[align=center]مقتطفات من كتاب " جورج جي كستندا " :
( حياة جيفارا وموته )
صورة الكتاب
في الليلة السابعة من شهر أكتوبر ، تسلل سبعة عشر رجلا الى يورو او شورو جورج . انتبه احد مزارعي حقول البطاطا الى مجموعة الرجال الغرباء والملتحين الذين كانو يشبهون الاشباح بسبب حاله الهزال التي كانو عليها وهم يحملون اسلحتهم ويتأبطون حقائبهم . فأدرك انهم الثوار لا محالة . وعلى الفور ، ارسل ابنه على جناح السرعة الى مركز القيادة العسكرية للكابتن جاري برادو سالمون على بعد اميال فقط . فما كان من الكابتن جاري برادو الا ان نصب كمينا ووضع رجاله المدججين بالأسلحة عند مدخل ومخرج الممر الجبلي فيما اتخذ لنفسه مكانا في الجهة العليا ليدير العملية . كانت آخر معارك جيفارا على وشك ان تبدأ . سارع جيفارا الى اصدار تعليماته رغم انه لم يكن متأكدا ان الجيش الحكومي البوليفي قد اكتشف امرهم فقسم رجاله الى عدة مجموعات صغيرة . وعندما طلعت الشمس اكتشف جيفارا ورجاله ان اعالي الجبال , يحلها الجنود الذين بدأوا يضيقون عليهم الخناق..
احدى ثورات تشي جيفارا في الـCongo
في افريقيا.. يشرح لزملائه حول المنطقة الجبلية lulaburg..
كان امامه خياران : أما ان يحاول التقهر الى الخلف حتى يفلت من حصار الجنود أو ان يحافظ على هدوئه مع رجاله حتى يخيم الليل على المكان ثانية, على أمل ان تفشل القوات البوليفية في تعقبهم . وقد اختار جيفارا الحل الثاني ووضع رجاله في موقف دفاعي تحسبا لاكتشاف امرهم من الجنود . وفي الساعة الواحدة والنصف من يوم 8 اكتوبر بدأ الجنود البوليفيون يطلقون النار على مواقع رجال جيفارا الذين كانوا معزولين عن بعضهم البعض . ولم تكد تمضي دقائق حتى كانت طائرتان عسكريتان ومروحية تحلق فوق المنطقة بيد انها لم تبدأ القصف
وقد حاولة مجموعة جيفارا التي كانت مكونة من سبعة رجال الانسحاب بيد انها لم تصمد أمام كثافة نيران الجنود البوليفيين . وبعد دقائق فقط ، أصيب رشاش جيفارا واصبح عديم الجدوى ولم يلبث حتى اصيب هو بدوره في ساقه مما أقعده عن المشي . وقد سعى رفيقه فيلي الملقب بسيمون كوبا الى جره بعيدا حيث كان يمسك سلاحه الرشاش بيد ويسند قائده باليد الأخرى .
وكان ثلاثة جنود بوليفيون يراقبونهما وهما يقتربان فانتظراهما وأطبقو عليهما الحصار وأمروهم بصوت عال : ( ارميا أسلحتكما وارفعا ايديكما )
لم يقدر جيفارا على الرد حيث انه فقد سلاحه كما ان رفيقه فيلي لم يطلق النار وفضل الامتثال للأمر العسكري والاستسلام .
وحسب بعض الروايات فأن جيفارا قد قال : ( لا تطلقوا النار . أنا تشي جيفارا وأنا أكثر قيمة لكم حيا منه ميتا ) وفيما تقول روايه محرفة صادرة عن المصادر العسكرية : ( أنا تشي جيفارا وأنا اعترف بفشلي )
جيفارا حين أسره
وقد علم الكابتن جاري برادو على الفور باعتقال تشي جيفارا فسارع بالذهاب الى المكان وتثبت من هوية جيفارا بعد ان أعاد الكرة ثلاث مرات ثم انتزع منه حقيبته ثم اتصل بمقر قيادته العسكرية ليزف لهم الخبر السعيد : ( لقد قبضنا على جيفارا ) . وقد اصطف الناس وتشكلت طوابير من السيارات لمشاهدة الكابتن جاري برادو وهو يقود جيفارا في اغلاله الى ثكنه لاهجيرا على بعد كيلومترين فقط وكان يتبعهما بقية الاسرى الذين قبض عليهم أحياء فيما كانت جثث بقية القتلى من الثوار من رفاق جيفارا والجنود الجرحى محمولة على ضهور الدواب . وقد زج بجيفارا في قاعة باحدى المدارس المحلية فيما سجن فيلي في غرفة مجاورة .
