لم يذكر القرآن الكريم اسم منافق واحد رغم خطورة المنافقين على بناء الدين والأمة ورغم عملهم الدؤوب لتقويض دعائم الوطن الاسلامي وشريعته ، وإنما ذكر لنا صفاتهم لنعرفهم بها ونحذر منهم ومنها وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض بهم ويذكر صفاتهم وهو يعرفهم ويمشون معه في الطرقات بل يخالطونه ويجلسون في مجلسه ويصلون في مسجده وقد أسر لحذيفة كثيرا منهم أو كلهم ، وعلى هذا الهدي سأشير إلى أبرز صفات السفلة والسفلة تنطق بفتح السين وكسر الفاء السقاط من الناس والسفالة النذالةأ.هـ (كما في النهاية في غريب الأثر لابي السعادات الجزري وكذا في لسان العرب ومختار الصحاح ).
وما أكثرهم وأكثر ظهورهم وما أكثر أقوالهم وتصاريحهم وحواراتهم وسطورهم في هذا الزمان وخاصة في وسائل الإعلام {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} (30) سورة محمد.
تراهم دائما يشعلون نار الفتنة على دين الله وشريعته بأقلامهم وينشرون سموم أفكارهم بأقوالهم وتصوراتهم الفكرية الشيطانية
{ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (64) سورة المائدة
قال الحسن : قال كلما اجتمعت السفلة على قتل العرب أذلهم الله .
قال الله تعالى متوعدا أمثالهم : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } (79) سورة البقرة
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فالعذاب عليهم من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب وويل لهم مما يكسبون ، مما يأكلون به من السفلة وغيرهم .وقال ابن جرير الطبري : يكسبون من الحرام بكتابهم الذي يكتبونه بأيديهم بخلاف ما أنزل الله ثم يأكلون ثمنه وقد باعوه ممن باعوه منهم على أنه من كتاب الله .
تكثر السفلة حين يذهب الصالحون والمصلحون والعلماء جاء في الحديث :
( يذهب الصالحون أسلافا الأول فالأول حتى تبقى حثالة كحثالة الشعير ) قال ابن جرير في تهذيب الآثار : فإنه يعني بالحثالة السفلة من الناس وأصل الحثالة ما تفتت وتساقط من قشور التمر والشعير وغيرهما .
ومن الحثالة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ( كيف بك يا أبا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مرجت عهودهم وأماناتهم ) يعني بالحثالة ما وصفت من سفلة الناس ، نعم إنهم لا عهود لهم ولا أمانة كيف وقد انقضوا على أمتهم ليفسدوا الأخلاق ويسخروا من دين الله الواحد الخلاق .
إن من أبرز صفاتهم أنهم لا يعرفون الطريق إلى الله و لا يخافون الله وذلك ظاهر من استخفافهم بشعائر الله وشريعته ، أدعوكم لمعرفة أوصافهم في أقوال سلفنا الصالح فتأملوها لتعرفوهم :
سئل ذو النون عن السفلة فقال : من لا يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرف.
وقد وصفهم لنا أنس بن مالك رضي الله عنه عندما حذر منهم قال :
يا بني إياكم والسفلة قالوا وما السفلة ؟ قال : الذي لا يخاف الله عز وجل .
وقد عرفنا بهم الإمام مالك عندما سئل من السفلة ؟ فقال : من أكل بدينه فقيل له من سفلة السفلة؟ قال : من أصلح دنيا غيره بفساد دينه .
وسئل الأعمش من السفلة قال : الذين يطلبون الدنيا بعمل الآخرة .
وقال فضيل بن عياض : سئل ابن المبارك من الناس؟ قال: العلماء، قال من الملوك؟ قال : الزهاد ، قال فمن السفلة؟ قال : الذي يأكل بدينه .
وقال إبراهيم بن عبد الله السعدي: سألت الأصمعي عن السفلة فقال الذي لا يبالي ما قال وما قيل فيه .
لا تبالي أن تطلق عليهم أقذع الأوصاف كما كان السلف يسمونهم : الأوباش والأراذل واللئام والوضعاء ، رعاع الناس ، أسقاط الناس وغوغاءهم ، الجهلة الرذلاء ، المسرعين إلى الشر .
السفلة أعداء الحق والخير وأعداء النجاح والناجحين ،
قال ابن عساكر وقلما كان كبيرا في عصر قط إلا وله عدو من السفلة فلآدم إبليس ولإبراهيم نمروذ ولموسى فرعون وللمصطفى أبو جهل .
قال ابن المبارك في إيضاح بعض صفاتهم شعرا :
قوم إذا غضبوا كانت رماحهم ^^^^ بث الشهادة بين الناس بالزور
ومن طرقهم يحاولون أن يستزلون صاحب الحق عن رأيه فإن أطاعهم بعد ذلك استخفوه وأهانوه وذموه .
فهلا يرعوي بعض الراكضين إلى الظهور لئلا تظهر عليهم أعراض المعضلة ، وهلا علم المستأجر والمأجور أولئك المكتسبين من تلويث إعلامنا والبحور والسطور أننا من أعمالكم وأوصافكم عرفناكم و أبغضناكم يا عمالقة السفلة .
