رؤية خاصة.. !!؟
by
, 03-02-2010 at 05:55 (4423 المشاهدات)
قالت : لماذا كلما حدثتك في أمرٍ من الأمور تجره إلى أمورٍ أكثر تفصيلاً وأكثر تفريعاً.. !!؟
قلت : كل الأشياء الكبيرة في الدنيا التي تشكل أمور حياتنا كانت في بدايتها أشياء صغيرة..
لهذا كثيراً ما أجد في نفسي رغبة دائمة في إعادتها إلى حالة بدء حالها.. لأفهمها خير إفهام وأدركها خير إدراك..
فكل شئ في الدنيا يجب أن نرسله إلى أعماقه ونشأته ونخرج منه بأكثر التفاصيل لنفهمه وندركه.. فذلك أجده من أهم الطرق التي تنقل بنا إلى عالم أكثر وضوحاً وأكثر إقناعاً.. مما سنخرج بأدق الحلول وأكثرها نجاحاً.. لهذا كلما حدثتيني في أمرٍ من الأمور أسافر إلى عالم فسيح وواسع لا تتوقف فيه الأشياء عندي على شئ.. فأنها تنطلق إلى عليا سماءها لترينا تربتها وتكشف لنا حقيقة جذورها..
فأهتمامي بالأشياء الصغيرة لكل شئ كبير.. يجعلني أرى حقيقته بنظور عاقل وواقعي..
قالت : هل لكّ أن تمثل لي بشئ من منظورعالمك وقدرتك على تفهم الأشياء.. ؟؟
قلت : هناك الخارجين عن ديننا وعن نبينا.. ويعبدون إلهً لا وجود له.. لهم عقولاً ولكنهم لا يتفكرون
فلو نظروا إلى الدنيا بأعين نظرة عاقلة وواعية لوجدوا أنه لا إله إلآ الله.. ولا ديناً أكثر أحقية وفضلاً غير الإسلام ..
فكلنا نمر بأحوال الدنيا كل يوم.. نعيش نهاراً من نهارها وليلاً من ليلها وفصلأ من فصولها
فلو نلاحظ التفاوت والتعاقب فيما بينها على مدى الوجود لوجدنا أن كل شئ يأتي على موعده..
فالشمس تخرج في النهار.. والقمر والنجوم تخرج في الليل.. والمطر والغيوم والسحب تهطل في فصل الشتاء..
وحدائق الربيع تظهر في فصل الربيع.. وتساقط أوراقها يأتي في فصل الخريف..
فلم يرى منا أحداً نهاراً وجاء في وسطه ظلام الليل وظهر فيه القمر.. ولم نرى ليلاً جاءت في كبده الشمس.. وشاع نور النهار فيه..
ولم نرى أتيان السحب ببرقها ورعدها في فصل الصيف.. ولم نرى ذبول وتساقط الأوراق في فصل الربيع..
ولم تنبت وتخضّر الأشجار في فصل الخريف.. فكل شئ يأتي على موعده حتى الجهات الأربعة مازالت على وجهتها ولم تتغير..
فهذا أجده دليلاً أكثر رؤية على أن هذه الأشياء يدير أمورها إله واحد لا إله غيره هو الله رب الكون وخالقه..
فلو كان غير ذلك لرأينا تداخلها مع بعضها.. ولكنها باقية على وقتها لا يغيرها إلآ خالقها.. -والله أعلم-
قالت : هذا منطقي وعاقل.. وأعتقد لو جميعنا نظرنا للأشياء بهذه الطريقة والتفكر
ما عسّر فينا أيَّ أمرٍ من الأمور التي تحتاج منا أكثر رؤية وأكثر حكّمة..
فكل منطق حقيقي يحتاج إيمان وصدق ووقفة عاقلة..
فأن فقدنا ذلك لكثر في نفوسنا الكثير من الإختلافات وأصبحنا مختلفين عن بعضنا..
فما رأيك في ذلك.. ؟
قلت : وماذا تقصدين بمنطق الإختلافات !؟
قالت : أن يتغلب المنطق في داخلي على المنطق الذي في داخلك ونكون مختلفين عن بعضنا..
