ذاكرة الرحيل ...
by
, 04-02-2010 at 15:33 (5313 المشاهدات)
من الحكمة المكتشفة مؤخراً علينا أن لا نجعل قلوبنا مراتع لكل من يحيط بها فمن الممكن أن تهب رياح الجحيم لتحولهم الى رماد مبعثر بفعل يوم غابر ..
علينا أن نعيذ قلوبنا بتراتيل الغياب و أن نشد العزم لتصبح قلوبنا قاسية صلدة كالحديد لا تلين ولا تستلين .. فلا يؤخذ منها حاجة
أو يتساقط منها عبرات فالعبرات سوف تغرقنا في فيض من الأحزان ...ويحدث الانكسار الذي يدمر فيما بعد حياننا ويجعلنا عبارة عن ريشات متطايرة في يوم ذي ريح عاتية.
فكم من قلب تجلت عليه بصمات من انقلب عليه وأخطأ بحقه فأصبح لا يأخذ ولا يمنح أي شيء .... وكم من قلب بقي صنديد كالحديد رسم بصمات المخطئين لا تمحيها أمطار ولا تبعثرها رياح ...فلننظر أيننا بين هذه القلوب ..
لنتعلم كيف نتجاهل وننسى آلامنا لتندمل جراحنا ويجف دمها وأن تموت قلوبنا قبل أن تضربها عواصف الحب فتصبح مجرد موطن للذكرى.
إن تصفح ذكريات القلب يجعلها تداعب حاضرنا و تقودنا الى التراجع و القهقهرة نحو الوراء ونصبح كمن فتح نافذة على مصراعيها لولوج الاعاصير وهي في قمة شدتها أملاً في عبور نسيم لطيف وعليل على القلب مما يؤدي الى أن يصبح القلب وصاحبة عبارة عن نواة الاعصار دونما رجاء في العودة ولا أمل في انقاذ اي شيء مما تم اعتصاره..
ومن الحكمة المكتشفة مؤخراً والتي لا نطبقها هي أن نلوذ لعالم الكتابة طلباً للشفاء من وباء الذكرى مما يخلق في أرواحنا الغصة تلو الغصة على مسامع ومرآى من الذين لا يحتاجون الا لكلمة ليبادروا الى ممارسة دور اغراقنا بكل وحشية وعنف فتتحول حياتنا الى صحراء مزروعة بالهموم ...
ونتأمل الآفق ويتردد في نفوسنا سؤال ياترى وبعد ذاكرة الرحيل ماذا يخبئ لنا الزمان ...؟
فهل نتفائل ونتخلص من الجروح و الهموم التي زرعها فينا الاصدقاء و الاحبة أم نبقى أسرى لعالم الذكرى ...
إلى أين يقودنا المسار إلى نيران مشتعلة ومستعرة أم إلى زمن آخر يقص علينا الحكايا من جديد ، قصص صالحة
للعائدين الى الجحيم ولقاصديه .. إن اليأس من جدوائية كل المسارات يحتم علينا أن نلوذ الى عالم
النسيان ...وحينما ينام الجميع سوف ننشد تراتيل الموت والأشواق و الحنين إلى كل ما مات في ماضي الزمان ...