لسنوات طويلة ساد الإعتقاد بأن الإستهلاك سلوك فردي بسيط
لا يحتاج الى دراسة وتحليل إذ يخضع لما يسميه الإقتصاديون بقانون
" تناقص المنفعة ـ الغلة ـ الحدية "
الذي اشار اليه عالم الإقتصاد الإنجليزي ، وليم ستانلي ، في كتابه الشهير
" نظرية الإقتصاد السياسي " عام 1871م.
يشير هذا القانون الى ان المنفعة او اللذة او الإشباع الذي يحصل عليه الفرد
جراء استهلاك السلع والخدمات يتناقص مع ازدياد الوحدات المستهلكة.
فإذا كنت جائعاً او عطشاناً فإن ما تحصل عليه من إشباع من الرغيف الأول
الذي تأكله او كأس الماء الأول الذي تشربه اكبر مما يليه من طعام او شراب
وهكذا حتى يتوقف الطعام اوالشراب عن تقديم اي لذة او منفعة للمستهلك ؛
عندها يتوقف عن تناوله..
فمثلاً عندما تحس بالشبع عند تناولك الرغيف الثالث فإن الرغيف الرابع ليست
له تلك اللذة او المنفعة التي احسستها عندما تناولت الرغيف الثاني،،،،،،
ويتضمن هذا القانون افتراض الرشاد في المستهلك حتى لايستهلك إلا ما
يحصل منه على اكبر قدر من الإشباع او المنفعة ويتوقف عن الإستهلاك عندما
يصل هذا الإشباع او المنفعة الى حدها الأدنى،،،،،،
والأفضل من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
" نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا اكلنا لا نشبع "
فالشق الأول من الحديث يشير الى الحد الأقصى للإشباع الذي يبدأ معه
الإستهلاك اي وجود حاجة حقيقية تدعو الى الإستهلاك.
والشق الأخير يشير الى توقف الإستهلاك قبل ان تصل المنفعة او الإشباع
الى نقطة الصفر وبالتالي يكون الطعام قد حقق الغرض الذي اشتري من اجله
وانتفت الحاجة الى إستهلاك المزيد منه،،،،،،
وكل استهلاك لايحقق هذين المبدأين
( تلبية حاجة حقيقية ، وتوقفه قبل انتهاء منفعته )
يعد استهلاكاً تفاخرياً لأغراض المباهاة ولا علاقة له بالحاجات الحقيقية للإنسان،،،،،،
00 التغيرات الإقتصادية والإجتماعية بل والسياسية غيّرت هذا الفهم البسيط والمنطقي
للإستهلاك الذي اصبح ظاهرة مركبة اكثر منه سلوكاً فردياً..
وتفسير ذلك يحتاج الى العودة الى الوراء
تزامن التراكم الرأسمالي الأول الذي احدثته اوروبا ـ جراء حركة الكشوف الجغرافية الكبرى
وما رافقها من سلب ونهب لثروات الشعوب من قبل الأوروبيون ـ مع نهضة علمية دفعت
بهذا التراكم الى ماعرف بإسم
" الثورة الصناعية "
التي ادت بدورها الى موجة جديدة من الإستعمار بحثاً عن المواد الخام والأسواق!!
وكان ابرز ما افرزته تلك الثورة ماعرف بـ
" الإنتاج الكبير "
ومنذ ذلك الوقت والرأسمالية تسير في هذا الطريق..
تقديس الإستهلاك واعتباره غاية في حد ذاته
فعلى جميع المستويات تم توسيع سوق الإستهلاك بما لا نهاية له من السلع المختلفة
في اشكالها وماركاتها ولا تختلف فيما تشبعه من حاجات!!
وتم انتاج سلع لا تشبع اي حاجة بل تضر بالصحة كالتدخين؟؟
فهل تحول الإستهلاك من وسيلة الى غاية..
وهل
نأكل لنعيش
ام
نعيش لنأكل؟؟
ومن المستفيد من وراء ذلك
دمتم،،،،،،،،،
الرعــــــب
المفضلات