السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعدت كثيراً بانضمامي إلى هذا الصرح الكبير الذي يستمد قوته وشهرته من قوة وشهرة أهله الكرام.
وسعدت أكثر حين رأيت قسماً مخصصاً لحبيبنا الراحل – نسأل الله لنا وله المغفرة والرضوان – الأمير الشاعر طلال الرشيد.
ومن باب شكر الناس ووضع الأمور في نصابها، رأيت أنه من الواجب علي ذكر الموقف التالي لتبيان جانب من جوانب شخصية الراحل أبو نواف.
فقد تقدمت بطلب توظيف في مجلة فواصل قبل ما يقارب ست سنوات، وانتظرت رد المجلة علي، وإذا بهم فعلاً يتصلون بي هاتفياً لإبلاغي بموعد المقابلة الشخصية وأنها مع صاحب المجلة ورئيسها الأمير طلال رحمه الله.
حقيقة أن فرحتي شابها بعض القلق والخوف وهي أنني سأقابل شاعر وصحفي متمكن إضافة إلى كونه أمير وشخصية مشهورة ولها وزنها في البلد وفي العالم العربي أيضاً، و و
فتمكن مني القلق وظليت على قولتهم أحاتي هالمقابلة ومتى بس تعدي على خير.
في اليوم المحدد توجهت إلى المكتب الرئيسي للمجلة، وما هي إلا دقائق وأنا واقف بباب الأمير أنتظر الإذن للدخول، وفي تلك اللحظة كان كل ما يشغلني هو كيف سيكون اللقاء وكيف سأبدأ حديثي معه.
وما أن دخلت عليه حتى قام من مكتبه واستقبلني عند الباب وصافحني ورحب بي ثم سار معي إلى أن جلسنا إلى كرسيين جانبيين في مكتبه بعيداً عن طاولة المكتب وكأنه يقول لي إن مقابلتنا ستكون عادية بعيداً عن كل الرسميات والبروتوكولات.
حقيقة أن ما فعله رحمه الله أزال كل الرهبة التي كانت في نفسي من ذلك اللقاء وأعطاني جرعة ثقة وتوازن كنت افتقدتها من يوم وقفت عند الباب أنتظر الدخول.
طلب مني الجلوس ثم جلس على الكرسي المقابل، ثم قال لي بالحرف:
الحين خلنا من سالفة مقابلة وغيره، أنت ضيفي الحين ... ،
قهواني بنفسه بعد ما خضت معه حرباً في من يمسك بالدلة، وحرباً أخرى في محاولة أخذ عهد بأن أخرج من مكتبه دون أن يشترط علي ما يشترطه كل رجالات شمر.
نعود لموضوع المقابلة.
بعد ما تقهوينا قال لي:
وش اللي يميز فواصل وخلاك تطلب الشغل فيها؟
فقلت له:
مسايرتها للمجتمع وبعدها عن (الصبغ)
سكت لوهلة وهو ينظر إلي وبدت على ملامحه ابتسامة المندهش، ثم سألني:
وش تقصد بالضبط
فقلت:
إعلامنا بشكل عام إما للمديح أو للذم على غير منهجية واضحة يعني حسب ما يرتئيه رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة، ولكن في فواصل ما فيه لا مدح ولا ذم وهذا اللي رغبني إني أكتب فيها.
سألني:
وش تتوقع الشغلة اللي تناسبك في المجلة؟
فقلت:
يهمني أن أستطيع أن أنشر مقالاتي في مجلتكم حتى لو لم أعمل فيها
فسألني:
وتوافق على شروط النشر عندنا؟
فقلت:
أكيد بس أهم شي ما تكون شروط النشر تحدد لي متى أكتب ووين وكيف وأيش أكتب بالضبط.
