الجزيرة في الوثائق البريطانية (1)
الجزيرة العربيةفي الوثائق البريطانية 3
المجلد الثالث
الجزيرة العربية
في الوثائق البريطانية
(نجد والحجاز)
المجلد الثالث
1917 ـ 1918
اختيار وترجمة وتحرير
نجدة فتحي صفوة
Materials selected from the Public Record Office Decuments,
Which are British Crown Copyright, are translated by
Permission of Her Majesty`s Stationary Office
ترجمت الوثائق المستخرجة من مركز حفظ الوثائق البريطانية ،
التي هي من حقوق التاج البريطاني،
بموافقة "مكتب جلالة ملكة بريطانية للقرطاسية"
(C) نجدة فتحي صفوة، 1998
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى 1998
ISBN 1 85516 573 2
دار الساقي
بناية تابت، شارع أمين منيمنة (نزلة السارولا)، الحمراء، ص. ب: 5342 / 113 بيروت، لبنان هاتف 347442 (01)، فاكس: 602315 (01)
DAR AL SAQI
London Office: 26 Westbourne Grove, London W2 5RH
Tel: 0171-221 9347, Fax: 0171-229 7492
-----------------
المحتويات
ـ مقدمة ................................................................. 7
ـ فهرس تحليلي للوثائق البريطانية عن الجزيرة العربية
(الحجاز ونجد) 1917 ـ 1918 ....................................... 21
ـ نبذة عن الشخصيات الرئيسية التي ورد ذكرها في الوثائق
أو أسهمت في إعدادها ................................................. 67
ـ القسم الأول: الوثائق البريطانية عن الحجاز لسنة 1917 ـ 1918 .. 83
وثائق سنة 1918 عن الحجاز .......................................... 330
ـ القسم الثاني: الوثائق البريطانية عن نجد والإمام عبد العزيز آل سعود
(1917 ـ 1918) .................................................... 631
ـ فهرس الأعلام ...................................................... 829
--------------------
مقدمة
يختص الجزء الثالث من "موسوعة الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية " بوثائق سنتي 1917 و1918، وكان الجزء الأول يحتوي على وثائق سنتي 1914 ـ 1915 والجزء الثاني خاصاً بوثائق سنة 1916. وكان تخصيص جزء كامل لوثائق سنة واحدة يعود إلى ضخامة عدد الوثائق الخاصة بتلك السنة بسبب قيام الثورة العربية فيها وكثرة المراسلات والتقارير التي تبودلت بسببها.
وقد شهدت السنتان 1917 و1918 أحداثاً على جانب عظيم من الأهمية أيضاً، على الصعيدين العالمي والعربي على حد سواء.
العالم في سنة 1917
وفي بداية سنة 1917، كانت الحرب العالمية الأولى لا تزال في أوج استعارها، وفي هذه السنة لم تعد أوروبا وحدها ساحة الحرب، بل أصبح العالم بأجمعه مسرحاً لعملياتها.
وفي روسيا اضطر القيصر، إزاء الاضطرابات المدنية والعسكرية التي سادت بلاده، أن يرضخ للضغوط التي تركزت عليه، ويتنازل عن العرش. وأسست حكومة موقتة برئاسة جيورجي لفوف في 15 آذار / مارس سنة 1917 ، وبعد حوالي أربعة أشهر، وعلى أثر مظاهرات يسارية واسعة النطاق (في 20 تموز / يوليو) من السنة نفسها، استقال لفوف، وخلفه في رئاسة الحكومة ألكساندر كيرينسكي الذي تعهّد بمواصلة الحرب. ثم عاد لينين من المنفى والتحق بستالين وتروتسكي، وفي تموز / يوليو نجحت حكومة كيرينسكي في القضاء على انتفاضة بلشفية، وهرب لينين مرة أخرى. واستمرت الحرب في الشرق، وكان ذلك بطبيعة الحال مدعاة ارتياح كبير للحفاء. وجاءت القشة الأخيرة في شهر أيلول / سبتمبر حين أصيب الجيش الروسي المرهق والمنهارة معنوياته بهزيمة منكرة في "ريغا" وبذلك فتح أمام الألمان الطريق إلى العاصمة الروسية "بتروغراد". وفي أوائل تشرين الثاني / نوفمبر قامت انتفاضة بلشفية ثانية كانت أكثر نجاحاً، فسقطت "بتروغراد" بعد الهجوم على "القصر الشتوي" وأطيح بكيرينسكي وحكومته، وأعلنت الجمهورية في روسيا، وتم الاتفاق على هذه منفردة مع ألمانيا والنمسا، ثم جاءت مفاوضات السلام.