إما أن يكون رأيي أكثر سداداً من رأيك أو يكون رأيك أكثر سداداً من رأيي..
قلت : كل شئ في هذه الحياة لمثل هذه الأمور جائز فكلنا بشر مرة نختلف فيما بيننا و أخرى نتفق فيما بيننا..
ويتفاوت في داخلنا مفهومنا للأشياء.. بحيث يكون لكل إنسان مفهوم خاص به.. يتفق معه من يتفق.. ويختلف معه من يختلف..
فالكثير منا في عالم اليوم من يصرَّ على موقفه ويتمسك به برغم أختلاف الجميع له.. لأن الإيمان الذي في داخله لذلك المنطق
جعله يراه برؤية غير التي يراها من أختلف معه..
لهذا كان إصراره إصراراً لا يراه إلا بعينه وروحه سواء كان منطق سليم أو منطق سيئ..
والكثير أيضاً منا من يدرك حقيقة صادقة من حقائق الأمور فيجد الكثير من حوله يختلف كثيراً معه بما أتى به..
فتجدينه إما أعداءه كثير وإما حاسديه أكثر.. فتسلّلت الحيرة إلى داخله وعاش في حيرة من أمره..
إما أن يكون بين صفوفهم وإما يبتعد عنهم مصرّاً على حقيقة أمره..
فدائما تجدين إختلافات الناس فيما بينهم إختلاف مع الأنفس أكثر من أختلافها مع ما جاءت به.. !!
فالأول يختلف مع الآخر في رأيه لأنه لا يحبه ويكرهه.. لا لأنه يرى في رأيه الخطأ وعدم الصواب..
فالكثير من البشر يعيشوا في نفوس الناس أكثر من أن يعيشوا في نفوسهم..
فلا يرى الأمر من جهة الصواب أو الخطأ أو الحق أو الباطل يراه بعلاقته مع هذا الشخص
فإن كان يحبه ويعجبه أتفق مع رأيه.. وإن كان لا يحبه ولا يعجبه أختلف مع رأيه حتى لو كان صحيحاً..
فهذا التفاوت والتعامل الذي يتعامل به البشر فيما بينهم تفاوت نفسي يحتاج إلى جلسة مع النفس ومحاسبة الذات في أمره..
بحيث يجلس المرء مع نفسه جلسة عاقله يراجع فيها موقفه الذي أفقده الكثير من الناس..
ويراجع عقله الذي أفقده إنسانيته.. علّه يجدها يوماً من الأيام..
قالت : أتعلم أحياناً أشعر أن الأختلاف بين البشر لا يشترط فيه البعد عن بعضهم..
فربما يكونوا على رغم إختلافهم أكثر قرباً وإنسجاماً..
قلت : إذا كان إختلافهم فكراً وإتجاهاً لا يصل بهم الحال إلا على التباعد فيما بينهم..
فالتناقض الذي يحوم بعلاقتهم لن يجعلهم على البقاء مع بعضهم حتماً سيفترق كلٌّ منهم..
قالت : حتى أتفاقهم مع بعضهم في كل شئ حتماً سيبعث في داخلهم روح الإعتياد على الأشياء
فيصيح الملل بينهم مما سيتنفسون فراقهم عن بعضهم..
قلت : هذا إن لم يكن بينهم مشاعر تربطهم فيما بينهم.. وإلا رحل كلاً منهما مع إختلافه في أتجاه آخر..
فالتوافق الذي يربط إنسان بإنسان أخر يجب أن يكون أولاً ربطاًً بالمشاعر ثم الفكر ثم الأتجاه ثم التفاهم ثم وصولاً إلى التوافق والإنسجام..
حينها لا يتسرب إلى حياتهم مللاً ولا كدراً..
قالت : هناك في العمل الذي أعمل فيه زميله من زميلاتي دائماً يكثر بيننا الكثير من الخلافات والتناقض
ورغم ذلك مازالت معي تعدّ أعز زميلاتي..
قلت : مشاعر الزماله في الأعمال تختلف عن مشاعر غيرها.. فنحن نتكلم عن الملّل الذي يلحق
البعض في توافقهم مع كل الاشياء الذين تربطهم علاقة دائمة كوجودهم في سكن واحد..
