[align=justify]تكفير المسلم أمر عظيم وخطير لا يجوز الإقدام عليه إلا إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع
قال تعالى( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا ) 0
وقال صلى الله عليه وسلم{ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله )
وعن أسامة رضي الله عنه قال : [ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبّحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال : لا إله إلا الله فطعنته ، فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : ((أقال لا إله إلا الله وقتلته)) ، قال : قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح ، قال : ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا)) فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ ] ،
فأجرى صلى الله عليه وسلم أمرهم في هذه الدنيا على الظاهر وهو ما أقروا به من الإسلام ، وهذا هو الأصل بقاء المسلم على إسلامه حتى يأتي ما ينقله عنه ببرهان صحيح ،
وقد ورد في السنة التشديد في تكفير المسلم لأخيه المسلم
قال صلى الله عليه وسلم { إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما } 0
إذا التكفير حق الله : فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله ، ولهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من
خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي ،
وهو حق الله فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله 0
أنواع التكفير :
للتكفير أنواع ثلاثة ، تكفير بالعموم ، وتكفير أوصاف ، وتكفير أشخاص وسنعرض لهذه الأنواع
بالتفصيل التالي :
[ أ ] التكفير بالعموم : ومعناه تكفير الناس كلهم عالمهم وجاهلهم من قامت عليه الحجة
ومن لم تقم عليه حجه0
وهذه طريقة أهل البدع وقد برأ الله أهل السنة منها 0
[ ب ] تكفير أوصاف : وهذا كقول أهل العلم في كتب العقائد ، أو في باب الردة من كتب الفقه :
من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم كفر ،
ومن سب الله أو رسوله صلى الله عليه واله وسلم كفر ،
ومن كذب بالبعث كفر ،
وإطلاق أهل العلم هذا يقصدون به أن هذا الفعل كفر يخرج من الإسلام أما صاحبه فلا يكفرونه
حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع ،
فليس من لازم كون الفعل كفراً أن يكون فاعله كافراً 0
[ جـ] تكفير المعين(الشخص) : والمقصود به الحكم على الشخص الذي وقع في أمر يخرج من الملة بالكفر
ومذهب أهل السنة والجماعة في ذلك وسط بين من يقول : لا نكفر أحداً من المسلمين ولو ارتكب
ما ارتكب من نواقض الاسلام0
وبين من يكفر المسلم بكل ذنب دون النظر إلى أن هذا الذنب مما يكفر به فاعله أم لا ودون النظر
إلى توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه 0
شروط التكفير :
يشترط للتكفير شرطان :
أحدهما : أن يقوم الدليل على أن هذا الشيء مما يكفر به فاعله 0
الثاني : انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالماً بذلك قاصداً له مختاراً ،
فإن كان جاهلاً أو متأولاً أو مخطئاً أو مكرهاً فقد قام به مانع من موانع التكفير فلا يكفر
على حسب التفصيل الآتي في موانع التكفير 0
موانع التكفير :
[ أ ] الجهل : والجهل يكون مانعاً من موانع التكفير في حالات دون حالات وإليك تفصيل ذلك
_من كان حديث عهد بالإسلام أو من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان فأنكر شيئاً مما هو
معلوم من الدين بالضرورة كالصلاة أو تحريم شرب الخمر وكذا من نشأ في بلاد يكثر فيها الشرك
ولايوجد من ينكر عليهم ما يقعون فيه من الشرك
فلا يكفرون إلا بعد أن تقام عليهم الحجة ويتبين لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه 0
_من أنكر الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم شرب الخمر مع كونه
في دارِ إسلامٍ وعلمٍ ، ولم يكن حديث عهد بإسلام فإنه يكفر بمجرد ذلك لأن مثله لا يجهل ذلك0
[ ب ] الخطأ : بأن يعمل عملاً أو يعتقد اعتقاداً يكون مخالفاً للإسلام كمن حكم بغير ما أنزل الله
مخطئاً وهو يريد أن يحكم بما أنزل الله أو فعل شيئاً من الشرك يظنه جائزاً أو أنكر شيئاً من الدين
ظاناً أنه ليس منه والدليل قوله صلى الله عليه وسلم { إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر } 0
فليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين ، ومن ثبت
إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة 0
[جـ] التأويل : وهو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى ما يخالفه لدليل منفصل ،
وهو قسمان :
الأول : قسم يعذر صاحبه بتأويله ، وهو ما كان مبنياً على شبهة ، بأن كان له وجه من لغة العرب ،
وخلصت نية صاحبه كمن تأول صفات الله تعالى 0 وكان تأويله مبنياً على شبهة وخلصت نية صاحبه
، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن سبب عدم تكفير الإمام أحمد وغيره لمن قال
بخلق القرآن بعينه : = إن التكفير له شروط وموانع وقد تنتفي في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط
وانتفت الموانع ، يبين هذا أن الإمام احمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العموميات لم يكفروا أكثر
من تكلم بهذا الكلام بعينه = ، وقال في موضع آخر عن نفس المسألة: = فالإمام احمد رضي الله
عنه ترحم عليهم واستفغر لهم لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء
به ، ولكن تأولوا فأخطؤا وقلدوا من قال ذلك لهم= 0
الثاني : تأويل لا يعذر أصحابه كتأويلات الباطنية والفلاسفة ونحوهم ممن حقيقة أمرهم تكذيب
للدين جملة وتفصيلاً أو تكذيب لأصل لا يقوم الدين إلا به كتأويل الفرائض والأحكام بما يخرجها عن
حقيقتها وظاهرها 0 فهذا كفر مخرج عن الإسلام 0
[د ] الإكراه : من أكره على الكفر بأن ضرب وعذب ، ليرتد عن دينه أو يسب الإسلام ، أو هدد بالقتل
والمهدد قادر على فعل ما هدد به ، فكفر ظاهراً مع اطمئنان قلبه بالإيمان فهذا معذور ولا يكفر بفعله
أو قوله ذلك ، قال تعالى ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) 0
كيفية قيام الحجة :
لا يحكم على معين بالكفر إلا بعد قيام الحجة عليه وإصراره على الكفر الذي وقع فيه ،
وإقامة الحجة تختلف من بلد إلى آخر ومن زمان إلى آخر ومن شخص الى آخر
و كونه كلاماً نظرياً إلى تطبيق
وتقوم الحجه على شخص معين ببلوغ الحجة للمعين وثبوتها ، وتمكنه من معرفتها
وكل ذلك لا يتم إلا بوجود من يحسن إقامة الحجة دون من لا يحسن إقامتها
كالجاهل الذي لا يعرف أحكام دينه ولا ما ذكره العلماء في ذلك ، فإنه لا تقوم به الحجة 0
[/align]
المفضلات