كان لهذا الحدث آثاره وردود فعله المهمة في الغرب، وكذلك في البلاد العربية. وكانت ردود الفعل في الغرب مختلفة، فقد اتخذت الحكومة البريطانية من الحكومة البلشفية موقفاً متصلباً، ورفضت أن تكون لها أية صلة بها. واصبح بإمكان ألمانية نقل قواتها الموجودة في الميدان الشرقي إلى الغرب، بعد أن تحللت من واجباتها هناك. مما حقق لها الهيمنة على الوضع ولو إلى حين، إذ عاد ميزان القوى فأصبح في صالح الحلفاء مرة أخرى بدخول الولايات المتحدة الحرب في نيسان / أبريل، وهو حدث فجّره إلى حد كبير استمرار الغواصات الألمانية في إغراق البواخر الأميركية، وكذلك مهاجمة الألمان للسفن الأميركية التي كانت مستشفيات عائمة، واحتجازهم في سلسلة الاستفزازات الألمانية في شباط / فبراير مع برقية أرسلها وزير خارجية ألمانية "زيمرمان" إلى الرئيس المكسيكي "كارانزا" يحثه فيها على أن تعلن المكسيك الحرب على الولايات المتحدة وتعيد احتلال الأراضي التي أخذت منها في تكساس ونيومكسيكو وأريزونا. وكان زيمرمان يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بعمليات انتقامية ضد إغراق سفنها، ففكر أن إعلان المكسيك الحرب عليها سيشغلها عن ذلك. ولكن استخبارات البحرية البريطانية التقطت هذه البرقية، وتمكنت من فك رموزها. ونشرها الرئيس الأميركي وودرو ويلسن في 1 آذار / مارس سنة 1917، قبل إعلان الولايات المتحدة الحرب بخمسة أسابيع. وصادرت الحكومة الأميركية 91 سفينة ألمانية كانت راسية في ميناء نيويورك، وبدأت بتسليح أسطولها التجاري، وفي شهر أيار / مايو وافق الكونغرس على قانون خاص بالخدمة العسكرية وأمكن بموجبه تجنيد 10 ملايين جندي أميركي.
إزاء هذه الخلفية من الوضع الدولي تعرض الوثائق البريطانية التي يتضمنها هذا الجزء من الموسوعة تسلسل الأحداث في الحجاز ونجد خلال سنتي 1917 و1918، من زاوية بريطانية بطبيعة الحال.
لما حلت سنة 1917 كانت الثورة العربية قد مرت عليها سبعة أشهرن، وكانت معالمها قد اتضحت، وأهدافها قد تحددت، ولكنها مع ذلك لم تكن قد انتهت. وشهدت بداية سنة 1917 انتقال زمام المبادرة في القتال من أيدي الأتراك إلى أيدي العرب. فقد عبر الأمير عبد الله خط سكة الحديد إلى شمال المدينة، وتمركز في وادي العيص، وقام الأمير علي من رابغ نحو مواقع الأتراك في معابر الجبال فاستطاع أن يخرجهم منها وأجبرهم على التراجع إلى خط دفاعي قريب من المدينة. أما الأمير فيصل فقد أتاحت له عمليات شقيقيه أن يخرج بقواته إلى ما وراء جبهة المدينة فيستولي على الوجه، وبذلك أصبح ساحل الحجاز بأكمله في يد العرب. وزال الخطر الذي كان يهدد رابغ، ثم جاءت معركة بئر درويش، وهي من أهم المعارك في تاريخ الثورة، إذ استطاعت القوات العربية أن تستولي لأول مرة على موقع تركي حصين. وكان احتلال العقبة في تموز / يوليو 1917 نقطة تحول أخرى في الموقف، إذ تحولت الثورة العربية إلى حرب متحركة هدفها أن تستولي على دمشق التي تبعد 600 ميل شمالاً، وأصبحت الثورة بذلك جزءاً من الحرب العالمية الأولى، إذ كونت الجناح الأيمن للقوات البريطانية الزاحفة على فلسطين، وتوجهت بعثة إلى سورية، بقيادة الشريف ناصر ونسيب البكري، تدعو للثورة وتضع أسس العمل المشترك، ورافق هذه البعثة الكابتن لورنس.