حينها بادرني بسؤال:
يعني لو سلمت لنا موضوع ثم نشرناه ببعض التغييرات دون الرجوع لك وش بتسوي؟
فقلت:
هذا يعتمد على التغييرات، فإذا كانت تخدم الموضوع ولا تلغي فكرته الأساسية فسأشكركم عليها، وإذا كانت عكس ذلك فأعتقد أنني أحتاج إلى توضيح مقنع من قبلكم، وبعد التوضيح سيكون هذا آخر مقال لي معكم.
فقال:
بس كذا راح تتعب كثير وما بتلاقي من يقبل بشروطك ..
فقلت:
يا طويل العمر، أنا ما بعد شرطت شي بس أنت سيد الفاهمين وتعرف وش تعني كلمات الكاتب بالنسبة له وهذا اللي قريته في أكثر من مقدمة لك في أعداد مختلفة من مجلة فواصل، وهذا بنفس الوقت اللي حمسني أكتب بمجلة يكون القائم عليها يحمل مثل هذا الفكر.
استمر الحديث بعد ذلك طويلاً وخرجنا عن مجال المقابلة ا لشخصية وتحدثنا في عدة أمور وجوانب من الرياضية والاجتماعية والتعليمية وغيرها إلى أن قارب وقت المقابلة على الانتهاء، فنظر إلى ساعته ثم نظر إلي وقال:
رغم إني مستمتع كثير بالحديث معك وأتمنى الوقت يسمح لي أواصل معك بس بسبب وقت المقابلة شرف على النهاية،
عندك شي تبي تضيفه أو تستفسر عنه؟
فقلت:
سلامتك يا غالي، بس النتيجة باخذها الحين وإلا بتكلموني؟
فقال:
تبي شوري؟
قلت له:
مالي غناة عن رأيك وخبرتك
فقال:
رغم ان فكرك وأسلوبك أعجبني كثير بس أنصحك لا تصير صحفي، يمكن أنت تنفع في المجال الاجتماعي أكثر، وإذا لازم تكتب في الاعلام خلي كتاباتك كلها في المجال الاجتماعي لأن الواضح انك متميز فيه.
وعموماً حتى لو ما تم قبولك عندنا يكفيك إنك قابلت صاحب المجلة ورئيسها، وإلا ما يكفي؟
فقلت له:
أكيد يكفي وزود، ولكن أبي منك وعد طال عمرك.
فقال لي:
اللي اقدر عليه ما بردك فيه، سمّ.
فقلت له:
إذا لم يكتب لي أن أكتب معكم بصفة رسمية مستمرة فأتمنى منك أن تختار من بين كتاباتي التي بين يديك وتنشرها في أحد أعداد المجلة أو على الأقل تذكر شيئاً يسيراً منها في أحد مقدماتك.
قال:
أبشر بأكثر
بعدها حان وقت المغادرة فسلمت عليه ورافقني إلى الباب مثل ما استقبلني من عند الباب وودعني بحرارة.
طبعاَ أنا اختصرت الحوار وذكرت الوصلات المهمة فيه والتي لا زالت باقية في ذاكرتي، وبقية التفاصيل لا تخدم الموضوع لهذا لم أرى أهمية لذكرها هنا.
الحقيقة أنني كنت أحب هذا الرجل قبل لقاءه ولكنني بعد لقاءه أصبحت أحبه وأقدره وأحترمه وأغبط أولئك الذين يتعاملون معه يومياً.
نسأل الله الكريم الرحيم أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته وأن يظهر الحق عاجلاً
-----------------
** طبعاً نتيجة المقابلة لم أذكرها لأنها لا تخدم الموضوع الأساسي
** سبق وأن ذكرت قصة عنه رحمه الله تعالى حدثت في شهر رمضان وأعتقد والله أعلم أن أختنا ريم شمر قد نقلت القصة إلى هنا، وما ذكري لهذا الموقف إلا نقطة بسيطة لا تضيف لرصيد أبو نواف أي شئ لكنها تشعرني بأنني قدمت له شيئاً بسيطا.
المفضلات