[align=center][/align]
[align=center]لا تربط حبك لأبنائك بـ "إذا" أو " لكن "[/align]
[align=right]إن مصطلح time out هو مفهوم عقابي يدور حول استقطاع جزء من الوقت المحبب للطفل ودعوته للاختلاء بنفسه بعيداً عن المؤثرات المحببة إليه من أصدقاء أو وسائل ترفيه أو ألعاب وما إلى ذلك،
وتركه يفكر في حجم الخطأ الذي قام به وكيف يستطيع إصلاحه وإبداء الاستعداد لتعديله أو اجتنابه، بقدر اقتناعي وملامستي للأثر الإيجابي لهذا النوع من العقاب على الطفل، وأهميته كبديل عن الضرب والتعنيف، بقدر إيماني بحاجتنا كوالدين وقائمين على العملية التربوية لممارسة هذا الأسلوب على أنفسنا ودعوتها للاختلاء لنفكر فيما صنعت أفكارنا السلبية وأيدينا بأطفالنا وأجيالنا القادمة.. إننا بحاجة لهذا الوقت المستقطع من حياتنا لنفكر في نفسيات أبنائنا ودوافع سلوكهم وحاجاتهم النفسية والاجتماعية حتى نحسن التوجيه والبناء، إننا بحاجة لأن نفكر بإيجابية في إيجاد بدائل عن العقاب والقسوة في تربيتنا، والاقتناع الداخلي بضرورة التغيير لاكتساب الأبوة الإيجابية.
ولحاجاتنا الماسة لجميع ما سبق، فقد آثرت تسمية صفحتي تلك بـ parents time out علَّ ذلك المعنى يجد صدى في نفوسكم وأثراً في قلوبكم وخطوة إيجابية تضاف للعملية التربوية الصحيحة.[/align]
[align=right]•أم غير حنونة[/align]
[align=right]أنا أم وهبني الله طفلين صغيرين، ولكنني أشكو من قلة حناني لأولادي، حاولت بطرق عدة كي أكون حنونة، ولكن دون جدوى.. فأنا أشعر بأنني أم غير حنونة.. هل هناك علاج لي؟[/align]
[align=right]•مقدار الحنان[/align]
[align=right]عزيزتي: أخشى أن رسالتك لم تحمل الكثير من التفاصيل التي تعينني على إرشادك جيداً، فما حملته كلماتك هي شكوى عامة من قلة حنانك لولديك وحكم شخصي بعدم قدرتك على إعطائهما ما يحتاجان
ه منه رغم محاولاتك العديدة لفعل ذلك..
ولكن ما لم تحمله رسالتك هو مفهومك عن الحنان الذي تقصدينه وتطالبين بوصفه له، وما مقياسك له ولمدى فعاليته؟ هل هو مقدار عطفك وتسامحك مع أطفالك؟ أم مقدار رعايتك لهم وتلبيتك لاحتياجاتهم أو رغباتهم؟ أم مقدار الوقت الذي تقضينه معهم وتبادلينهم فيه كلماتهم وحركاتهم وضحكاتهم.. أم ربما مقدار غضبك وصراخك عليهم وعدد المرات التي تخترق آذانهم كلمة " لا " في اليوم الواحد؟ ثم ما هي الأساليب والوسائل التي اتبعتها ولم تفلح في رفع رصيد الحنان تجاه أطفالك؟ وكم هي الفترة والكيفية التي اختبرت بها تلك الوسائل لتقرري عدم جدواها؟
من المهم فعلا أن أجد إجابات على أسئلتي تلك وغيرها قبل أن أقبل حكمك وأتفق معك على أن ما ينقصك مع أطفالك هو مقدار الحنان بذاته، وهو أمر أشك فيه وأستبعده قليلاً لأنني أؤمن بأنه نادر ما نجد من يخلو قلبه من الحنان تجاه أطفاله وأسرته، وإنما أميل إلى الافتراض أن مشكلتك ليست " بكم" الحنان الذي تملكينه ( وما سؤالك إلا دليلاً على وجوده بداخلك) ولكن المشكلة تكمن في " كيفية" تعبيرك عنه وإيصاله لأطفالك الصغار وإشعارهم به .[/align]
[align=right]•رسالة الحب[/align]
[align=right]برأيي الشخصي، إن من أقوى صور الحنان ومن أساسيات العلاقة بين الطفل ووالديه هي رسالة الحب بينهما ومدى وضوحها ومتانة حروفها وكلماتها.. ما أقصده هنا هو حبنا اللامشروط لأبنائنا، فلا نربطه أو نحدده بـ " إذا " أو " لكن "، وإنما نتقبل أطفالنا ونحبهم ونحن عليهم بحسناتهم وسيئاتهم.. نحبهم لذواتهم وليس حسب تصرفاتهم وسلوكياتهم، اتفق العديد من باحثي النفس والتربية على عدد من القواعد الأساسية لتحقيق علاقة الحب بين الطفل ووالديه وتعميقها بين الطرفين وسأذكر لك أربعة منهم إن استطعت الإلمام بهم واجتهدت في إتقانهم ملكت قلب طفليك وأطلقت العنان لذلك الكم من الحب والحنان الذي يسكن داخلك، ويتربص الظهور والانطلاق.[/align]
[align=right]
•قواعد للحب والحنان[/align]
[align=right]أولاً: جودة الوقت: أعني بذلك نوعية وكيفية الوقت الذي نمنحه لأبنائنا ونترك لهم فيه حرية تخطيطه وإدارته، ولكننا نشاركهم في تنفيذه والاستمتاع به.. قد لا يتعدى ذلك الوقت نصف ساعة يومياً، ولكنه يترك لدى الطفل أثراً وخبرة تتجاوز الجلوس معه يوماً كاملاً يصاحبنا خلاله جهاز التلفاز أو الجريدة أو رنين الهاتف المتكرر أو حتى مشاكل العمل وإرهاقه اليومي. افترشي الأرض مع طفليك الصغار ومارسي معهما ألعابهما وهواياتهما.. وقد يكون ذلك من خلال لعبة التركيب، أو الرسم، أو قراءة القصص أو حتى التمثيل وتبادل الأدوار.