وعهد الجنرال اللنبي إلى القوات العربية بمهمة قطع المواصلات بين دمشق والجنوب باحتلال درعا، المنطقة الحيوية للمواصلات، وذلك بقصد حماية الجناح الأيمن للقوات البريطانية ومشاغلة القوات التركية في شرق الأردن ومنعها من إرسال الإمدادات إلى فلسطين. وبعد احتلال درعا بدأ تراجع الجيش التركي تتعقبه القوات النظامية العربية ورجال القبائل، وانهارت الجبهة التركية في نهاية أيلول / سبتمبر ولم يتمكن الأتراك من تأليف جبهة حربية في حوران، كما لم يتكنوا فيما بعد من تأليف جبهة جديدة في دمشق، وأخذت القوات البريطانية القادمة من جبال الجليل، والقوات العربية إلى الشرق منها، تزحفان في خطين متوازيين في عملية سباق غايتها النهائية دمشق.
وتبدأ وثائق هذه المجموعة لسنة 1917 بتقرير أعده هوغارث عن الشخصيات الحجازية المهمة، وقد أعد هذا التقرير لاستعمال المكتب العربي، وقد أدرجناه نظراً للمعلومات الدقيقة والأوصاف التفصيلية التي يتضمنها لبعض الشخصيات الرئيسية في الحجاز، على الرغم من وجود عدد من الأخطاء فيه أيضاً.
أما الأحداث التي تتناولها وثائق هذا الجزء فتبدأ بقضية إنزال قوات أجنبية في الحجاز لمساعدة الجيوش العربية، وطلب الملك حسين إرسال هذه القوات في بداية الثورة ثم عدوله عن ذلك بسبب تخوفه من الاستياء الذي قد يحدثه ذلك في العالم الإسلامي. وتليها قضية تشكيل وحدة عسكرية عربية (السرية العربية) من أسرى الحرب العرب الموجودين في معسكرات الأسرى في الهند. ومجموعة من الوثائق عن المحاولات الفرنسية للتدخل في شؤون الحجاز، وموقف بريطانية من هذه المحاولات، وهنالك عدة تقارير مهمة عن الحجاز كتبها الكابتن جورج لويد (اللورد لويد فيما بعد) وتقارير عن الشعور السائد والرأي العام في مصر تجاه الثورة العربية.
وتحتوي هذه المجموعة أيضاً على مبادرات جمال باشا ورسائله إلى الأمير فيصل وجعفر العسكري ثم إلى الأمير عبد الله. وبذلك تنتهي وثائق سنة 1917.
العالم في سنة 1918
أما سنة 1918 التي تحتوي هذه المجموعة على أهم وثائقها أيضاً، فإن الوضع العالمي خلالها كان كما يأتي:
بقيت أحداث روسية طاغية على غيرها من الأحداث العالمية، فقد تداعت سريعاً الهدنة القلقة التي تم التوصل إليها بين الحكومة البلشفية وألمانية، ودخلت الجيوش الألمانية الأراضي الروسية، وصارت تهدد العاصمة بتروغراد لأجل إجبار البلاشفة على قبول شروط المعاهدة. وقد تمكن الألمان أخيراً من تحقيق هذا، ووقعت معاهدة برست ـ ليتوفسك "التأديبية" في آذار / مارس سنة 1918، وفي هذه السنة أيضاً نقلت العاصمة الروسية من بتروغراد إلى موسكو، ولكن السلم ظل بعيد المنال صعب التحقيق، إذ أصبحت روسية مهددة بالحرب الأهلية، وكان الجيش الأحمر الجديد تتحداه الجيوش "البيضاء" بقيادة كبار الضباط القيصريين السابقين. وكانت هذه الجيوش تحصل على مساعدات كبيرة من الخارج. ونزلت في "فلاديفوستوك" قوة بريطانية وأميركية ويابانية مشتركة في نيسان / إبريل، وفي شهر حزيران / يونيو استولت القوات البحرية البريطانية على ميناء "مورمانسك" للحيولة دون سقوطه بيد الألمان. ولأجل الغاية نفسها، أنزلت في ميناء آرخانكيل في شهر آب / أغسطس قوة أكبر من الأولى مؤلفة من قطعات بريطانية وفرنسية وأميركية، وفي تموز / يوليو من سنة 1918 قتل القيصر الروسي وأسرته، وسادت الفوضى في جميع أنحاء روسية.
