" الرائع فهد السلمان " ... !!!
اترككم مع المبدع الاستاذ فهد السلمان ( على قامة الريح) جريدة الرياض ,, الجمعه !!!
[font=Arial Narrow] [B](( المواجهة بالغوغاء المواجهة بالوعي! ))[/[/B]font][font=Arial Black]فهد السلمان
لا أحد يستطيع أن ينكر على الشارع العربي والإسلامي حقه في الدفاع عن دينه ومعتقده.. أمام كل من يحاول الاستخفاف بالمشاعر الدينية أو الاستفزاز بالتعرض أو الازدراء للأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام.. هذا حق لا شك ولا جدال فيه.. على قاعدة لكم دينكم ولي دين.. رغم أنني أشك كثيرا في أن يكون دافع الغرب العلماني بهذه الأعمال المُنكرة هو استعداء الأديان الأخرى، وهو الذي لم يعد يستمد منطقه من تعاليم الكنيسة.. بقدر ما أصبح يتعامل وفق مقاييس الحياة المادية التي يزعم أنها هي إكسير حضارته الراهنة و التي تمرد من خلالها على كل النواميس والقيم.
يجب أن ندرك تماما أنها ليست كما يتصورها البعض حرباً بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي.. أو حرب الفسطاطين وفق التعبير الشهير لابن لادن.
هنالك معطيات كثيرة في الفكر الغربي يجب في تقديري أن نتفهمها قبل أن نخوض معهم مثل هذه المعركة التي اختاروا هم توقيتها بكثير من الغباء، بحجة محاربة العنف.. يكفي أن نعلم أن هذه البلدان التي انعتقت حتى من تعاليم الكنيسة، والتي شرعنت الزواج المثلي، ووفرت الكثير من الضمانات الجنسية للشواذ لا يُمكن أن تتفهم منطقا يقوم بكليته على قيم المعتقد وأخلاقياته.. لذلك حتى لو اعتذرت الصحيفة واعتذر وراءها رئيس الوزراء والملكة.. أو استقال وزير في إيطاليا لموقفه الأشد استفزازا.. فإن الأمر لن يعدو أكثر من سحب الذريعة لإطفاء هذه الحرائق مؤقتا، وبالتالي إشعالها في وقت آخر وبترتيبات أدق وأعمق وهذا ما نخشاه فعلا.
لاحظوا أن الغرب هو الذي وضع النبي محمداً صلى الله عليه وسلم على رأس أهم (100) شخصية غيرت وجه الكون (مايكل هارت).
الموضوع بالتأكيد يحتاج إلى تفصيلات أكثر.. قد لا تستوعبها هذه الزاوية.. أرجو أن تتاح لي الفرصة للعودة لمناقشتها.. لكني وإزاء ما حدث ويحدث من غليان في الشارع الإسلامي جهة هذا العدوان، وأمام هذه الأعداد من القتلى في ليبيا، نيجيريا، باكستان، تركيا أعتقد أننا بتنا نكرّس أمامهم تهمة العدوانية بالعدوان حتى على الذات والممتلكات، وهنا أتساءل : لماذا يقتل هؤلاء أنفسهم؟.. هم ليسوا في مواجهة مباشرة مع الخصوم.. إذن لماذا يموتون هكذا طالما أنهم يخرجون كلهم في ديارهم نصرة لنبيهم الكريم.؟..
أنا لا أستطيع أن أفهم ما يجري من قبل البعض إلاّ على أنه استغلال لتلك المشاعر الدينية التي لا يُمكن أن تجد من يعترض عليها حتى من قبل الشريك غير المسلم الذي يعيش في هذه البلدان على اعتبار أنه تشرّب ثقافتها بكل ما فيها من القيم، وذلك للتنفيس عن مكبوتات ما تجاه الأنظمة أو السياسات، وإلا فما هو الدافع لأن يقتتل الناس فيما بينهم وبين قوى الأمن التي لا بدّ وأنها تُشاركهم ذات المشاعر؟، لماذا يخرّبون بيوتهم بأيديهم؟.. ألم يُقدّم هؤلاء صورة غير مشرفة للإسلام من حيث يريدون أو يزعمون الدفاع عنه؟.. أليست هذه الغوغائيات ازدراء آخر للدين الذي تزعم باطلا أنها تنتصر له.. حيث تعطي الآخر ملمحا للعدوانية حتى على الذات في سياق المواجهة معه؟.. أليس الأمر هكذا، أو يُمكن أن يُفسّر هكذا؟.
هنا في المملكة حيث بدأت المواجهة من خلال الموقف الشعبي الذي قاده بعض رجال الأعمال ممن دعوا لمقاطعة المنتجات الدانماركية
وتبعته الحكومة بهدوء باستدعاء السفير للتشاور.. بدا التصرف أكثر حضارية وأكثر لياقة بالانتساب إلى دين نُريد أن نقول للعالم كله إنه دين الرحمة والمحبة والإنسانية، وليس دين التدمير والتخريب والتقتيل.. في مساق مساعي الأمة لطمس تلك الصورة التي رسمتها له أحداث سبتمبر.. فإذا بالبعض يحوّل تلك النصرة إلى تجييش لكل الغوغائيات بلا حساب.
في الأردن أيضا كانت صورة التعبير عن الاستنكار أكثر وعيا حينما دعت وزارة التربية والتعليم الأردنية كافة الطلاب والطالبات إلى الصيام لمدة يوم واحد نصرة للنبي الكريم.. وهو أسلوب تربوي بالغ الدلالة.. مهذب التعبير.. يقدم الرسالة المطلوبة للآخرين دون دماء أو حرائق.
إنني أعتقد أننا لسنا في وارد المواجهة المسلحة مع الغرب الذي عاد الآن ليستعمرنا.. ها هي جيوشه وعتاده العسكري على تخومنا وفي خواصرنا.. لذلك فإن أفضل أنواع المواجهة هي في أن يُرى الإسلام بصورته الإنسانية الناصعة التي لم يُشوهها المتطرفون ومختطفو الحقيقة.. علينا أن نجعلهم رغماً عنهم وبخلق الإسلام ونبله يعيدون حساباتهم مع أهله ليخرجوه من دائرة الخصومة السياسية.
--------------------------------------------------------------------------------[/font]
