العراق وإيران يحملان أرثٍ كبير من التاريخ والحضارة ، وعندما تتحدث عن المنطقة لا يمكن لك أن تستبعد أحدهما بل مجبرٌ على الأتيان بما صنعوه شعوب تلك الحضارتين .
إيران والعراق في العصر الحديث أبتليا بحكوماتٍ وقادةٍ ليسوا على قدرٍ من المسئولية والأمانة التاريخية لدولهم وشعوبهم ، بل أنهم جعلوا من أحلامهم وأوهامهم عجلةٌ في تدمير بلدانهم وشعوبهم .
فأحمدي نجادي جاء بعباءة الخميني والثورة الأسلامية ،وصدام حسين جاء من عباءة ميشال عفلق وحزب البعث الأشتراكي ، وصعد الاول سلم الثورة الاسلامية وتسلق الثاني حبال البعث العلماني. نال الاول الرئاسة بأصوات الناخبين ومباركة المرشد الأعلى للثورة ، وانتزع الثاني السلطة بالقتل والتصفية والتهجير .
الأول ليس صاحب الكلمة الاخيرة ويمكن له التراجع والثاني كان صاحب الكلمة المطلقة ، يعمل الاول في ظل الموازين والضوابط التي رسمتها له الملاله " الثورة " وكان الثاني طليق اليدين والسلطة في شؤون البلاد والعباد.
جاء الاول من أمة جذورها ضاربة في المنطقة والتاريخ وعلى أساس طائفي وعرقي ، وجاء الثاني على أنقاض الامجاد الغابرة وحلم العودة «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة».
وبين البلدين والرئيسين ذكريات ودروس متشابهه ومتناقضه ، ولكنها قد تكون نتائجها واحده .
المقارنة لا تعني التشابه فليس في سجل احمدي نجاد أبادة للأكراد ولا دفن الناس في المقابر الجماعية. وتوزيع الصلاحيات في ايران لا تسمح لرجل وحيد بخطف القرار وأخذ البلاد الى الهاوية ، وأن كان ما يسير عليه من قرارات قد تجر بلاده الى الهاويه ، ثم ان احمدي نجاد يتصرف كمن يحاول تنفيذ مهمة اوكلت اليه لا يمكن له إلا السير وفقاً لها ، أما الثاني فيعتبر نفسه صانع الثورة أو مهندس المستقبل او الرجل الذي يمارس الحكم المطلق بتفرد .
عندما عاد الامام الخميني الى طهران. وضخت عودته هديرا عميقا في عروق المنطقة، ورفع راية الثورة الأسلامية خاف صدام على نظامه وبلاده وخاف من جاذبية الرجل العائد لدى بعض شعبه الذي ينتمي لنفس الطائفه " الشيعيه " ، فذهب الى الحرب ضد النظام الذي لم يخف رغبته في تصدير الثورة الى الجيران وخاصةً العراق .
وقلق العالم من ثورة الخميني التي جاءت من خارج القاموس ومحاولتهم لكبح جماحها مكّن صدام من الدخول في حربٍ خرج منها بلا هزيمة أصر على اعتبارها انتصاراً.
من ذلك الانتصار الوهمي تبدأ مغامرة صدام حسين الانتحارية على مستوى الاقليم في محاولةٍ منه للعب دور أكبر للسيطرة على منابع البترول وموانيء تصديره ، ومن شروط الدور الاقليمي الكبير الذي أراده لنفسه أستخدام ورقة القضية الفلسطينيه وتصعيد لهجة العداء لاسرائيل ، ومن ثم التفاوض مع الكبار بعد استجماع تلك الأوهام وتحت وطأة الأزمة المالية واحلامه في بناء الدولة الكبرى في الاقليم ولوجود ترسانة ضخمة ، وفي ظل تغيراتٍ للوضع العالمي بعد أنهيار الاتحاد السوفييتي أبتلع صدام حسين دولةالكويت التي كان يظنها بدايةً لأمبراطوريته الجديدة التي تقاسمها مع الآخرين في "مجلس التآمر العربي".
وإيران تحتل الجزر الأماراتية وتظمها لخارطتها دون الأكتراث بمعايير حسن الجوار ولا حتى الأعتراف بالمحاكم الدولية .
صدام كان يقول سوف أحرق نصف إسرائيل ، وأحمدي نجاد يقول إسرائيل آيلة للزوال وعلى أوربا أن تقيم لهم دولة على أراضيها ، وصدام كان يتلاعب مع المفتشين الدوليين لأسلحة الدمار الشامل ولسان حاله يقول نعم لدي أسلحة ولكن لن أكشفها ، ونجادي وحكومة طهران تلاعبت منذ أكثر من 15 سنة على أنه ليس لديها مفاعل نووي وهاهي تعلن الآن عن نجاحها في أقامته .
الجنوب العراقي المنتمي لطائفة الشيعة كان أكبر الخاسرين من نظام الحكم الصدامي ، والجزء العربي من إيران " عبدان " هو اكبر الخاسرين لنظام الثورة الخمينية بسبب العرق .
بين نظام البعث ونظام الملاله أوجه إختلاف وأوجه تشابه ولنا في تاريخ المنطقة عبر ودروس ، وبعد
ما حدث للعراق ما حدث ، فهل سيجرنا النظام الثوري الإيراني الى نفس السيناريو ؟؟
تقبلوا تحياتي
المفضلات