وفي الولايات المتحدة بدأت سنة 1918 بإعلان خطة السلام المؤلفة من النقاط الأربع عشرة الشهيرة التي أعلنها الرئيس وودرو ويلسن مستهدفاً أن تجعل تلك النقاط الشعب الألماني ينقلب على حكومته. وكان هذا الأمل يقوم إلى حد ما استناداً إلى موجة الإضرابات والاضطرابات التي اجتاحت ألمانية والنمسا. ومع ذلك فإن الجيوش الألمانية في فرنسة، التي عززتها القوات التي جاءت من الجبهة الشرقية، اتخذت موقف الهجوم، وشنت حملة كبيرة على امتداد الحدود في آذار / مارس وخرقت خطوط الحلفاء في عدة أماكن، وتقدم الألمان بسرعة، وأخذوا ألوف الأسرى. ولما تداعت مواقع الحلفاء الدفاعية وأصبح الألمان على بعد 45 ميلاً فقد من باريس، تولى الماريشال (فوش) القيادة العامة لقوات الحلفاء، وأخيراً أمكن صد التقدم الألماني، وبدأت الهجمات المضادة من جانب الحلفاء.
البلاد العربية في سنة 1918
ففي المنطقة العربية استمرت عمليات الثورة في ميادينها الشمالية والشرقية والجنوبية، وكانت جيوش ألمانية وحليفتها تركية قد أخذت تتراجع في شتى ميادين القتال خطوة بعد خطوة، وفي شهر أيلول / سبتمبر قام الجيش البريطاني بقيادة الجنرال اللنبي بهجوم واسع النطاق على الجيوش العثمانية المواجهة له. وقد سبق له في خريف سنة 1917 أن استولى على معظم أراضي فلسطين. وفي الوقت نفسه قام (الجيش الشمالي) بقيادة الأمير فيصل بهجوم مماثل في جبهته، وسبق الجيش البريطاني في عملياته ببضعة أيام، وتراجعت الجيوش العثمانية عن فلسطين وشرق الأردن على غير انتظام، ودخل العرب درعا ثم دخلوا دمشق يوم 1 تشرين الأول / أكتوبر ورفعوا العلم العربي فيها. وواصلت وحدات الجيش الشمالي تقدمها في سورية حتى دخلت حلب.
وجاءت نهاية الحرب العظمى بصورة سريعة ومفاجئة، ففي البلقان كانت بلغارية قد استسلمت في نهاية أيلول / سبتمبر 1918، وبعدها شهر واحد جاء استسلام القوات التركية التي كانت على شفا الانهيار، وفي 30 تشرين الأول / أكتوبر تقدمت ألمانية بطلب هدنة، وبدأت محادثات السلام، وفي اليوم نفسه استسلمت الدولة العثمانية، وبعد ثلاثة أيام وقعت النمسة على اتفاقية الهدنة، وفي 9 تشرين الثاني / نوفمبر تنازل القيصر الألماني عن العرش، وأعلنت الجمهورية في ألمانية، وبعد يومين تسلم الماريشال فوش وثائق استسلام ألمانية، وفي الساعة الحادية عشرة من صباح 11 تشرين الثاني / نوفمبر انقطعت أصوات المدافع في جميع أنحاء أوروبا، وانتهت الحرب العالمية الأولى بعد أن كبدت البشرية عشرة ملايين قتيل، وانتهت معها الثورة العربية.
