بسم الله الرحمن الرحيم
متابعين رحلتنا مع بعض .. في [blink]روضة الذاكرين [/blink]...
و اليوم موضوعنا عن الحلم ...
ونكتفي بذكر ما جاء في كتاب " إحياء علوم الدين " للعلامة الغزالي جزاه الله خيراً
اعلم أن الحلم أفضل من كظم الغيظ لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلم أي تكلف الحلم ولا يحتاج إلى كظم الغيظ إلا من هاج غيظه ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة ولكن إذا تعود ذلك مدة صار ذلك اعتياداً فلا يهيج الغيظ وإن هاج فلا يكون في كظمه تعب وهو الحلم الطبيعي وهو دلالة كمال العقل واستيلائه وانكسار قوة الغضب وخضوعها للعقل ولكنا بتداؤه التحلم وكظم الغيظ تكلفاً
( قال صلى الله عليه وسلم " إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتخير الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه وأشار بهذا إلى أن اكتساب الحلم طريقه التحلم أولاً وتكلفهكما أن اكتساب العلم طريقه التعلم.
-وقال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اطلبوا العلم واطلبوا مع العلم السكينة والحلم لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه ولا تكونوا من جبابرة العلماء فيغلب جهلكم حلمكم وأشار بهذا إلى أن التكبر والتجبر هو الذي يهيج الغضب ويمنع من الحلم واللين.
-وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم أغنني بالعلم وزيني بالحلم وأكرمني بالتقوى وجملني بالعافية وقال أبو هريرة " قال النبي صلى الله عليه وسلم" ابتغوا الرفعة عند الله، قالوا: وما هي يا رسول الله قال " تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتحلم عمن جهل عليك .
- وقال رجل من المسلمين: اللهم ليس عندي صدقة أتصدق بها فأيما رجل أصاب من عرضي شيئاً فهو عليه صدقة فأوحى الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني قد غفرت لهو قال صلى الله عليه وسلم " أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم " قالوا: وما أبوضمضم قال " رجل ممن كان قبلكم كان إذا أصبح يقول: اللهم إني تصدقت اليوم بعرضي على من ظلمني.
-وعن الحسن في قوله تعالى " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً " قال حلماء إنجهل عليهم لم يجهلوا.
-وقال مجاهد " وإذا مروا باللغو مروا كراما " أي إذا أوذوا صفحوا.
-وقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم لا يدركني ولا أدركه زمان لا يتبعون فيه العليم ولا يستحون فيه من الحليم قلوبهم قلوب العجم ألسنتهم ألسنة العرب وقال صلى الله عليه وسلم " ليليني منكم ذوو الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ولا تختلفوا فتخلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق.
-وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب الحليم الحي الغني المتعفف أبا العيال التقي ويبغض الفاحش البذيء السائل الملحف الغبي وقال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تعتدوا بشيء من عمله: تقوى تحجزه عن معاصي الله عز وجل، وحلم يكف به السفيه وخلق يعيش به في الناس .
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة نادى مناد: أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعاً إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فتقولون لهم إنا نراكم سراعاً إلى الجنة فيقولون نحن أهل الفضل فيقولون لهم ما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيء إلينا عفونا وإذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
-وقال علي رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك وأن لا تباهي الناس بعبادة الله وإذا أحسنت حمدت الله تعالى وإذا أسأت استغفرت الله تعالى.
-وقال أبو الدرداء: أدركت الناس ورقا لا شوك فيه فأصبحوا شوكاً لا ورق فيه إن عرفتهم نقدوك وإن تركتهم لم يتركوك قالوا: كيف نصنع قال: تقرضهم عن عرضك ليوم فقرك.
-وقال أنس بن مالك في قوله تعالى " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " إلى قوله " عظيم " هو الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت كاذباً فغفر الله لك وإن كنت صادقاً فغفر الله لي.
