[align=justify]كثير منا قد جَعلَ له أهداف ووسائل لتحقيق تلك الأهداف منضوية تحت لواء ضوابط الشرع ، مرفوعة بأكف من الحديد أو هي أشد بأساً ، ويُعملُ بها ويجاهدُ وينافحُ عنها ، ثم لا تلبث تلك الأكف إلا وقد أمست واهنة كوهن بيت العنكبوت ، فيترك القول والعمل بها ، وتنطفئ شعلتها ويفرشُ لها فُرِش من قنوطِ ويأسٍ غير سائقِ لناصحين ، فإن ذهبتَ تتقصى عن أسباب ذلك الوهن الطارئ ، أتاك الجواب ما الفائدة من قولٍ وعملٍ ليس له ثمرة ترى وترجى فنقول ونعمل ليلاً ونهارا وسراً وجهارا ثم لا يتحقق شيء ، فخيرٌ لنا السكوت والسكون ونوفر على أنفسنا التعب والنصب .!!
أخوتي إنا خَلقُنا ليس عبثاً فهو كما تعلمون وأعلم لهدف أسمى وأجل من المقاصد والمكاسب الدنيوية ، فقد خُلقنا للعبادة ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ) إذاً لا بد لجميع أعمالنا في حياتِنا الدنيوية أن تنطلق وتنتهي إلى هذا ( قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ولأن الإنسان في طبعه الملل فبرحمة من الله جعل هذه العبادة على أنواع وضروب شتى فكل ما يقصد به وجه الله ، وعلى ما شرع الله فهو يصب في خانة العبادة التي من أجلها خلقنا ، وبذلك لا بد أن نستلذ بما نقوم به من عمل يوم أن نحتسب ذلك عبادة ، وأنه يقربنا إلى الله زلفى ، وعلينا أن نعلم علم اليقين أن ليس من شروط صحة هذه العبادات أن ترى لها ثمرات ، فعلى أي أساس يُتكئ ، ومن أي منطلق ينطلق ، وبأي يعذر يعتذر من يقول بلسان الحال أو لسان المقال أن انعدام الثمرة للقول والعمل الذي يقصد به وجه الله وعلى ما شرع الله سبب وجيهاً للترك ؟ ، وكيف يبرر لنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( .. ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي وليس معه أحد ) نبي من الله مؤيد بالوحي لا يتبعه أحد ولا يؤمن به أحد ؟ ، فكيف بنا نحن أخوتي ؟ ، إذاً رؤية الثمرة ليست مناطة بك أو بي ولكنها إلى الله سبحانه وتعالى ، فلذا يجب علينا الاستمرار ، والانصراف عن النظر إلى الثمرات ، فأنت تعمل لتحقق الهدف الرئيس من خَلقِكَ يوم خُِلقت . فقد تكون الثمرة وقد لا تكون ، فإن كانت فحمد الله فهي من عاجل بشرى المؤمن ، وإلا فقل لنفسك وقد طارت شعاعاً من الإعراض ويحكي لن تلامي ، فاليوم صبراً ومصابرة واحتساباُ ، وفي غير هذه الدار تُجنى الثمرا .
وفي سيرةِ خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أبلغ الدروس والعضات التي يربي أمته عليها في كيفية توطين النفس على الإيجابية في كل أحوالها فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( ... وأن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ) فانظر ـ أخي يا رعاك الله ـ فهذه الفسيلة التي يتطلب جني ثمرتها سنوات طوال أمرت بغرسها إن إستطعت والدنيا منقضية في ذلك الحين ، لتعلم على عين اليقين أن المسألة ليست مسألة جني ثمرات وإنما هي عمل وقربات ، فهذه هي النماذج والدروس التي أمرنا أن نقتدي بها ، فلنا في سيرته صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله والدار الآخرة ، فمن كان كذلك فلن ينفع إلا نفسه وإن أساء فعليها ، وسيضل الخير في أمته إلى يوم القيامة ، فما فقدت أمته صلى الله عليه وسلم العز يوم أن مات فقد استمر رجال من بعده على العهد حملين لواء العمل والإحتساب ولم يتقاعسوا ولم يضر هذه الأمة من تقاعس ، فكيف بي أو بك أو بهم يوم أن نتقاعس عن أداء الواجب المنوط بنا فلن نضر يوم إذ إلا أنفسنا
( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )
وبذلك فليس من عذرٍ يعتذر به المعتذرون ، فإن عملوا فلأنفسهم وإن أساؤوا فعليها .
وتقبلوا احترامي وسلامي ...[/align]
المفضلات