صيد الواقع
قد يعيش مسؤولا ما في دائرة ما بنجاح ,ولكنه يعيش العزلة و الوحدة والصراع مع نفسه,لأنه فصل مصالحة الشخصية عن المصلحة العامة لتلك الدائرة, و اعتبر أن المصلحة له لوحده و من خلفة الطوفان.
يتجـلى ذلك كله عـندما يجهـل المسؤول في أن المسؤولية هـي مـلامح حب و نفس لطف و سلوك اخوة ... وعندما يغيب عنه أنها فن حـواري يمنح فيه المسؤول أفراده مساحات من الرأي و القبول و الرجوع أيضا..
وعندما يجهل أنها هي تلك النغمة التي تمثل نغمة الاستماع و الاستشارة د و نما غضض أو تلكؤ أو تردد. وهي أيضا تلك النغمة التي لا تستسيغ الرقي على أكتاف الآخرين متخذا إياهم سلما للوصول ألي غاية ما, فتستشرف جهودهم و تتشح إنجازهم. بل هي التي تصنع الآخرين و تدفع بهم قدما يحدوها إدراك هادئ لسنوة التبديل, وحركة الزمان في التغيير.
لا بل و لا أخفيك سرا أنها هي تلك النغمة التي تغيب و تحضر, غياب لذاتك عزيزي المسؤول, غياب لتسلطك, وحضورا لعـدلك, غياب لحضوضك وحضـورا لعـطائك ... هـي بصريح العـبارة (( غياب للفول و المسبحة والقدسية)) وحضور صالحك العام.:D
واعلم يا رعاك الله , كم هو جميل حين تمارس هذا النوع من الفن الإداري و أنت في موقع الأمر الناهي و ليس بعد أن تترك هذا الموقع أو أن يتركك الموقع.
المسؤولية هي نغمه جميلة يطرب لها افرادك وفق المقادير نفسها و النوبات ذاتها, أنها النغمة التي لا يطرد عن استماعها أحد و لا يصتصفى فيها أحد دون أحد , بل هي نغمة شمولية تهتف للجميع و تتوجه للجميع. هي لحن جميل ينفخ في افرادك روح الفريق و تصنع من ألحانها المتعددة لحن عذب يطرب له الجميع.
أخي الفاضل... المسؤولية هي موهبة اكتشاف الكفاءات , وخبر الرجال ثم هي و ضع الرجل المناسب في المكان المناسب, و أنها والله احتفاء بالموهوبين و رأفة بالمجتهدين و تقويم المعوجين .
المسؤولية أيها العزيز.... في حقيقتها فن تقويم الآخرين لا فن تقديم الآخرين , المسؤولية الحان ممزوجة مكتسبة تنضجها الخبرات و ترقيها التجارب و تسندها القدرات .
آه... لو استطعمت ثمار النخلة, و علمت يقينً أن المسؤولية مثل تلك النخلة العظيمة حيث فيها من النخلة شموخها و صلابة جذعها و رحمة ظلالها و لذة آكلها وسهولة تناولها و قوة جذورها فيها التماسك الفريد بين العسبان ( الأفراد ) و الجذع (المسؤول ) و النتاج ثمار لذيذة قد حنت عليها تلك العسبان و سمى به ذلك الجذع عن كل مكروه .
ثم أن المسؤولية أيها العزيز أبعد ما تكون عن التجهم و الملامح المتشطيه و الغيرة المتعالية , وهي الكبر المتلبس بثياب الوقار ... لا و ليست المسؤولية جفاف التعامل و حدة الطبع و لا هي المحاباة النفعية و لا الشد و القطع .
و اعلم أيها المسؤول (( انه ليس أضعف من مؤسسة أو شركة نفوس أفرادها منكسرة ذليلة , و لا اكبر خيبتاً من موظف فاقد الطموح لا تحثه على العمل إلا نوازع البقاء أو تجنب المهانة )) * , فل نرتقي بمعاملاتنا مع الآخرين بالقدر الذي تستحقه هذه الشركة المعطاء ولنبلغ بها عنان السماء وفاءَ بحقها علينا يشد بعضنا بعض نكتسح الدنيا بالعالمية الموثقة بالجودة و قوة العطاء.
* الدكتور عيسى الملا مجلة الاقتصاد العدد 341
المفضلات