ها نحن في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين … و الواقع يبين أن ما أستخلصه منظري اليمين الأمريكي وغير الأمريكي - بالأخص "فرانسيس فوكوياما" صاحب كتاب "نهاية التاريخ" – من أن نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وحلفائه في أوروبا الشرقية شكلت انتصاراً نهائياً للنموذج السياسي والاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الغربي ...
و لنلقي نظرة على أوضاع الصورة في أنحاء العالم ... أنها ابعد ما تكون عن تلك النظريات المتسرعة و السطحية عن ديمومة وثبات النظام الاقتصادي الرأسمالي ...
فتلك الحروب التي شنتها الإدارة الأمريكية تحت عنوان "القضاء على الإرهاب" في كلاً من أفغانستان والعراق ... و بأشكال أخرى تنوعت في مختلف أنحاء العالم ... ترافقت مع تفاقم الفقر والبؤس في مناطق عديدة من العالم ... بدأً بأفريقيا ... وحتى الدول الرأسمالية المتطورة ... حيث ارتفعت معدلات البطالة و حالات التهميش الاقتصادي و الاجتماعي ... و تكدست الثروات في أيدي عدد قليل من الناس و يزداد قلة في هذه البلدان ...
أن كل هذه مؤشرات تدل أن التاريخ لازال مفتوحاً ... و إن صراعاته مازالت مستمرة ، بل وتتفاقم ... بعد انهيار الاتحاد السوفييتي و انفراد أمريكا بالنفوذ و القوة الكونية على امتداد الكرة الأرضية ...
وهكذا كلام لا صحة له ... من يراقب تطورات السنوات القليلة الماضية يدرك ذلك ... فقدرة الولايات المتحدة على إحكام سيطرتها على أوضاع العالم الراهن هراء في هراء ... و ذلك واضح مما جرى ويجري في أفغانستان والعراق ...
و كلنا يرى صعود قوى جديدة ... في مقدمتها الصين ... و روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي و تحولاتها الملموسة في اتجاه استقلالية اكثر عن المشروع الغربي الذي ساد في مطلع تسعينات القرن الماضي ...
و لا نغفل ظواهر العداء الشعبي العالمي المتزايد للمشروع و السياسات الإمبراطورية التوسعية الأمريكية و التي ظهرت أبان حرب العراق ...
و الآن ... بنظرة فاحصة و شاملة و اكثر دقة في الوضع القائم منذ عام 1991 ... هل تحقق ما روجت له الإدارة الأمريكية آنذاك و الذي أسمته بـ"النظام العالمي الجديد" ؟!...
وهكذا يبدو واضحاً أمام أعيننا تناقضات النظام الرأسمالي العالمي الذي قاد العالم إلى الأزمات الاقتصادية و السياسية الداخلية ... و إلى الحروب ... تلك التناقضات التي لم تتبخر أو تختفي أو تتراجع حدتها بحيث تنحسر و تتلاشى تدريجياً كما كان يأمل منظرو النظام العالمي الجديد ...
و لن يحدث ذلك أبداً وكل ما سيحدث مستقبلاً هو المزيد من الكشف عن أحلام و أكاذيب و ألاعيب الإدارة الأمريكية و منظري اليمين أمريكي وغير الأمريكي .
المفضلات