي يتوزعون على رقعة واسعة من الأرض :
ـ لقد أحلوا أسماء الإناث بدل الذكور وأحلت الفروع مكان الأصول وأسماء المهن والألقاب مكان القبائل فها نحن نجد بأيامهم مثلأبازريفة،الخطيب،الحلواني،البندقجي،السمكر ي،الطرمان،العميان،الشامي،النابلسي،المغرب ي)وغيره كثير مما يساعد على تفتيت القومية وعلاقة النسب التي تجمع القبيلة الواحدة على رجل واحد،وبرغم كل هذه الأساليب فإننا نجد استمرار وجود هذه القبيلة واستمرار نفوذها أينما حلت وفي أي وقت مع تباين درجات قوتها حسب هذه الظروف المتباينة إلى أن كانت غروب شمسها مع أول أفول نجم الدولة العثمانية فتشتّت جمعها وأصبحت أفخاذ صغيرة موزعة على بقعة واسعة من الأرض تمتد من البلقاء إلى الزرقاء والظليل إلى الشام(فيق،جباتا،حمص ،حلب) ثم إلى نابلس فمصر غرباً مما أضعف قوتها وأبعد إمكانية جمع شتاتها إلى حين من الدهر،وقد رافق هذا الشتات تسميات وألقاب لهذه الفروع بعيدة عن بني مهدي.
إمارات بنو مهدي
لقد كانت قبيلة بني مهدي كثيرة العدد قوية الجانب وأصبحت بحكم الوضع السابق تحكم نفسها بنفسها خاصةً بأيام الظاهر بيبرس والسلطان قلاوون وبقيت على هذا الوضع من القوة والنفوذ حتى جاء العثمانيين ووجدوا جنوب ولاية سوريا على هذا الوضع فحاولوا إنهاءه بإرسال والٍ إلى الكرك،وحماية إلى الشوبك لكنها لم تُجْدِ شيئاً،ولأنهم وجدوا أن هذه القبيلة تأخذ الضريبة على القوافل العثمانية أو تنهبها إذا لم تدفع القافلة تلك الضريبة فقاموا باستخدام أسلوب القوة معهم وكانت واقعة(وادي الشلالة)في منطقة شمال الأردن حيث انهزم فيها العثمانيون ونتيجةً لذلك انقسمت القبيلة إلى قسمين (قسم آل مريود) شمالاً خلف القوات المهزومة حتى وصل إلى مناطق جنوب سوريا واستقروا هناك قرب أبناء عمومتهم آل مهيد ليكونوا درعاً عن بقية القبيلة في الجنوب وهم يعرفون اليوم بآل مريود ومنهم الزعيم المناضل أحمد مريود زعيم الثورة ضد الفرنسيين وقد قدم إلى الأردن في عهد قدوم المغفور له جلالة الملك عبد الله الأول وكان من مؤسسي(نضارة شؤون العربان)ثم كان وزيراً للمعارف وعضواً في البرلمان الأردني.
إمارة البلقاء
لقد تحدثنا خلال فترة المماليك عن ظهور بنومهدي وعن وصولهم بالبلقاء لعصرها الذهبي أيام المماليك ففي عام1263م،وفي عهد السلطان الملك الظاهر بيبرس استعادت البلقاء مكانتها كأكبر إمارة لبني مهدي حيث أقطعهم كثير من الإقطاعيات وقربهم إليه،وجعلهم في مكانة أمرائه وكبار مرافقيه ومستشاريه لاسيما الأمير شطي الذي كان من أكبر مستشاري السلطان،وقد أورد القلقشندي في كتابه(صبح الأعشى في صناعة الإنشاء)في الجزء الرابع منه وفي الصفحة(243)عن امتيازات عربان الشام ومن بينهم أمراء بن مهدي في البلقاء وما جاورها من إمارات ومنها:"وأعلم أن هؤلاء العرب لم يزل لديهم عند الملوك مزيداً من البر والحُبّاء..وجزيل العطاء لاسيما عند وفادتهم إلى الأبواب السلطانية
