الحقيقة لم أود أن أكتب في الشأن السياسي في هذا الشهر الفضيل ،ولقد وعدت الكثير من الزملاء بعدم التطرق الى مثل هذه الأمور في هذا الشهر ولكنني أحسست من واجبي أن أتطرق على الأقل لهذا الموضوع في الوقت الحالي لسخونته على الساحه ، وأن كان قد تطرق له البعض من الزملاء الأعزاء دون تسليط الضوء على المعطيات التي دفعت الوزيرين لتلك التصريحات ، وأليكم التصريحين :
تصريح : وزير الخارجية السعودي (( راعي البل ))
اعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن السياسة الأمريكية فى العراق عمقت الانقسامات الطائفية وأدت الى تسليم البلاد للنفوذ الايراني.
ووجه الأمير سعود خلال حديث أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية فى نيويورك، دعوة الى الولايات المتحدة للعمل على توحيد صفوف الشيعة والسنة فى العراق.
ونقلت وكالة رويترز عن الوزير السعودي قوله " البعض يتحدث عن السنة وكأنهم اصبحوا منفصلين بالكامل عن الشيعة".
وطالب الولايات المتحدة بالعمل على جمع الاطراف العراقية، سنة وشيعة واكرادا. واضاف "اذا سمحتم باندلاع حرب اهلية، فان العراق سينتهي الى الابد".
وقال ان أى حرب اهلية ستؤدى الى تدخل اطراف عدة في النزاع. واوضح ان حصول ذلك سيؤدي الى تدخل ايراني بسبب اهتمام طهران بجنوب العراق الذى تسكنه أغلبية شيعية.
واضاف ان الدول العربية ستتدخل ايضا في النزاع بالاضافة الى تركيا التي يتملكها القلق من الحكم الذاتي الذي يمارسه الاكراد في شمال العراق.
وقال الوزير السعودي" لقد قاتلنا معا لابقاء ايران بعيدة عن الشأن العراقي بعد اخراج العراق من الكويت". وجاءت تصريحاته في اشارة الى حرب الخليج عام 1991 عندما شاركت السعودية في صفوف التحالف الذي قادته الولايات المتحدة.
وتابع سعود الفيصل" الآن نقوم بتسليم العراق باكمله الى ايران من دون سبب".
ونسب الى الوزير السعودي قوله" ان الايرانيين يتوجهون الى مناطق معينة بعد ان تقوم القوات الامريكية باحلال الهدوء فيها، ومن ثم يدفعون المال وينصبون رجالهم وحتى انهم يقومون بتشكيل قوات الشرطة ويمدون رجال الميليشيات بالسلاح".
واضاف ان كل ذلك يجري تحت حماية القوات الامريكية والبريطانية.بأعتقادي أن الوزير السعودي قد وضع يده على جرح من جروح العراق لم يسبقه أحدٌ عليه ، وفي ضل صمتٍ عربي مخيف مما يحدث بالعراق ، وكان لتصريحه الأنطلاقه لتدخلٍ عربي يفترض حدوثه من اليوم الأول لسقوط بغداد.تصريح : وزير الداخلية العراقي (( راعي البقر ))
حمل وزير الداخلية العراقي بيان جبر صولاغ الزبيدي بعنف على المملكة العربية السعودية اليوم الاحد رافضا ان "يعلمنا بدوي يركب الجمل" حقوق الانسان والديموقراطية في العراق.
وردا على سؤال حول تصريحات وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل حول تدخل ايران في العراق، قال الوزير في مؤتمر صحافي في عمان ان "الكلام السعودي مجانب للحقيقة ونحن نعرف منطلقاته وحقيقة دوافعه غير المعلنة".
واضاف "لا نريد فتح المجال اكثر (...) لكن هناك بلادا باكملها سميت باسم عائلة (..) لا نقبل ان يعلمنا بدوي يركب الجمل الديموقراطية وحقوق الانسان التي اقرها حمورابي للمرة الاولى في التاريخ. ونفخر بما لدينا من حضارات متعددة منذ القدم".
واكد ان "هناك مشاكل كثيرة في السعودية (...) يعيش اربع ملايين شيعي كمواطنين من الدرجة الثالثة وكذلك حوالى مليون اسماعيلي لكننا لا نريد ان نتدخل في شؤونها فليدعوا النساء تقود السيارة اولا قبل المطالبة بحقوقها كاملة كما هو الامر عندنا في العراق".
