في طفولتي كنت اسرق نفسي المرة تلو المرة لاشاهد الفيلم الرائع عمر المختار .
كنت مدمنا شرها لذلك الفيلم .
لم أمل يوما من مشاهدته بل إني كلما شاهدته احسست بمشاهده وكأني أراها لأول مره , كنت حينها اتوقع ان انتوني كوين هو نفسه عمر المختار . لم يخيّل لي ولو للحظه بأن من قام بالدور غير عربي فضلا عن كونه غير مسلم .
أذكر ان مشاهدتي لذلك الفلم تسببت علي بعلقة ساخنة من أبي عليه رحمة الله . كنت مولعا جدا بعمر المختار لدرجة اني اندمجت بالقصة حتى خيّل إليّ اني ذلك الطفل الذي التقط النظاره بعد شنقه .
كنت انظر الى معدميه بنظرة كلها حقد وظغينة , كنت اطلبهم ثأرا شخصيا , وبعد كل نهايةٍ للفلم كنت افكر في كيفية الانتقام للشيخ الجليل المقاتل الصنديد .
وبعد ان كبرت وعرفت ان ما أولعت به لا يعدوا كونه فيلما كان هناك تساؤل اكبر من أجا ( سلسلة جبال عظيمه في حائل لمن لا يعرفه ) وكان تساؤلي : كيف أولعت بالفلم وكيف لذلك الممثل الغير مسلم اقناعي بأنه شيخ مسلم وكيف صدقت انه اعدم وأني ذلك الطفل الذي يلتقط نظارة شيخه .
وبمحض الصدفة عرفت ان ذلك العمل يقف وراءه مخرج سوري عربي مسلم وبتقنية واسلوب عالمي بل انه من وجهة نظري الشخصيه اعظم فيلم انتجته السينما حتى يومنا هذا .
وبعد كل ذلك كنت كغيري انتظر الفيلم القادم له ( صلاح الدين ) والذي اخذ من وقت وفكر المخرج العالمي مصطفى العقاد الكثير , بل إني كنت اراهن بأن الفيلم القادم سيقلب الطاولة في وجه ما يسمى سينما وخصوصا من ناحية الاخراج والمصداقيه وسيعطي درسا مجانيا قاسيا لكل المخرجين العرب والمسلمين .
لكن الفاجعة حصلت وذهب انتظارنا أدراج الرياح فمشيئة الله فوق كل شئ .
رحل العقاد عن هذه الدنيا اثر اصابته بالتفجيرات المريعه التي وقعت في العاصمة الاردنية عمان .
رحل العقاد وكان رحيله فاجعه لكل من احب أعمال العقاد التي عملها لاجل إلغاء الصورة المشوهة عن ديننا وتراثنا العظيم وأبطالنا المغاوير وأهم تلك الافلام فيلمي الرساله وبطل من الصحراء .
رحل قبل ان يحقق حلمه بصنع فيلم عن صلاح الدين الايوبي , والحق انه لم يكن حلما له وحده بل حلما لنا جميعا بعد ان يأسنا من أن يقوم بقية المخرجين المسلمين بحمل هموم وقضايا امتنا فوق أعناقهم , بل انهم أصبحوا حملا وعبئا ثقيلا علينا بمحاربتهم لمعتقداتنا واعطاءهم صورة سيئة ممسوخة عنا وعن ديننا .
رحم الله العقاد وغفر له وعفا عنا وعنه .
سبحان الله !!!
في مقابلة مع المخرج العالمي العقاد وكان محاوره رضا نصر الله سأله المذيع عن آخر ما وصل اليه فيلم صلاح الدين ومن من الممثلين يرشحه للبطوله فأجاب اعتقد بأن شون كونري ( ممثل معروف ) هو الانسب لملامحه الشرقيه ولكننا لم نصل لصيغة نهائيه معه , لكني حاسس اني بأنفجر قبل ما انفذ الفيلم !!!
رحمه الله وغفر له .
المفضلات