وقد ضل الجنود البوليفيون يحتفلون طيلة الليل بالنجاح الكبير الذي حققوه فيما كانت القيادة العسكرية العليا في لاباز تتشاور حول مصير السجين الثوري الاسطوري جيفارا . ولعل جيفارا كان يعتقد ان الحكومة البوليفية ستفضل تقديمه للمحاكمة وتحيطه بهالة اعلامية كبيرة حتى تبرر النصر الذي حققته ضد الاعتدائات الخارجية بدل اعدامه بيد ان الامور لم تسر على ذلك النحو . وفي الساعات الاولى من الفجر ، حاول الكابتن اري برادو والضابط العسكري أندريس سيلتش عبثا ان يستجوبا جيفارا . وفي السادسة والنصف من صباح اليوم التالي حطة طائرة مروحية قادمة من مدينة فليجراندي وهي تقل على متنها الميجور نينودي جوزمان والكولونيل جواكين زنتينو وفيلبس رودريجسي وهو كوبي امريكي يعمل في السي . آي . ايه وقد ارسلته سلطات واشنطون تعبيرا منها على مساندتها للحكومة البوليفية وذلك للتثبت من حقيقة هوية تشي جيفارا . وكانت تعليمات المخابرات المركزية الامريكية قد صدرت أيضا إلى رود ريجيس حتى يستجوب جيفارا ويصور مذكراته وبقية الوثائق التي وجدت معه.
وقد صدر أمر إعدامه من سلطات لا باز من انبلاج الصباح وما ان تلقته القياده العسكرية بلاهيجيرا حتى شكل زتينو طابورا عسكريا لتنفيذه على الفور .وبعد ان التقطت لجيفارا عدة صور ، سحبت القرعة بين الجنود التي اختارت الليفتانت مريو تيران ليجهز على جيفارا الذي كان منهكا ومنهارا في زنزانته بأحد المدارس المتداعية بلاهيجيرا . وبعد محاولات فاشلة كان يتخللها صوت جيفارا وهو يدعو جلاده لتنفيذ أمر الاعدام أطلق تيران ستة طلقات في جسم جيفارا حيث اخترقت احداها قلبه وقتلته على الفور واستنادا الى الكولونيل أرنالدو سوسيدو بارادا الذي كان يدير جهاز المخابرات العسكرية والذي كلف بتقديم تقرير عن اللحظات الاخيرة لجيفارا ، فان الثائر الأسطوري قد يكون قال قبل اعدامه (( كنت أعلم انكم ستعدمونني . ما كان يجب ان أسلمكم نفسي حيا . اخبروا فيدل كاسترو ان هذا الفشل لا يعني نهاية الثورة بل انها ستنتصر في عدة اماكن أخرى . أخبروا زوجتي أليدا ان تنساني وتتزوج ثانية وتعيش سعيدة والا تتوقف عن تعليم أبنائنا في المدارس )) .
جثة جيفارا
وقد وضعت جثة جيفارا على متن طائرة الهليكوبتر التي استقلها زينتنو نفسه واتجهت صوب مدينة فاليجراندي حيث عرضت أمام الناس بعد غسلها وتنظيفها في مستشفى مالطا .
ففي عام 1998 وبعد مرور 30 عاما على رحيله انتشرت في العالم كله حمّى جيفارا؛ حيث البحث الدءوب عن مقبرته، وطباعة صوره على الملابس والأدوات ودراسة سيرته وصدور الكتب عنه.
اصبح جيفارا رمز الثورة واليسار في العالم اجمع, فيراه اليساريون صفحة ناصعة في تاريخهم المليء بالانكسارات والأخطاء، وأسطورة لا يمكن تكرارها على مستوى العمل السياسي العسكري، وهذا ما تؤيده مقولته الرائعة لكل مناضل ومؤمن بمبدأ على اختلاف اتجاهه "لا يستطيع المرء أن يكون متأكدا من أن هنالك شيئا يعيش من أجله إلا إذا كان مستعدا للموت في سبيله".
مات الثوري وماتت الاسطورة النادرة, مات ذلك الجسد الذي لم ينهكه الربو, بل اغتالته الديكتاتورية. لكن الروح لم تمت , لتبقى خالدة.. لتبقى رمز الثورة والنصر.
تم بحمد الله ..[/align]
المفضلات