والعطايا كيف كانت تفيض عليهم فيضاً،من الذهب العين،ومن الدراهم مئات الألوف،والخلع والأطلس بالأطرزة المزركشة،وأنواع القماش المفضل،والسنجاب،والبراطس والمصوغات المجوهرة والذهب والكثير من اللباس المزركش لنسائهم،والسكر المكرر،ومختلف الأشربة مع ما يطلق لهم من الأموال الجمة من الشام،ويقطع باسمهم من المدن والبلاد والقرى والضياع ".وهذه الإمارة في هذا الوقت كانت تقدم ألفي فارس حسب نظام الإقطاع المملوكي العسكري مع بني عقبه وهم فرع من جذام في الكرك ويقومون بحماية طرق البلاد وتأمين السلامة والأمن لأهل البلاد وكذلك درك الحجيج في فترة الحج وبهذه الحالة يكون وضعهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في أوج قمّته،هذا الوضع الذي أشعر العثمانيين منذ قدومهم إلى بلاد الشام فوجوده غير ملائم لما يدور بخلدهم حيث أن هذه القوة ستكون خطراً عليهم،ولكي نتصور هذا الوضع علينا أن نتخيل الخارطة التي تغطيها رقعة الأراضي التي تحت حكم بني مهدي(من الغرب غور الأردن إلى منطقة سيل الزرقاء،وحده الغربي المصلوبية وصياغة وامتدادها غرباً حتى البحر الميت وجنوباً حدود الكرك وأطراف الشوبك وشرقاً مع نهاية الظليل لأن الزرقاء تحت حكم الأمير شبيب المهداوي وشمالاً نهر الزرقاء حتى التقائه بنهر الأردن،وهذه المساحة الكبيرة تشمل عدة محافظات حالياً منها(محافظة العاصمة ومحافظة الزرقاء ومحافظة البلقاء ومحافظة الكرك وأجزاء من محافظة عجلون حالياً وإربد أيضاً)فهي ثلثي مناطق الحياة في الأردن هذا جعل العثمانيين التفكير في شتى الوسائل للخلاص من هذه القوات وتفتيت هذه القلعة الحصينة فأتبعوا جنوب الأردن لولاية سوريا وأرسلوا حاكماً عسكرياً إلى الكرك وحمايةً عسكرية إلى الشوبك ومن ثم بدأوا بحيل المكر والخداع وإشعال نيران الحقد والكراهية بينهم وبين القبائل الأُخرى.
إن هذه الإمارات لم تتشكل بين يوم وليلة مع وجود دولة إسلامية حاربت المغول وأعادت الهوية الإسلامية لكثير من مناطق بلاد الشام ولولا مكانة الأمراء وانحدارهم من جذور أحبها الله ورسوله لما كانت هذه المكانة لهم ولما سكت عنهم السلاطين ولاطفوهم،ومع قدوم المنقذ الجديد الذي تزيا بزي الإسلام فتحت له القلوب البريئة حتى تنكر لها فمنذ استلام السلطان سليم عام1517 قسم سوريا لأربع ولايات يحكمها ويجني ضرائبها والٍ يعينه السلطان ومدة حكم الولاة لا تتجاوز السنتين مما يضطر الوالي للضغط بعصا من حديد على الأهالي لاسترجاع ما دفعه من رشاوى ثمناً للولاية وخاصةً ولاية الشام ولإنماء ثروته ضمن هذه المدة القصيرة وتأمين الضرائب المقررة على ولايته للسلطان .وكان الولاة يستخدمون أساليب مختلفة في جباية الضرائب فمثلاً كان منهم من يعطي شيوخ القبائل القوية ممن(كانوا بمثابة الأمراء)حق جمع الضرائب من الناس بطرقهم الخاصة،ومنهم من كان يعين ملتزماً بكل منطقة وهذا الملتزم عليه جمع مبلغ معين من المال للوالي وهو يجبي الضريبة بطريقته الخاصة ولديه من الجند ما يكفي للإساءة والإرهاب)!للأهالي بحيث يدفعون حتى أثاثهم ليؤدوا قيمة الضرائب المطلوبة منهم وقس على ذلك حالة الفلاح الذي يزرع الأرض وينتظر جني المحصول ولا ينال منه إلا التعب،وهذا أحد أسباب هجر الأرض وإهمال الزراعة مما أدى إلى تدهور الحالة الاقتصادية في أواخر الخلافة العثمانية.
لقد ورث الأمير جودة الإمارة من والده الأمير محمد وعن جده إمهدي،وهذه الإمارة متوارثة منذ عهد (فروه)في إمارة أيله ومعان التي كانت تصل إلى عمان والبلقاء وذلك في عهد ظهور الإسلام واستمرت مع الاختلاف في مقدار قوتها ومساحة أراضيها وكما كانت قبيلة بني مهدي تحكم البلقاء حكماً عشائرياً،فقد كان الأمير جودة يسوس الأمور خاصةً أن قبيلته هي أقوى وأمنع القبائل في المنطقة .