ولما عقدت الهدنة العامة بين الحلفاء وألمانية، وبدأت الاستعدادات لعقد مؤتمر الصلح في باريس، استفسرت وزارة الخارجية البريطانية من اللنبي في دمشق، ووينغيت في القاهرة، عن رأيهما في توجيه الدعوة إلى الملك حسين، ملك الحجاز، للمشاركة في مؤتمر الصلح، باعتباره مساهماً في المجهود الحربي للحلفاء، على أن يمثله ابنه الأمير فيصل، فلما أيدا الفكرة أبرق الملك حسين إلى فيصل طالباً إليه السفر إلى المؤتمر مندوباً عنه، فتوجه فيصل إلى فرنسة في يوم 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1918 على ظهر الطراد "غلوستر" قاصداً فرنسة، ورافقه نوري السعيد ورستم حيدر والدكتور أحمد قدري، وفائز الغصين[1].
وقد وصل الطراد إلى مارسيليا في يوم 26 تشرين الثاني / نوفمبر، وكان في استقبال فيل "لورنس" موفداً من الحكومة البريطانية، والمسيو برتران عن الحكومة الفرنسية. ولما وصل فيصل إلى مدينة ليون أبلغه الكرنل بريمون ـ المندوب الفرنسي الثاني ـ أنه ليست لدى فرنسة أية معلومات عن المهمة الرسمية التي أنيطت بفيصل في فرساي "ولذلك فليس من المرغوب فيه أن تواصل سفرك إلى باريس"[2]، وكان ذلك صدمة كبيرة لفيصل.
وبعد أن قضى فيصل في فرنسة عشرة أيام، زار خلالها بعض المدن الفرنسية، وميادين الحرب، وجهت إليه الدعوة أخيراً لزيارة باري بنتيجة ضغط شديد من بريطانية، فسافر إليها، واستقبله رئيس الجمهورية بوانكاريه، وفي مساء يوم 9 كانون الأول / ديسمبر 1918 غادر فيصل وحاشيته فرنسة إلى انكلترة، فوصل لندن في اليوم التالي. وعاد فيصل إلى باريس في 7 كانون الثاني / يناير 1919 لحضور مؤتمر الصلح مندوباً عن الحجاز. ويحتوي الجزء الرابع (المتضمن وثائق سنة 1919 على تفاصيل اجتماعات فيصل في باريس ولندن، والمذكرات التي قدمها إلى مؤتمر الصلح، ومقابلاته مع الشخصيات الفرنسية والبريطانية).
* * *
.
المذكرات والتقارير
ويحتوي هذا الجزء، شأن الأجزاء السابقة، على الكتب والبرقيات المتبادلة بين الجهات البريطانية المعنية في جدة والقاهرة والبصرة وبغداد ولندن والهند وعدن حول شؤون المنطقة، وتطورات العمليات العسكرية للثورة، وكذلك على مراسلات الملك حسين وأولاده مع المسؤولين البريطانيين، وأحياناً مع بعضهم، وكذلك على مراسلات الأمير عبد العزيز بن سعود مع الممثلين البريطانيين في المنطقة ومع الملك حسين وحكام المنطقة الآخرين.
