[align=center][align=center][/align]
من صفات المؤمن انه يحمد الله على كل ما يصيبه فإن أصابه خير اطمأن وشكر، وإن أصابه ابتلاء حمد وصبر وأبو سارة لم يصبر على الابتلاء فحسب بل كان من الشاكرين الذين استطاعوا أن يحولوا الابتلاء إلى نعمة ويتقبلوا قضاء الله بحمده
التقت مجلة ولدي بأبي سارة وابنته سارة التي تبلغ من العمر ( 4 سنوات) والمصابة بمرض ( متلازمة الداون)
حب وحنان
عندما التقينا " أبا سارة" عرفنا أنه أب يمتلك حب وحنان وإرادة وعزيمة كبيرة.. الرضا بقدر الله رسم على وجهه ابتسامة تعبر عن حب عميق لابنته " سارة " فهو على ثقة بأن الله قد رزقه إياها لأنه يحبه، ولاختبار قوة إيمانه وصبره على الشدائد.
البداية الصعبة
بدأ " أبو سارة" حديثه قائلاً: عند ولادة سارة لم نعلم أنها تعاني من أية أمراض أو مشاكل إلا بعد مرور ثلاثة أيام على ولادتها، بعدها أخبرنا الطبيب المختص بأنها تعاني من تشوهات خلقية في القلب بالإضافة إلى إصابتها بمرض متلازمة الداون. لا أخفي أن وقع الصدمة علينا كان شديداً وبدأت التساؤلات في عقلي لماذا؟ وكيف؟ وما هو السبب؟ وخصوصاً أنني قد رزقت بطفل وطفلة سليمين ولا يعانيان من أية أمراض...!! ولكن بعد ذلك آمنت بأن هذا هو قضاء الله وقدره وأنه ابتلاء ولابد لي من الصبر، وأخذنا عهداً على أنفسنا، أنا وزوجتي، أن نكافح من أجل ابنتنا.
بداية التحدي
ويستطرد " أبو سارة" قائلاً: شرح لي الطبيب أن حالة ابنتي تستدعي إجراء عملية في القلب لتعديل الصمامات كخطوة أولى في رحلة العلاج.. فاتخذت قراري بالسفر للمكسيك لإجراء العملية في واحدة من أكبر المستشفيات المتخصصة في العالم، لأنني عاهدت نفسي أن أضع كل إمكانياتي المادية والمعنوية لأصل بابنتي لبر النجاة.. ومع أن فرص نجاح العملية ضعيفة جداً، ولكن بفضل الله وقدرته تكللت بالنجاح واستطعنا التغلب على مشكلة صمامات القلب.
كتب علمية
بتابع أبو سارة: في فترة إقامتنا، أنا وزوجتي وسارة، في المكسيك قمنا بشراء الكتب العلمية الخاصة عن متلازمة الداون كي تساعدنا في فهم عالم هؤلاء الأطفال، ولنتعامل مع ابنتنا بشكل صحيح ونذلل أي صعوبات قد تواجهها، كما أنني عرضتها على الأطباء والمتخصصين في علاج حالتها والذين وفروا لنا التعليمات والتوجيهات في طريقة إطعامها ونومها والتعامل معها.
غذاء خاص
ولقد اتبعنا مع سارة أسلوباً غذائياً صحياً كي يستفيد المخ ويتغذى، ونصحنا الأطباء بأنواع محددة من الحليب والأطعمة الخاصة التي تحتوي على المكسرات والأسماك لاحتوائها على نسبة كبيرة من اليود والبروتين لتقوية جسمها والتأكد من حصولها على كل ما تحتاجه من عناصر غذائية.
سارة والعالم الخارجي
أما عن مدى تفاعلها مع العالم الخارجي يقول أبو سارة:
منذ أن كانت طفلة صغيرة حرصنا أنا ووالدتها على الخروج بها إلى كل الأماكن التي نذهب إليها، إلى التسوق أو الحدائق أو حتى السفر للاصطياف... حرصاً منا على تعويدها على التعامل مع الناس والأطفال، وعدم جعلها حبيسة إعاقتها، دون أن نشعر بالخجل في اصطحابها معنا..
والآن وهي في الرابعة من عمرها أصبحت طفلة محبوبة من الجميع، ولها مكانة مميزة وخاصة بين أفراد الأسرة والأصدقاء، تحب الأطفال، وتحب الجلوس مع الكبار، وتسأل عن إخوانها عند تأخرهم في المدرسة، وهي متعلقة بي بشكل كبير حتى إنني في بعض الأحيان أصحبها معي إلى العمل.
خطوات عملية
وعندما لاحظت شغف ابنتي بالناس وتفاعلها الإيجابي مع كل ما حولها قمت بتسجيلها في النشاطات الخاصة بمراكز الداون في الكويت بالإضافة طبعاً لتسجيلها بحضانة متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة. مما جعلها تشعر بالسعادة.. وتتقدم نسبة ذكائها ( 40%) مقارنة بأطفال الداون، ونحن نتعامل معها على أنها طفلة طبيعية ولا ننظر لإعاقتها.
دعم ومساندة
وفي النهاية يقول " أبو سارة " بعد تجربتي التي لا أزال أعيشها مع ابنتي سارة تغيرت أشياء كثيرة في حياتي فلقد زاد إيماني بالله والصبر في مواجهة الشدائد والإيقان بأن الله سبحانه وتعالى دائماً يختار الأفضل للإنسان.. كما أن سارة هذه الطفلة الصغيرة الضعيفة هي التي شجعت أسرتها كلها على تحدي إعاقتها بحبها لنا وتفاعلها معنا واستجابتها للعلاج.
وأوجه كلمتي هنا إلى جميع الأمهات والآباء بأن يدركوا أن هؤلاء الأطفال هم نعمة من الله ووجودهم بين أفراد الأسرة ليس بالأمر المستغرب.. انطلقوا وإياهم إلى الجميع وابحثوا عن السبل لمساعدتهم فإن جزاءكم الله كبير.
ما هي متلازمة الداون؟
متلازمة الداون عبارة عن مرض خلقي يكون عند الطفل منذ الولادة وهو ناتج عن زيادة في عدد الصبغيات ( الكروموسومك) والتي يكون في داخلها تفاصيل كاملة لخلق الإنسان، ويحمل الشخص العادي ذكراً كان أم أنثى 46 صبغية، يرث الإنسان نصف عدد الصبغيات (23) من أمه والثلاث والعشرين الباقية من أبيه، واكتشف العالم الفرنسي ليجون في عام 1959 أن متلازمة الداون ناتجة عن زيادة نسخة من كروموسوم رقم " 21" فتصبح الكروموسومات في الخلية الواحدة 48 بدلاً من العدد الصغير 46 والأسباب ترجع إلى ارتباط هذا المرض بتقدم عمر الأم، فتزيد فرصة الإصابة إذا حدث الحمل بعد أن تتعدى الأم (35 سنة ).
المصدر
مجلة ولدي
العدد (74) يناير 2005 ـ ص: 42[/align]
المفضلات