وقد كانت علاقته مع باقي القبائل علاقة مودة واحترام فقد كان قاضياً عشائرياً ورث ذلك عن جده وأبيه(ابن مهيد)أو الأمير(الأمهدي)وعرف عنه العدل وصواب النظر في الأمور،لذلك كانت تأتيه الخصوم لينهي الخصومة بينهم والأمثلة كثيرة على ذلك منها ما أورده كتاب تاريخ الفحيص لمؤلفه أديب ألعديلي في(القضوة)للأمير بن مؤنس ألعبادي الذي كان في ماحص وأهل الفحيص على نبع الماء،وكان كريماً عفيف النفس فلم يذكر عنه أنه هضم حق أحد من الناس ممن حوله وكان فارساً سليل فارس وكان ضيوفه أكثر من أقاربه حوله ولهذا التسامح نجد أن النصارى قطنوا الفحيص وماحص طلباً للأمان بجوار هذا الشيخ الجليل ولم يذكر أنه تعرض لهم بسوءٍ يذكر.
أما ما كان يروى على ألسنة بعض الناس ممن يجيدون حبك الروايات وتلوين الصور(قصة الأمير المهداوي مع ابنه خوري الفحيص)والتي حرفت لأكثر من صيغة كما يحلو للراوي تعديله وتبديله.فإننا نورد القصة امتثالاً لحرية الرأي(الرأي الآخر)،تاركين للقارئ الكريم حرية الحكم عليها وتتلخص فيما يلي:
تسلم الأمير جودة إمارة البلقاء حوالي عام1630م من والده محمد وكان الخوري قدم إلى الفحيص منذ أربعة شهور ترافقه ابنته(مريم)ماريا وسكن في مغارة في قلعة دير الروم وأمامها شجرة كبيرة فذهب الأمير جوده إليه عندما سمع عن جمال تلك الفتاة عاقداً النية على الزواج منها إن راق له الأمر فذهب ضيفاً ولما ذهب إلى بيت ألخوري(مكان إقامته)شاهد الفتاة جالسة تحت الشجرة فقال لها شعراً،ثم طلب الفتاة من والدها،فوعده بالزواج منها بعد إعطائه مهلة لاستشارة الفتاة،وبعث الخوري إلى أهل الفحيص يثيرهم ضد الأمير جودة ومستنجداً بهم.
وكان أن تم الاتفاق بين أهل الفحيص والخوري على قتل الأمير جودة قتل الأمير جوده،وأثاروا البعض للاستعانة بالعدوان الذين لهم ميول للخلاص من قوة هذا الأمير فأرسلوا رسولاً يدعى(عفانه)من عشيرة الزيادات فجاء العدوان واتفق الجميع على قتل الأمير المهداوي(جودة).
فرسمت خطة محكمة حيث حددوا يوم الزفاف يكون يوم تنفيذ الخطة فوضعوا حراسات حول البلدة وحول مكان وجود الخوري وتحديد من يقوم على خدمة الأمير وأرسلوا للعبد المرافق للأمير المهداوي من يشتري منه ضميره بالمال ليفك أسرجه خيول المرافقين للأمير المهداوي ذلك اليوم،وإنه كعادات العرب سيكون الأمير ضيفاً على الخوري أولاً ثم يأخذ عروسته وطلبوا منه ألا يرافقه عدد كبير نظراً لحالة الخوري المادية،وكان ذلك اليوم من نهاية شهر آب وقيل أن الأمير قدم حسب الاتفاق بالموعد المحدد وعلى الطريق وجد ذرة مزروعة فتناول حبة(عرنوس)وطلب من مرافقه(عفانه)أن يعد حباته ونزعها من أصلها ليلتهمها الأمير فكانت منه مثلاً من مقتل رجال من العدوان بعدد حبات الذرة وكان كما يقال أن عدد العدوان كان أربعين رجلاً وكان ذلك الموقف أمام رجال العدوان مما اهاجهم ذلك التحدي لهم ولكنهم كظموا غيظهم لكي لا تنكشف الخطة،ولما قدم الطعام للأمير ووضع يده فيه وذاق طعمه فلم يجد(الملح)فعرف أنها نية الغدر والمكيدة وهي من عادات العرب،إذا أرادت الغدر فقام الأمير وقال(بقتم)يا أهل الفحيص فأجابه أحدهم:"البوق بدا منكم يا أمير"وهوا عليه بالسيف فقتله وأطلق الرصاص وهي إشارة لبقية الخطة فهجم من كان بالخارج على مرافقي الأمير وقاتلوهم فقتل حسن وسميت أبو الحسن وكذلك ذيب بمنطقة أبو الذيب وصقر في منطقة الصقيرية.وقتل غنام واستمر القتال بين قبيلة المهداوي والعدوان مع حلفائهم من أهل الفحيص وخلف الأمير جودة على القبيلة ابنه ضمّان فلما رأى تحالف القبائل ضده نزل إلى غور الكفرين،وما لبث العدوان أن هاجموه وقتلوا ابنه مشهور ثم ارتحل إلى غور بيسان وإلى غور نمرين.وتلك القصة تتنافى مع الحقيقة كان الهدف منها تشويه نهاية أسرة بني مهدي.
