السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
اعود لمضيف إقرأ بعد جفاء منــي
نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة
مؤلف كتاب «نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة» هو القاضي «ابو علي المحسن بن علي التنوخي» المتوفي سنة 384 هـ حيث بدأ بتأليف كتابه هذا عام 360 هجرية، وانهاه عام 380 ه، وقد اخرجه آنذاك في احد عشر مجلدا ،،،
ولد «المحسن» مؤلف الكتاب في بيت علم وفقه وقضاء، بالبصرة سنة 329 ه،و فأبوه القاضي «ابو القاسم علي بن محمد التنوخي» وقد انصرف «المحسن» الى الدرس والتحصيل، وكانت ذكرياته في الكتاب تطفو بين موضع وموضع موضحة المسيرة العلمية التي انتهجها فقد سمع من «ابي بكر الصولي» وهو حدث، وذكر ان سماعه الحديث النبوي الشريف كان وهو في السابعة من عمره.
و «المحسن» يعد البصرة بلده، ويتحدث عن نفسه بصفته بصريا مع انه كان قد استقر في بغداد، وشملته عناية الوزير المهلبي، فأصبح من ملازمي مجلسه. وقد اثبت في كتابه «نشوار المحاضرة» اخبار عن مكارم الاخلاق عند المهلبي، وشريف طبه ،،،
«كتاب النشوار» كتاب ادب وتاريخ، ففيه تتجلى صورة الحياة السياسية من داخل قصر الخلافة، ومن مجالس الخلفاء انفسهم، كما تتجلى صورة السلطة القضائية لكثرة ما ورد من اخبار القضاة ومجالسهم واقضيتهم، وهو ايضا تصوير للحياة الاجتماعية بشتى مناحيها، انه صورة القرن الرابع الهجري بشتى نقائضه ومناقبه ومثالبه، وهو يقدم تفصيلا بالحوادث المشخصة لما ورد من اشارات في كتب التاريخ ،،،
كتاب «نشوار المحاضرة» يستمد مادته مما تناثر من افواه الرجال وما دار بينهم في المجالس «وذلك ليستفيد منه العاقل اللبيب والفطن الاريب، ويجد فيه ما يحثه على العلم بالمعاش والمعاد، والمعرفة بعواقب الصلاح والفساد، وما تقضي اليه اواخر الامور، وتساس به كافة الجمهور» ،،،
وقد اشترط المؤلف على نفسه الا يضمه شيئا مما ورد في الكتب وكان يرى انه ما سبقه احد الى تأليف مثل هذا الكتاب، وان كثيرا مما ورد فيه لانظير له ولاشك، وهو وحده جنس واصل، لكن القاضي التنوخي لم يشغل نفسه بتعريب كتابه وتصنيف اخباره في ابواب مبوبة، ولا انواع مرتبة، وذلك لان فيها اخبار تصلح ان يذاكر بكل واحد منها في عدة معان، وزيادة على ذلك فإن تصنيفها وتبويبها كما يقول «قد يجعلها تبرد وتستثقل»، وهكذا ترد الاخبار ومختارات الاشعار متتالية متتابعة بغير ما ترتيب او تبويب، لتنشط القاريء وتشوقه ،،،
وقد وسم «التنوخي» كتابه بـ «نشوار المحاضرة» لان النشوار حسب تفسيره هو ما يظهر من كلام حسن، يقال ان نعلان نشوارا حسنا اي كلاما حسنا، وهذه هي دلالة النشوار في هذا الكتاب، وهي دلالة تتصل بسبب ما بما نص عليه المعجم العربي، فالنشوار فيه هي لفظة فارسية الاصل وتعني ما تبقيه الدابة من العلف ،،،
والشيء الملفت ان الاخبار التي اوردها هي اخبار من داخل القصور او من خلال المحادثة وقد بدأت «بغداد» تظهر في اخباره منذ ان تولى القضاء فيها عام 349 هـ الى ان بارحها عام 354 هـ وقد ذكر في احد اخباره انه سأل ابا الطيب المتنبي عن نسبه، وان المتنبي اعتذر عن عدم الافصاح عن حقيقة نسبه، وكان مرور المتنبي ببغداد سنة 353 هـ وقد اتاحت للقاضي التنوخي اقامته ببغداد ان يتصل بمجموعة من العلماء والادباء والشعراء، ثم توطدت الصلة بينه وبين «عضد الدولة» واصبح يرافقه في اسفاره، لكن العلاقة لم تدم طويلا، فقد قام «عضد الدولة» بعزله من جميع اعماله، ونصب بدلا منه قضاة ستة، يقومون بالعمل الذي كان منوطا به وحده، كما انه اصدر اليه امره بأن يظل في داره حبيسا لايبارحها ،،،
وقد ظل التنوخي حبيسا حتى توفي «عضد الدولة » سنة 372 هـ ويشتمل كتاب «النشوار» على طائفة صالحة من اخبار القضاة، وعما قام به بعضهم من افعال كريمة في رفع المظالم، وردع المعتدين الظالمين بل ان ما اشتمل عليه الكتاب من اخبارهم يشكل موضوعا رئيسيا من موضوعات هذا الكتاب، وذلك نظرا لاختصاص المؤلف به واطلاعه على خباياه اطلاعا تاما ،،،
وجاء في الكتاب(الجزء الأول ) :-
" من طريف حيل اللصوص الواقعة في عهدنا أنّ أبا القاسم عبيد الله بن محمد الخفّاف حدثني إنه شاهد لصاً قد أُخذ وتشاهدوا عليه إنّه يفشّ الأقفال في الدور اللطاف التي يخمن على إنها لعزَب .
فإذا دخل حفر في الدار حفرة لطيفة وكأنها بئر النرد وطرح فيها جوزات كأن إنساناً كان يلاعبه واخرج منديلاً فيه مقدار مائتي جوزة فتركه إلى جانبها ثم دار فكوّر كلّ ما في الدار ممّا يطيق حمله .
فإن لم يفطن به أحد .. خرج من الدار وحمل ذلك كلهّ ،،،
وإن جاء صاحب الدار ترك عليه قماشة وطلب المفالتة والخروج !!؟ فإن كان صاحب الدار جَلد اً فواثبه ومنعه وهمّ بأخذه وصاح :
اللصوص !! اللصوص !!
واجتمع الجيران !! أقبل وقال :
ما أبردك !! انا أقامرك بالجوز منذ شهور وقد أفقرتني وأخذت مني كلّ ما املكه وأهلكتني ما صحت ولا فضحتك بين جيرانك ولما قمرتك الآن قماشك أخذت تدّعي علّي اللصوصية !؟
يا غث يا بارد (وسيع وجه ) بيني وبينك دار القمار الموضع الذي تعارفنا فيه قُلْ بحذائهم وبحذاء هؤلاء الحاضرين قد ضَغَيتُ حتى أدع عليك قماشك !؟
فكلمّا قال الرجل : هذا لص !!
فيقول الجيران : إنما يريد أن لا يَفضح نفسه ولا يشكون أنهّ مقامر وان الرجل اللص صادق ويفتضح الرجل بين جيرانه "
انتهى ،،،
سلااااامـــــي والتحيــــــــــــــة ...
..
المفضلات