فالتدخل الايراني في الشؤون العراقية الداخلية امر لا يمكن نفيه او التستر عليه فهو موجود بشكل قوي وباشكال متعددة ابتداءا من الدعم المادي الى الدعم العسكري مرورا بالدعم الاعلامي للعصابات القتل والخطف والارهاب المتواجدة على الساحة العراقية، هذه التدخلات اقر بها اكثر من مسؤول عراقي خلال فترات متعددة منذ سقوط نظام البعث البائد والى الان وكان الدليل الاهم الاسلحة والمعدات الايرانية المنشا التي ضبطتها شرطة النجف بقيادة اللواء الجزائري ابان احداث النجف من السنة الماضية ، أضف الى ذلك رد وزير الداخلية العراقي نفسه الذي لم ينفي هذا التدخل ، بل سارع بالهجوم وبطريقة همجية لا تقرها الأعراف ولا البروتوكولات العالمية ، وأنحدر الى السباب في طريقةٍ تذكرنا بالنظام السابق وهجومه على الفيصل والسعودية قبل أندحاره .
أيضاً الكثير من أهالي الجنوب العراقي والذي زاروا الكويت خلال الأعوام الفائته كانوا يؤكدون هذا التدخل السافر ، بل وصل الى حد وجود عناصر من الأستخبارات الأيرانية تصول وتجول هناك ، ومن المؤسف ان دعاة الأغلبية الشيعية المتمثلة بالأحزاب الأئتلافية كانت ولا تزال تصرخ من التدخلات في الشمال والغرب ، محاولةٌ بذلك أبعاد الأنظار عما يحدث في الجنوب ، والمصيبة الأكبر سكوت المحتل عن هذه التدخلات الفاضحة .
الوزير العراقي أنزعج من تصريح الوزير السعودي رغم أنه ليس المختص
في الرد على مثل هذه التصريحات ، الأمر الذي يجعل المتابع لهذه التصريحات يتيقن بصحتها ، بل يعتبر الوزير صولاغ وحزبه أكثر المستفيدين من هذه التدخلات ، والا لماذا غضب؟؟؟؟
لنعود الى الأسلوب الذي أتبعه الوزير العراقي في رده على سعود الفيصل والذي عنونت به موضوعي هذا (( راعي البل / وراعي البقر )).
وأنا هنا لست بموقع المدافع عن الأمير سعود الفيصل أو عن المملكة العربية السعودية ، ولكن الأسلوب الذي أدلى به صولاغ ليس بجديد ، وتعودنا عليه ممن ينعقوق بحضارات ليس لهم يدٌ بها ، وأتهامهم للخليج بالبداوة والتخلف ونعتهم بالجمل وبيت الشعر ، وتناسوا كل ما وصلت اليه دول الخليج من تقدمٍ وأزدهار ومحافظةٍ على هويتهم ، في ظل تدهورهم وتخلفهم .
ولعلم الوزير العراقي (راعي البقر) وكل من يحاول تهميش الدور الخليجي،
أو التقليل من مكانتهم أقول :
أن البداوة ليست في نظر اهل الجزيرة العربية بمذمة أو عار، بل أهلها يفاخرون بها في أصولهم وتراثهم، وأن الجمل لايعيبنا بل نفتخر به لأنه أوصلنا الى ما نحنه فيه ، ولم نبقى على أطلال الماضي ، ولم يكن سبباً في تخلفنا كما أنتم الآن ، وأن هذا البدوي الراكب للجمل ، قد وصل أبن عمه الى سطح القمر ، في وقتٍ أنت وغيرك ممن يتشدق بالشعارات ، وماضي الحضارات تعيشون في وثن الطائفية والحزبية المقيته ، ولا تراعون شعب ولا وطن ولا أمة ، وأن هذا البدوي ركب الجمل يفوقك بالتعليم كونه خريج جامعة برنستون، وركوب الجمال بالنسبة له ليس بقريب، ولعلمك أن جد سعود قداستخدم السيارة قبل ان يعرفها صولاغ وغيره ممن يدعون الحضاره ويعيشون على أطلالها .
أخيراً أتمنى أن لا يكون راعي البقر أمتداد لنفس الفكر والأسلوب الذي سار عليه أسلافه من البعثيين ودعاة الحضارة والقومجية الذين أشبعونا زيفاً وطمساً للحقائق والتاريخ ، وأن يعرف كلاً منهم مكانته التاريخية في خدمة الأمة .
ونقول نعم سعود الفيصل ( راعي البل ) وأهل الخليج كذلك ولن نتملص من ماضينا ، كمن ليس لهم ماضي ، بل ونفتخر به لأنه أمتداد لحاضرنا ومستقبلنا .
كما أتمنى أن يعذرني الجميع على نقضي لوعدي بعدم الكتابة في الشأن السياسي في هذا الشهر الفضيل وأخص بالذكر أختي الكريمة ريم شمر .
وتقبلوا تحياتي وكل عامٍ وأنتم بخير .
المفضلات