وإضافة إلى المراسلات بين الجهات المختلفة، فإن من أهم محتويات الوثائق البريطانية التقارير المفصلة والدراسات التي كانت تعد في الدوائر المختلفة عن الشؤون العربية مثل وزارة الخارجية والبحرية والهند والمكتب العربي في القاهرة ودوائر الاستخبارات العسكرية والمدنية. وتأتي بعض هذه التقارير مفصلة جداً، وتستغرق عشرات الصفحات التي تحفل بكثير من المعلومات المفيدة عن السياسة البريطانية وعملية صنع القرارات. منها على سبيل المثال وليس الحصر، مذكرة للكابتن براي بعنوان "القضية الإسلامية" تبحث في تأثيرها في الحوادث في الهند وفي بلاد العرب ومستقبل الإسلام حين لا تعود تركية دولة يعلق العالم الإسلامي آماله عليها. ومنها تقرير مهم للجنرال وينغيت إلى وزير الحرب عن سير الحركات العسكرية خلال عام، منذ تسلمه إدارتها. ومذكرتان للكابتن جورج لويد (اللورد لويد فيما بعد) عن وضع الحجاز كما هو موضح في الاتفاقات الحديثة، ومذكرة لهوغارث عن الاتفاقية البريطانية ـ الفرنسية ـ الروسية وخلفيتها، ومذكرات للورنس عن مقابلاته مع الشريف حسين وموقفه العقائدي ورأيه في العقائد الإسلامية "للمذهب الوهابي" [3] ، ومذكرة أعدت في (المكتب العربي)
بالقاهرة بعنوان "مصر والحركة العربية" ومذكرة عن مباحثات أجراها الكرنل ويلسن والميجر كورنواليس مع الأمير عبد الله ، ومذكرة "الزعماء السوريين السبعة" إلى الحكومة البريطانية عن مستقبل البلاد العربية بعد الحرب، ورد الحكومة البريطانية عليها الذي سلم إلى اثنين منهم بواسطة الكوماندر هوغارث ، وتقارير مفصلة للمعتمد البريطاني في جدة إلى وينغيت عن ثلاث محادثات مطولة أجراها مع الملك حسين، ومذكرة للجنرال كلايتن عن الحالة الذهنية للملك حسين بسبب عدم اطمئنانه لسياسة الحكومة البريطانية إزاءه . ثم خلاصة مهمة وتفصيلية عن "ثورة الحجاز" أعدت في رئاسة الأركان العامة. ومذكرة تفصيلية عن (التزامات بريطانية للملك حسين) وأخرى عن (التزامات بريطانية للأمير عبد العزيز بن سعود).
الوثائق عن نجد
ويختص (القسم الثاني) من المجموعة بالوثائق البريطانية المتعلقة بأمير نجد عبد العزيز بن سعود والمراسلات معه ومع الجهات المعنية حول علاقاته بابن رشيد وبالملك حسين. وهو يحتوي أيضاً على تقرير مفصل من الكرنل هاملتن، المعتمد السياسي في الكويت عن محادثات أجراها في الرياض مع الأمير عبد العزيز آل سعود ، كما يحتوي على مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الأمير عبد العزيز آل سعود والملك حسين . ومن أهم محتويات هذا القسم أيضاً مذكرة مفصلة للسير برسي كوكس عن "علاقات بريطانية مع ابن سعود" (تسلسل 197) وتقرير مفصل كتبه فيلبي عن البعثة التي ترأسها إلى الرياض واستغرقت سنة كاملة للتعامل مع (الإمام) عبد العزيز آل سعود في أمور معينة ذات أهمية متبادلة، مع ملاحق عديدة تحتوي على وثائق مهمة تتعلق بالموضوع.
* * *
أما الأسلوب الذي اتبع في نقل هذه الوثائق وترجمتها، فهو كما ذكرنا في الأجزاء السابقة ، يتوخى الدقة التامة، دون أي حذف أو تعديل في الوثيقة أو تصرف في ترجمتها. وذلك هو المبدأ الذي التزمنا به في هذه الموسوعة على الدوام.
وتحتوي المجموعة، شأن المجموعات السابقة أيضاً ، على فهرس تحليلي مفصل يتضمن خلاصات لكل وثيقة من الوثائق المدرجة في المجموعة، وذلك تسهيلاً لمراجعتها، كما تحتوي على نبذة عن أهم الشخصيات التي ورد ذكرها في الوثائق أو أسهمت في إعدادها.
وأكرر بهذه المناسبة شكري الفائق للأستاذ سليمان موسى الذي تفضل بقراءة الكتاب وأبدى عليه ملاحظات وتصحيحات قيمة، كما سمح بنقل الأصل العربي لخمس عشرة وثيقة سبق له أن نشرها نقلاً عن أوراق الأمير زيد، وبذلك أعفانا من إعادة ترجمتها إلى العربية نقلاً عن الترجمة الإنكليزية.
أما ما تبقى في الكتاب من أخطاء ونواقص فتقع تبعتها على كاتب هذه السطور وحده.
ويلي هذا الجزء الثالث، الجزء الرابع الذي سيختص بالوثائق البريطانية عن الجزيرة العربية لسنة 1919 ، والله ولي التوفيق.
نجدة فتحي صفوة
-------------------