الحمد لله رب العلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أيها الأحبه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، قد أطلة الغياب عنكم وعن موقعنا العامر بهذه الكوكبه النادره ممثلةً بمشرفها العام وبقية الأعضاء الأعزاء ولكن مثلكم من يعذر لأن المشاغل كثيرة جداً ومن يعيش بجانبي يعلم حقيقة ما أقول . ولكن إنتهزة هذه الفرصه بغفلةٍ من الشواغل ...................فأليكم ما بحقيبتي أسأل الله أن ينفعني وأياكم به أنه ولي ذلك والقادر عليه
: أيها الأخوةُ في الله ، ها نحن نستقبلُ عاماً جيداً ، نسألُ اللهَ U أن يكونَ عامَ خيرٍ وبركةٍ ورضىً من اللهِ ، ونصرٍ للإسلامِ والمسلمين وكما قال تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) وأولوا الألبابِ : هم أصحابُ العقولِ ، الذين يدركون الأمورَ على حقيقتِها ، أما الذين فسدتْ عقولُهم ، فإنهم لا يستفيدون من هذه الآياتِ . يقولُ ابنُ كثيرٍ ) لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ( أي لأصحابِ العقولِ ، ليسوا كالصمِّ البكمِ الذين لا يعقلون ، الذين قالَ اللهُ فيهم : ) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ( لقد مضى العامُ بعظيمِ أهوالِهِ ، ومتنوعِ أحوالِهِ ، ومضى شاهداً على ابنِ آدمَ بِما أودعَهُ من أعمالِهِ ، وهكذا تمرُّ الأعوامُ ، وتمضي كأنها أضغاثُ أحلامٍ، تتغيرُ فيها الأحوالُ وتنقضي فيها الآجالُ ، وكثيرٌ من الناسِ كالأنعامِ ، يأكلون ويتمتعون ويعصون ويُجاهرون ، ويُلهيهِمُ الأملُ فسوفَ يعلمونَ ، فياليتَ شعري متى تستيقظُ الضمائرُ ؟ ومتى تستنيرُ البصائرُ ؟ لقد مضى ذلك العامُ من أعمارِنا ، بما فيه من خيرٍ وشرٍ ، فكم شقي فيه مِن أُناسٍ ، وكم سَعِدَ فيه من آخرين ؟ كم طفلٍ قد تَيتَّمَ ، وكم امرأةٍ قد ترملتْ ، وكم من متأهلٍ قد تأيَّمَ ، وكم من مريضٍ قد تعافا ، وسليمٍ قد توفى ، وكم من أهلِ بيتٍ شيعوا ميتَهم ، وآخرون زَفّوا عرَائِسَهُم ، دارٌ تَفرَحُ بمولودٍ ، وأخرى تُعزَّى بمفقودٍ . وهذه سُنَّةُ الحياةِ ، أعوامٌ تمضي ، وأزمنةٌ تنقضي ، وفي ذلك آياتٌ لأولي الألبابِ ،ولكن عند انتهاءِ الأعوامِ ، يختلفُ الناسُ في شعورِهِم ، فمنهم من يفرحُ ، ومنهم من يحزنُ ، ومنهم من لا إلى هؤلاءِ ولا إلى هؤلاءِ ، فالسجينُ يَفرَحُ بانقِضَاءِ العام ، لِيَخرُجَ من سِجنِهِ ، وآخرُ يفرحُ بانقضاءِ العامِ ، ليَقْبِضَ أُجرةَ مسكَنٍ أجَّرَهُ ، أو لحلولِ دينٍ أجلَّهُ . وآخرُ يفرَحُ بانقضاءِ عامِهِ ، من أجلِ ترقيةٍ في وظيفتِهِ ، أو زواجٍ أو تخَرُجٍ ، ولكن الفرحَ في مثلِ هذه الأمورِ ، مع الغفلةِ عن النفسِ ، وعدمِ الاعتبارِ بمرورِ الأعوامِ ، هو في الحقيقةِ غَبنٌ ظاهرٌ : أيها الأخوةُ في اللهِ ، ها نحن ، نبدأُ عاماً جديداً والسعيدُ من اتعَظَ بأمسِهِ ، واجتهدَ في يَومِهِ ، واستَعَدَّ لِغَدِهِ .فينبغي للعاقلِ ، أن يتدارَكَ أوقاتَهُ ، وأن يحفظَهَا ويستَغِلَّها بما يكونُ لَهُ ، لا بما يكون وبالاً عليه ، فالعمُرُ قليلٌ ، والأجلُ قريبٌ ، ومهما عاشَ الإنسانُ ، فإنه لا بدَّ له من الموتِ ، سُألَ نوحٌ ـ عليه السلامُ ـ وقد لبثَ في قومِهِ داعياً ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً ، قيلَ : كيفَ رأيتَ هذه الدنيا ؟ قالَ : كداخلٍ من بابٍ وخارجٍ من آخرَ ! أكثرُ من تِسْعِمِائَةٍ وخمسينَ سنةٍ ، وكأنه داخلٌ من بابٍ وخارجٌ من آخرَ ! فكيف بنا وأعمَارِنا من الستينَ إلى السبعينَ ! نعم أيها الأحبةُ ، هذا مقدارُ أعمارِنا ، فنحن لسنا كنوحٍ ، نعيشُ مئاتِ السنينَ ، الْمُعَمَّرُ فِينَا من يبلغُ المائةَ . وفي الحديثِ عن النبيِّ e قال : { أعمارُ أمتي ما بينَ الستينَ والسبعينَ وأقلُّهم من يجوزُ ذلك } يعني الكثرةَ هم الذين لا يبلغون السبعينَ ، فالذي يتجاوزُ السبعينَ ، من القليلِ ، وحالةٌ نادرةٌ ، فما أقسى قلوبَنا ، والأمرُ واضحٌ وبَيِّنٌ ، وتعلمون أن أكثَرَ الناسِ ، من يوافيهِ الأجلُ بينَ الستينَ والسبعينَ ، ومنهم من يوافيهِ قبلَ ذلك ، والقلةُ ، هم الذين يتجاوزونَ سنَّ السبعينَ ، ثم أيضاً يوافيهم أجلُهُم .ويا أحبتي في اللهِ مرورُ الأعوامِ على الإنسانِ قد يكونُ نعمةً ، وقد يكون نقمةً ! فطولُ العمرِ أحيانا يكونُ شراً ووبالاً على صاحبِهِ ، فالعصاةُ مثلاً كَثْرَةُ أعوامِهِم ، إذا لم يبادروا بالتوبةِ ، شرٌ عليهم ، فكلما طالَ عُمُرُ أحدِهم ، استكثرَ من حُجَجِ اللهِ عليهِ ،قالَ البخاريُّ رحمه اللهُ ، بابُ [ من بلغَ ستينَ سنةٍ فقد أعذرَ اللهُ إليه في العمرِ ] لقوله ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ) يعني الشيب ، ثم ساق الحديث رحمَه اللهُ {عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم أعذرَ اللهُ إلى امرئ أخرَ أجلَهُ حتى بلَّغَهُ ستينَ سنةٍ } وفي الحديثِ أيضاً يقولُ النبيُّ e : { خيرُ الناسِ من طالَ عُمُرُهُ وحَسُنَ عملُهُ ، وشرُّ الناسِ من طالَ عمُرُهُ وساءَ عملُهُ } فيا من ضيعتَ عُمُرَكَ فيما لا ينفعُ ، ألم تعلمْ بأنك تستكثرُ من الذنوبِ في كلِّ عامٍ ؟ أما علمتَ بأن هذا العُمُرَ ، وهذه الأعوامَ التي مرتْ بك شاهدةٌ عليك ؟ إذا لم تُبادرْ بالتوبةِ . والعاقل لا ينغرُّ ولا ينخدعُ بإمهالِ اللهِ له ، ولا بما أعطاه اللهُ ، يقولُ U : ) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ ( أخي المسلم : يا من أمضيتَ عدداً من السنينَ ، اعلم بأن هذا العُمُرَ الذي أمضيتَ سوف تُسألُ عنه ، وتُحاسبُ عليه ، يقولُ جلَّ في عُلاه : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وفي الحديثِ { عن أبي برزةَ الأسلمي قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثم لا ينعقدُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ ، وعن علمِهِ فِيمَ فعل ، وعن مالِهِ من أين اكتسبَه ، وفِيمَ أنفقَهُ وعن جسمِهِ فِيمَ أبلاهُ }فيا أيها الأخوةُ في اللهِ : الدنيا كما تعلمون ، مزرعةٌ للآخرةِ ، ومتجرٌ لدارِ الخلدِ والبقاءِ والقرارِ . فالسعيدُ من تنبَّه لها ، وأعطاها قدرَها ، ولم يُفَرِّطْ في لحظاتِها ، فضلاً عن أيامِها ، ولم ينشغلْ في مباحاتِها ، فضلاً عن محرِّمَاتِها .السعيدُ من علتْ همتُه ، وازدادتْ في الخيرِ رغبتُهُ ، فأقبلَ على طاعةِ ربِهِ ، واتبع سنةَ نبيِه ، e فلم يتركْ سبيلَ خيرٍ إلا وسلكَهُ ، ولم يتركْ عملاً يقربُّه من اللهِ ، إلا وسعى إليه وعملَ على تحقيقِهِ ، خائفاً من مقامِ ربِّه ، ناهياً نفسَهُ عن هواهُ ، معرضاً عن دنياهُ ، مقبلاً على آخرتِهِ ، يخافُ يوماً تتقلبُ فيه القلوبُ والأبصارُ ، ) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ( فا . الله . الله ... أيها الأخوةُ ، اغتنموا فرصةَ وجودِكم في هذه الحياةِ ، استغلوا أوقاتَها ، وتحينوا فُرَصَها ، واستفيدوا من مناسباتِها ، وتذكروا قولَ نبيِكم e : { اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ ، شبابَك قبلَ هرمِك ، وصحتَك قبلَ سقمِك ، وغناك قبلَ فقرِك ، وفراغَك قبلَ شغلِك ، وحياتَك قبلَ موتِك
المفضلات