جوزاء بنت بندر بن مقحم التمياط
ولدت جوزاء على وجه التقريب عام 1312هـ/1892م في خب التمياط شمال حائل لأسرة ذات منزلة اجتماعية رفيعة ، توارثت مشيخة التومان من شمر ، وكان والدها بندر بن مقحم بن وطبان التمياط كأسلافه شيخا لعشيرته ، واشتهر بالحكمة والشجاعة وقوة الشخصية والمهارة الحربية .
أما والدتها فهي عمشا بنت راشد بن شلا ش من آل علي شيوخ عبده من شمر ، ومن هنا نجد أن جوزاء كانت تنتمي إلى أسرتين من شيوخ شمر ، ومن المؤكد هذا الانتماء أثر في نشأتها فحظيت بتربية مدارها الشجاعة والكرم والجرأة ، فأظهرت من طفولتها نا يدل على تمسكها بالمثل العليا ، ففيما يروى أنها في طفولتها سمعت يأن أفرادا من قبيلتها قاموا في إحدى المعارك بسرقة العطافة فأسرعت تخبر والدها يما قاموا مستهجنة تصرفهم مطالبة بإعادة ما سرقوه .
وفي اعتقادنا أن هناك عاملا مؤثرا آخر في شخصيتها انعكس على سلوكها فيما بعد ، وهو أن نشأتها كانت في عائلة أغلب أفرادها من الذكور فقد كان لها من الأشقاء راكان وعارف ونواف ، ومن غير الأشقاء صحن ومحيسن ونايف ومسلط وسلطان ومحمد ووضحى والجازي ، فتأثرت بذلك المحيط ويتبين ذلك في ميلها إلى تلكس مشكلات مجتمعها .
وقد أكسبتها تلك الصفات إضافة إلى منزلتها الاجتماعية شهرة بين الناس فتطلع سادة القوم إلى الزواج منها ، ومن هنا أقدم سعود بن عبد العزيز بن رشيد (1326-1337هـ/1908-1919م) على الاقتران بها .
وأتاح لها الانتقال إلى قصر ابن رشيد فرصة التحصيل العلمي فقرأت القرآن الكريم وتعلمت بعض الأمور الشرعية على يد شيخ أعمى ، ولا يبدو الأمر مستغربا إذ عرف من آل رشيد اهتمامهم بتعليم نسائهم .
وحظيت جوزاء بمنزلة عالية عند سعود ين رشيد فكان يقبل مشورتها ويأخذ بآرائها مقدرا بذلك رجاحة عقلها وما كانت تتمتع به من حكمة ، وأثمر زواجها منه ابنتين الأولى منهما سميت زهوة ، غير أنها توفيت في صغرها ، ثم أنجبت ابنة أخرى اطلقت عليها اسم الأولى غير أنها توفيت أيضا .
وتعددت الروايات حول حياتها مع ابن رشيد ففي حين تؤكد رواية شفاهية أنها ظلت في عصمته إلى يوم مقتله في عام 1338هـ/1919م حيث حمل إلى بيتها ، تذكر رواية شفاهية أخرى أنها طلقت منه قبل مقتله ، وأن زوجاته اللاتي كن في عصمته حين مقتله هن : فهدة بنت العاصي بن شريم الشمري ، وشاهة بنت غضبان الوجعان الشمري ، ولولوة بنت صالح بن سلامة السبهان ، والعنود بنت سالم بن حمود بن عبيد الرشيد ، وتؤكد الرواية الشفاهية الأخيرة ما أشارت إليه مضاوي بنت طلال الرشيد .
وبعد حياتها مع ابن رشيد توالت على جوزاء أحداث وخطوب مكدرة ، فقد تزوجت من فهد بن هذا ل شيخ العمارات من عنزة ، وأقامت معه في موطنه بالعراق ، وعندما شعر ابن هذال بقوة شخصيتها وما أدى إليه ذلك من مكانة رفيعة لها بين الناس الذين اعجبوا بذكائها وحسن تصرفها وكرمها ،بادر إلى طلاقها مرددا أنه : (( لا يجتمع في البيت كريمين )). فتزوجت من بعده حاكم بن مهيد شيخ الفدعان من عنزة أيضا ،وأنجبت له ابنه مقحم الذي سعت إلى تأصيل الأخلاق الكريمة والشهامة والخصائل الحميدة في نفسه ، غير أنه توفي وهو في السادسة من عمره ،تاركا ألما وحزنا قاومتهما بالصبر ،وإن زاد في أحزانها فقدها لزوجها نفسه بعد فترة قصيرة
وتبدو هذه المرأة الجلدة الصابرة ذات القوة والشكيمة متعلقة بالحياة لا يدخلها اليأس ،فقد تزوجت بعد وفاة ابن مهيد بعلي السليمان العبيد أحد شيوخ الدليم من طئ المقيمين في الرمادي بالعراق ،وطلقت منه لتتزوج من جديد بـ وطبان بن فيصل الجربا ،وأنجبت منه ابنة دعتها شريفة توفيت في سن صغيرة ، ولم يستمر زواجها من ابن الجربا بل انتهى بالطلاق وهو آخر أزواجها وفقا للمعلومات التي اطلعنا عليها .
لقد كانت جوزاء رغم كل الصعوبات التي شهدتها في حياتها ،امرأة صابرة ، مؤثرة في مجتمعها بما كانت تقدمه من أعمال الخير ،فقد عرف عنها أنها كانت تسعى إلى إصلاح ذات البين ،وعتق الرقاب ،وحل مشاكل التحيير وغيرها من مشاكل الزواج حتى لقبت بـ (( مجوزة العزبان )) .
كما عرفت بالتسامح والعفو عند المقدرة،والحرص على رفع شأن قبيلتها ومساندة النساء اللاتي يتعرضن لظلم أو جور ، ونتيجة لمواقفها لم يكن من المستغرب أن تحظى بشهرة واسعة في عصرها .
وبعد تلك الحياة الحافلة بالأحداث والتقلبات ،توفيت جوزاء في عام 1379هـ/1959م ،كما يشير عبد الرحمن بن زيد السويداء أو في عام 1382هـ/1962م كما تشير رواية شفاهية ،وكانت وفاتها في منطقة البوبهي بالقرب من رفحاء .
المصدر / كتاب نساء شهيرات من نجد
تأليف / د0 دلال بنت مخلد الحربي
المفضلات