بطون بنو مهدي:تشير معاجم اللغة إلى أن كلمة مهدي لغة"هي بالأصل الثلاثي (مَهَدَ) ومهد الشيء بسطه وجعله سوياً،ويقال مُمهّداً وجمعه (مهود) والمهيد هو الماء العذب الخالص الزلال وحرارته بين البارد والساخن (الفاتر) وأما تسمية القبيلة بهذا الاسم فهو يعود للجد الأعلى وهو إمهدي وقد تكرر هذا الاسم بأشكال مثل (مهيد،مهدي، إمهادي،مهداوي..الخ) ولكن التسمية تعود إلىإمهادي بن عايد الله بن حسن بن علي،وينتهي الاسم إلى طريف وطريف هو من نسل الشهيد الأول في الإسلام بأرض الشام (فروة بن عمرو بن نافرة النفاثي من كهلان) وقد تفرع عن هذه (العمارة) (طريف) وهي الطبقة الخامسة؛بطوناً عديدة تكاثر منها وانتشر في شتى أنحاء البلاد الإسلامية سواء مع حركة الفتوحات الإسلامية وما تبعها من جيوش في المعارك الإسلامية مع الصليبيين والمغول وغيرهم. ومن هذه البطون:
البطن الأول:العايدي (في مصر) وجدهم الشيخ إبراهيم العايدي كان أمير عربان منطقة الشرقية
البطن الثاني:آل عمرو في مصر وهم من أبناء جدتهم التركية الأصل الملقبة بالاباضية
البطن الثالث:بنو بِقر بن نجم بنو ابقري وهم في مصر بمنطقة الشرقية والمنوفية.
البطن الرابع:المهيدات وأفخاذهم (مهيد،عمامره،جوهر،سواعده،عثامنه،عيسى،خمي ،تيم،سليمان) وهم في منطقة الإقحوانة (كفر أسد،صيدور)
البطن الخامس:الشقيرات وهم أبناء محمد بن ضامان بن جودة الملقب بـ(أبو شقره) وهم في مناطق الكورة/الأردن (جفين، كفر الماء،رحابا).
البطن السادس:بنو شبيب(قطع شبيب) وتشمل(الدلاهمه،أبو سحيبان،أبو تتوه،قطارنه،وهم في مناطق:عمان الجنوبية والغربية) أم الحيران،الجو يده،القويسمه،العلياء،النهاريه،صويلح،طارق ،شفا بدران).
البطن السابع:الحيادره (آل حيدر) وهم أحفاد حيدر بن سليمان ويقطنون مناطق عمان الغربية.
البطن الثامن:المهداوي (أبناء محسن) في شويكه،وقسم في مناطق (بيسان) ومنهم قسم كبير في منطقة إربد وفي بلدة المشارع/الأغوار الشمالية.
البطن التاسع:السويلميين،آل سلوم،وهم أحفاد حمدان بن إبراهيم بن عثمان وقسم منهم في مناطق (الكوم،وياجوز) وآل سلوم في سوريا.
البطن العاشرقرقش) وهم أبناء الأمير ضمان الذي توفي في مدينة نابلس نتيجة البرد وأطلق عليهم لقب قرقش ومنهم قسم في مناطق عمان.
البطن الحادي عشر:الهبارنه وهم أبناء عوض وهم أبناء عمومة مع السويلميين ويعيشون في مناطق عمان الشمالية .
البطن الثاني عشر:الحوريين/الحورات وهم أبناء ضامن وقسم منهم في مناطق كفر أسد وحور وفي منطقة أبو الزيغان .
البطن الثالث عشر:آل مريود قسم منهم بقي في سوريا والقسم الآخر عاد إلى كفر أسد ومنهم احمد مريود وحسان مريود زعماء الثورة ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا.
البطن الرابع عشر:آل مهيد(ابن مهيد) واغلبهم في جمهورية سوريا حاليا ونهم الأمير مجحم بن مهيد الذي أطلق عليه لقب (مصوت بالعشاء)
البطن الخامس عشر:آل الصالحي ويقطنون مناطق (المشارع،الصوالحه،دير علا)
وقد انتشرت هذه البطون في شتى أنحاء بلاد الشام ومنهم الآن في الأردن وسوريا والعراق ومصر وشمال السعودية وشمال السودان والأندلس وقد أطلق عليهم أسماء عديدة حديثه،وهذه الحالة التي كانت تخطط لها الدولة العثمانية لتفرقة القبيلة حيثما حلت،وكذلك بقيه القبائل البدوية،القوية مثل بني صخر أيضا ولهذا بدأ الشتات قديماً منذ أكثر من ثلاثمائة عام.
المفضلات