أود أن أعتذر عن غيابي والسبب أنني عاكفة على دراسة كتاب (تاريخي) صدر حديثا .. لي عودة بإذن الله مع مقتطفات من ذلك الكتاب ..
أما الآن فسأروي لكم قصة أخرى من كتاب آخر ..
إنها قصة عن العفو والتسامح الذي هو من شيم الكرام .. كيف لا وبطلها كريم بن كرام ..
"نيف بن حيمر بن قشعم و عحب بن عجبة وكلاهما من قبيلة شمر
(آل جعفر ) من عبدة
حدث أن قتل عجب أخا نيف ٍ فخاف من نيف وهرب ملتجأ ً إلى آل الجربا في العراق .. وقد علم نيف أن القاتل لجأ هناك ..
فتبعه قاصدا الثأر وبقي يتحين الفرصة لذلك ولكن عدوه كان حذرا لدرجة أنه لاينام في نفس الموضع أبدا بل لم يكن ينام في بيته ولم يكن أحد يعلم أين ينام ..
فحدث أن تبعه نيف ذات مرة وهو داخل إلى أهله وانتظر حتى انتصف الليل ثم هجم عليه ولكنه اكتشف أن عدوه لم يكن في البيت أصلا ، حيث أنه دخل وخرج منه فورا بغرض التمويه ، وانتبهت زوجة القاتل وصاحت بصوتها وانتبه العرب ولكن بعد ان هرب نيف ..
بعدها رأى ابن عجبة أنه من الحذر والمنطق أن يرحل عن موضعه لذا نزح عنهم ونزل بجوار ابن عبيد رئيس قبيلة الدليم الزبيدية .. وكان أكثر حذرا من ذي قبل فكان لا يأتي أهله إلا في لحظات قليلة ومعينة .. فأخذ ذلك الموقف من زوجته مأخذا عظيما .. فالمرأة العربية تنظر لزوجها من جانب واحد وهو البطولة والشجاعة .. ولما كانت زوجته تعرف عنه شجاعته في ما مضى عز عليها ماتراه منه من خوف وريبة .. فقالت له " أراك بلغت الحد خوفا من سطوة عدوك وهذا والله سيجعلني ازهد فيك آخر الأمر ".. وكان هذا الحديث في ساعة متأخرة من الليل .. واجابها ابن عجبة " أنا ماني جبان ولكن أعرف شجاعة عدوي ((نيف)) اللي مايبيت عن الضيم ولو انك عرفتيه مثلي لعذرتيني عن حذري .. ومازال يتحدث عن شجاعة نيف حتى سمع صوتا من خلف الرواق يناديه فالتفت ليرى نيف في وجهه شاهرا سيفه ويقول له " يا فلان إقسم لي أنك قلت هذا الحديث عن اعتقاد لا عن خديعة منك لي ظانا أني قريب منك فأردت بذلك أن تخادعني لأعفو عنك فيما أسمعتني من حديث " اندهش ابن عجبه مما رأى واقسم انه يقول الصدق وهذا مايعتقده وأنه قال ذلك ليثبت لزوجته سبب ما يتصرف به وأنه يريد إقناعها بما هو ثابت وواقعي..
فلما احس بصدق الرجل قجر ذلك و عندها أجابه (( اذهب فإني عفوت عنك طالما أنك معترف ببطولتي وخائف من سطوتي ومحترم لشخصي )) فاجابه ابن عجبه (( من كمال عفوك قبولك للدية حتى أكون مطمئنا ً على نفسي فيما بعد أي من بعض عشيرتك الأقربين )) أجابه نيف (( أنا أقبل منك الدية على أساس أن تطمئن وتأمن ، لا رغبة فيها ، والطريقة التي ترى فيها راحة نفسك فافعلها )) فدفع الدية وانتهى الأمر إلى العفو ...
مأخوذة من كتاب وبتصرف ..
المفضلات