[c]
سير انو دي بر جراك
شاعر فرنسي من شعراء القرن السابع عشر
نشأ غريبا في أطواره وأخلاقه منفردا بصفات قل أن تجتمع لأحد
من معاصريه.فكان جامعا بين الشجاعة الىدرجة التهور
والخجل لدرجة الضعف وبين القسوة إلى معاقبة أعدائه على اصغر الهفوات والرقة إلى البكاء على
بؤس البائسين.وكان كريما وعفيفا لا يمد يده لحد وصريحا لايتررد لحظة
في مجابه صاحب العيب..فلم يكن له أصدقاء إلا أفراد قلائل. كانت بليته
العظمى في حياته ومنبع شقائه وبلائه انه دميم الوجه كبير الأنف جدا
إلى درجة تلفت النظر وتستثير الدهشة, وكان يعلم ذلك من نفسه حق
العلم ويتألم بسببه تألما كثيرا لأنه عاشقاً لابنة عمه (رو كسان)
الشهيرة بجمالها النادر وذكائها الخارق, وكان يعتقد أن
المرآة مهما سمت أخلاقها وجلت صفاتها لا يمكن أن
تقع في أحــبولة غرامية غيــر أحـبــولة الجــمال
ولا تعني بحسن إلا بحسن الوجوه والصور,
فكــان وهــو أشـــجع الناس وأجـــرئهم
وأعـظـمهـم مخاطــرة وإقــداما
لا يجسر أن يفاتح حبيبته هذه في شأن حبه حياءً من نفسه وخجلا
ذات يوم انتفض الأشراف غيظاً وثاروا من أماكنهم وقال لكونت دي جيـش يخيل لي إن الرجل قد بدأ يضايقنا ثم انحدر من المســرح تتبعه حاشـــيته حتى دنا مـن سير انو والتفت إلى أصـــحابه وقال لهم إلا يوجد بينكم من يصــلح لمقارعة هذا الرجل؟ فقال لكونت فالغير انا صاحبه يا سيدي فانتظر قليلا فإني سأفوق إليه سهما لأقبل له بالنجاة منه, ثم تقدم نحو سير انو وهو جالس على كرسيه جلسة العظـمة والكبرياء وظل يرد النظر في وجهه طويلا ثم قال له :إن انفك أيها الرجل قبيح جدا.فرفع سير انو نظره إليه بهــدوء
ثم قهقه قهقهة طويلة وقال ثم ماذا قال لاشي سوى إن أقول لك مرة أخرى إن انفك أعجوبة من أعاجيب الزمان؛ نهض سير انو عن كرسيه متثاقلا وتقدم نحوه خطوة وألقى عليه نظرة من تلكم النظرات الهائلة التي اعتاد إن يصرع بها خصومه وقال له ثم ماذا فاضطرب الفيكونت وشعر بدبيب الخوف في قلبه وقال لاشي قال اهذا هو السهم القاتل الذي أردة إن ترميني به كنت اظنك أذكى من ذلك وقال وماذا تريد قال أريد إن أقول لك إن مجال القول في الاناف ذو سعة ولو كان عندك ذرة واحدة من الفطنة والذكاء أو لك بعض العلم في أساليب الخطابة لاستطعت إن تقول لي في هذا الموضوع شيئا كثيرا كأن تقول مثلا بلهجة "المتنطعين" لو كان لي أيها الرجل أنف مثل أنفك هذا لأرحت نفسي والعالم منه يضـــربة واحــدة من حد ســـيفي, وبلهجة "المتلطفين" حبذا لو صنعت يا سيدي لأنفك كأسا خاصة به فإني أراه يشرب معك من كأسك التي تشرب منها, وبأسلوب "الواصفين" ما أرى أنفك إلا صخرة عاتية, أو هضبة مشرفة أو روشناً مطلا أو رأسا ناتئا أو لسانا ممدودا وبنغمة "الفضوليين" ما هذا الشي الناتىء في وجهك يا سيدي؟ أمحارة مستطيلة أم دواة للكتابة أم صندوقا للأمواس أم علبة للمقارض؟ وبلهجة " الماجنين" أبلغ بك غرامك بالطيور يا سيدي أن تبني لها في وجهك برجا خاصا بها لتقع عليه كلما قطعت شوطا من أشواطها؟ وبأسلوب "المداهنين" هنيئا لك يا سيدي هذا القصر الفخم الذي بنيته لنفسك على هذه الــربوة البديعة! وباللهــجة "الشعرية" أأنفك القيثارة التي توقـــع عليها إله أنغــامها الشجية؟ وبروح "السذاجة" في أي ساعة تفتح أبواب هذا الهيكل يا سيدي الحارس؟ وبالبساطة "الريفية" ماهذا ياسيدي أأنف ضــخم أم لفتة كبيرة أم شـــمامة صغيرة؟ وباللهجة "العسكرية" صــوب هذا المدفع نحو فرقة الفرسان أيها الجندي وباللغة" المالية" أتريد أن تضع أنفك هذا في اليانصــيب إنه يكـــون بلا شك النمرة الكبرى وباللغة" التمثيلية أهذا هو الأنف الذي أفسد تخطيط وجه صاحبه فسادا عظيما باله من مجرم أثيم ومعتد زنيم.
تحياتي
الضيغمي
[/c]
المفضلات