راقبي حركاتهما وسكناتهما، وعيشي معهما نموهما الجسمي والحركي واللغوي والنفسي يوماً بيوم، حتى لا تفاجئي يوماً بمراهق يقتحم بيتك لا تجيدين التعامل معه أو الاقتراب منه.
تذكري دائماً أن القيادة لطفلك خلال فترة لعبهما معك.. فلا تكثري عليهما اللاءات أو الاقتراحات.. استمتعي بأمومتك معهما ودعيهما يستمتعان بطفولتهما معك وبجانبك.[/align]
[align=right]ثانياً: أثر الكلمة: انتبهي جيداً لأثر وقوة الكلمات التي تخرج من فمك وتجد لها وقعاً وأثراً في نفسية ومشاعر طفلك وقد تدفع به نحو الإقبال عليك أو الإدبار عنك، دعيني أضرب لك مثالاً واقعياً: عندما يأتيك طفلك غاضباً من المدرسة ويشتكي من أستاذه الذي صرخ عليه أمام جميع زملائه، لا تكن استجابتك له " لابد أنك تستحق ذلك وإلا لما فعل أستاذك هذا "! ولكن لتكن " آه .. من المؤكد أن صراخه عليك قد أشعرك بالحرج أمام زملائك " أليس كذلك؟ هنا سيشعر طفلك بأنك قريبة منه، تفهمين مشاعره، وتبادلينه متاعبه، ومتى ما تم ذلك ابدئي الدخول معه في صلب الموضوع وستجدينه آنذاك أكثر إقبالاً وتفاعلا مع حديثك واستفساراتك.
بالطبع لسنا بحاجة لوجود مشكلة حتى نتبع تلك الطريقة مع أطفالنا، ولكن لنتحكم في كلماتنا ونديرها حتى في الأوقات الجيدة. فمثلا قد يقبل طفلك نحوك قادماً من المدرسة ويقول: " لقد حصلت على 5 درجات شفوية في الفصل اليوم وقد صفق لي جميع زملائي".. لا تكن استجابتك " جيد.. اذهب الآن لتبديل ثيابك والاستعداد للغداء"!! بل يجب أن تحمل استجابتك بعض الأسئلة له مثل " أخبرني بما فعلت لتحصل على تلك الدرجات".. أو " بماذا شعرت عندما صفق لك جميع زملائك؟"
إن أسئلتك لطفلك تخبره بأنك قد أحسنت الإنصات لكلماته ولما أراد قوله لك، وأنك مهتمة بحديثه وتودين معرفة المزيد، فتكتمل دائرة الحوار بينكما، وما اهتمامك هذا إلا رسالة حب لطفلك ولبنة بناء تزيد العلاقة بينكما شدة ومتانة.[/align]
[align=right]ثالثاً: أهمية المشاعر: أطفالنا يحملون مشاعر وأحاسيس كالكبار تماما، وقد تتفاوت بين الفرح أو الحزن، والحب أو الكره، والغضب أو الرضا، وكما نطالب نحن الكبار بتقدير مشاعرنا وتفهمها من حولنا، فليس صغارنا بأقل أحقية منا بذلك، عندما يغضب طفلك الصغير ويبكي عاليا لأنه يريد اللعب بعلبة الكبريت مثلا فلا تعاقبه وتصرخ عليه، ولكنك تستطيع التوجه إليه بالقول " أعلم وأشعر بمدى انزعاجك وغضبك وأتفهم ذلك، وأنك تريد علبة الكبريت بشدة، ولكني لن أسمح لك بذلك لخطورتها عليك"، هنا سيشعر الطفل أن هناك تقدير لمشاعره وإن لم يلب طلبه، كما سيشعر أنه لم يتم تجاهله أو تركه وحيداً عقاباً على صراخه، ولكنك كنت بجانبه حتى تهدأ نفسيته ويتفهم سبب رفض طلبه.[/align]
[align=right]رابعاً : ضوابط ولكن بحب: يخطيء البعض عندما يظن أننا لا نستطيع الجمع بين وضع الضوابط والقواعد لأبنائنا مع إمكانية تعبيرنا لحبنا ورفقنا بهم في الوقت نفسه، عندما نمنع أطفالنا من إساءة التصرف ونضع حدوداً لبعض سلوكياتهم قد يشعرهم ذلك بالانزعاج لفترة قصيرة من الوقت نسبياً، ولكن على المدى الطويل ستكون رسالتنا لهم واضحة وهي أن تلك القواعد إنما دليل اهتمامنا ورعايتنا وحبنا لهم.[/align]
[align=center]قراءة منقولة
عن مجلة ولدي
العدد (74) يناير 2005 ـ ص: 36
ودمتم بخير[/align]
المفضلات