-وقال معاوية لعرابة بن أوس: بم سدت قومك يا عرابة قال: يا أمير المؤمنين كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم،فمن فعل فعلي فهو مثلي ومن جاوزني فهو أفضل مني ومن قصر عني فأنا خير منه.
-وسب رجل ابن عباس رضي الله عنهما فلما فرغ قال: يا عكرمة هل للرجل حاجة فنقضيها فنكس الرجل رأسه واستحى.
-وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: أشهد أنك من الفاسقين فقال: ليستقبل شهادتك.
وعن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أنه سبه رجل فرمى إليه بخميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم فقال بعضهم: جمع له خمس خصال محمودة: الحلم وإسقاط الأذى وتخليص الرجل مما يبعد من الله عز وجل وحمله على الندم والتوبة ورجوعه إلى مدح بعد الذم اشترى جميع ذلك بشيء من الدنيا يسير وقال رجل لجعفر بن محمد إنه قد وقع بيني وبين قوم منازعة في أمر وإني أريد أن أتركه فأخشى أن يقال لي: أنتركك له ذل فقال جعفر: إنما الذليل الظالم.
-وقال رجل لمالك بن دينار: بلغني أنك ذكرتني بسوء قال أنت إذن أكرم علي من نفسي إني إذا فعلت ذلك أهديت لك حسناتي.
-ومر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام بقوم من اليهود فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له: إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال: كل ينفق مما عنده.
وقال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عند الحرب ولا الأخ إلا عند الحاجة إليه.
-ودخل على بعض الحكماء صديق له فقدم إليه طعاماً فخرجت امرأة الحكيم - وكانت سيئة الخلق - فرفعت المائدة وأقبلت على شتم الحكيم فخرج الصديق مغضباً فتبعه الحكيم وقال له تذكر يوم كنا في منزلك نطعم فسقطت دجاجة على المائدة فأفسدت ما عليها فلم يغضب أحد منا قال: نعم قال فاحسب أن هذه مثل تلك الدجاجة فسرى عن الرجل غضبه وانصرف وقال: صدق الحكيم الحلم شفاء من كل ألم.
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="none,medium,gray" type=4 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب = وإن كثرت منه علي الجرائم
فأما الذي فوقي فأعرف قدره = وأتبع فيه الحق والحق لازم
وأما الذي دوني فإن قال صنت عن = إجابته عرضي وإن لام لائم
وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا = تفضلت إن الفضل بالحلم حاكم[/poem]
-ورأى عمر رضي الله عنه سكران فأراد أن يأخذه ويعزره فشتمه السكران فرجع عمر فقيل له: يا أمير المؤمنين لما شتمك تركته قال: لأنه أغضبني ولو عزرته لكان ذلك لغضبي لنفسي ولم أحب أن أضرب مسلماً حمية لنفسي.
-وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لرجل أغضبه: لولا أنك أغضبتني لعاقبتك.
-وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وقف العباد نادى منادي ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة قيل ومن ذا الذي له على الله أجر قال "العافون عن الناس فيقوم كذا وكذا ألفاً فيدخلونها بغير حساب.
-وقال بعضهم: ليس الحليم من ظلم فحلم،حتى إذا قدر انتقم ولكن الحليم من ظلم فحلم حتى إذا قدر عفا.
-وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق وإذا أحب الله عبداً أعطاه الرفق وما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا محبة الله تعالى.
فما بالنا اليوم لا نصبر على الأذى ونجهل على الآخرين و ونرى مشاحنات لأتفه الأسباب وكما قيل لن يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها وهاهو قدوتنا( صلى الله عليه وسلم ) كان من أكثر الناس حلما وكذلك صحابته الكرام (رضوان الله عليهم) والتابعين ، فلماذا نشذ عنهم وندعى محبتهم ،
أحبائي في الله زينوا قلوبكم بالحلم ولنجعل شعارنا عند كل صباح دعاء احد الصالحين :
(اللهم انى تصدقت اليوم بعرضي على من ظلمني) ولنقوله بقلوبنا قبل ألسنتنا .
المفضلات