أما الذين يلتقون مع بعضهم في بعض الأوقات ويختلفون فيما بينهم في الكثير من الأشياء.. ويجدون بعد هذا الأختلاف علاقة حميمة
لا يزلزلها تناقض ولا غيره.. لايعتبرون ضمن إطار العلاقة التي نتحدث عنها..
قالت : الآن أدركت ما تقصده في كلامك.. ولكن ما اقصده في كلامي تلك العلاقات التي تحدث
في ساحات العامة وتجتمع في إطار واحد..
قلت : العام يدخل فيه عامة الأشياء.. والخاص يدخل فيه خاصة الأشياء..
فمن نراه في بعض الأوقات لا تربطنا به علاقة دائمة.. ومن نراه في كل الأوقات ليلاً ونهاراً تربطنا به علاقة حميمة..
قالت : وماذا عن العلاقة التي تربط الرجل في المرأة.. أجد أننا لا نستطيع أن نحصرها بقاعدة ثابته..
قلت : هذا يتوقف على نوع العلاقة التي بينهم.. فعلاقة الحب لها أركانها..
وعلاقة الصداقة لها أركانها.. والعلاقة العابره لها أيضاً أركانها.. وبين ركن وركن آخر دعم لبقية الأركان..
فإذا أجتمعت أركان الحب أكتمل الحب.. وإن خلَّ ركن من أركانه أختلت العلاقة..
كذلك الصداقة إذا أكتملت أركانها صدقت في وجودها.. وإذا أختل فيها شئ أختل فيها كل باقيها..
أما العلاقة العابرة التي تربط زميل بزميل له في العمل وقليل ما يجتمعون خارجه هي علاقة
ضرورية لضرورة العمل لإنتاج أفضل الأعمال والترابط فيما بينهم..
إلا من أجتمع كثيراً خارج العمل.. فربما تصل العلاقة بينهم إلى أكثر من علاقة عمل..
قالت : الحب حالة فردية.. وتختلف قواعده حسب إختلاف الأشخاص.. فليس له قاعدة ثابته..
قلت : الحب قاعدته ثابته ولن تتغير.. ولكن قاعدة الأشخاص هي التي تتغير وتختلف كثيراً..
فالحب هو الحب نفسه الذي كان في العصور القديمة كما سيكون في العصور القادمة...
وكلما أبتعد الإنسان عن قاعدة الحب كلما أبتعد عن قاعدة نفسه..
إذاً تمسك الإنسان في الحب ثباتاً له في نفسه وفي مشاعره..
قالت : وهل من الممكن أن يحب الإنسان إنسان آخر رغم الأختلاف الكثير بينهم.. ؟؟
قلت : إن حدث ذلك أشك بأنه حباً بل إحتياجاً.. فما دام الأختلاف موجوداً من البداية..
فكيف بدأ هذا الحب بدايته دام هناك أختلافاً بينهم.. !!؟
فما هو إلآ إحتياجاً للحب لكثرة تواجدهم في أختلافهم.. ووجود الحب بينهم ماهو إلآ إنتهاء الأختلاف مع بعضهم..
وخلافاتهم مازالت تتنفس بينهم..
قالت : هناك بشراً تبتلى في حبهم فلا يجدون لحياتهم مستقر غير مع أحبابهم..
قلت : من الصعب أن يحب الإنسان إنساناً آخر ويرى فيه أختلافه في كل شئ..
وإذا أبتلاهُ الحب فيه.. فحتماً ما يكتشف بسبب هذا الأختلاف أنه لا يجب أن يستمر هذا الحب..
ولا يبقى بداخله أبداً دام ذلك الأختلاف ينبض بينهم..
وإذا أستمر ذلك الحب ولا مفرَّ منه غير البقاء فيه.. فحتماً تنتهي كل تلك الأختلافات..
لأن الحب يمزج الأرواح مع بعضها ويجعل العاشق يرى بعين معشوقه.. ويفكر بعقله.. ويرى كل تفاصيل الحياة في داخله..
أن لهذا الحب روحاً غير كل تلك الأرواح.. تجعل أصحابها تحلق إلى عالم أكثر طهارة وأكثر رؤية..